362 -  أبو عمرو الأوزاعي  
ومنهم العلم المنشور ، والحكم المشهور ، الإمام المبجل ، والمقدام المفضل ،  عبد الرحمن بن عمرو أبو عمرو الأوزاعي  ، - رضي الله تعالى عنه - كان واحد زمانه ، وإمام عصره وأوانه ، كان ممن لا يخاف في الله لومة لائم ، مقوالا بالحق لا يخاف سطوة العظائم    . 
حدثنا إبراهيم بن عبد الله  ، ثنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم  ، ثنا سلم بن جنادة  ، ثنا أبو سعد الثعلبي  ، قال : لما خرج إبراهيم  ومحمد  على  أبي جعفر المنصور  أراد أهل الثغور أن يعينوه عليهما فأبوا ذلك فوقع في يد ملك الروم الألوف من المسلمين أسرى - وكان ملك الروم يحب أن يفادي بهم ويأبى أبو جعفر    - فكتب  الأوزاعي  إلى أبي جعفر  كتابا : أما بعد فإن الله - تعالى - استرعاك أمر هذه الأمة لتكون فيها بالقسط قائما  ، وبنبيه - صلى الله عليه وسلم - في خفض الجناح والرأفة متشبها ، وأسأل الله - تعالى - أن يسكن على أمير المؤمنين دهماء هذه الأمة ، ويرزقه رحمتها ، فإن سايحة المشركين غلبت عام أول ، وموطئهم حريم المسلمين ، واستنزالهم العواتق والذراري من المعاقل والحصون ، وكان ذلك بذنوب العباد وما عفا الله عنه أكثر ، فبذنوب العباد استنزلت العواتق والذراري من المعاقل والحصون  ، لا يلقون لهم ناصرا ، ولا عنهم مدافعا ، كاشفات من رءوسهن وأقدامهن ، فكان ذلك بمرأى ومسمع ، وحيث ينظر الله إلى خلقه ، وإعراضهم عنه ، فليتق الله أمير المؤمنين وليتبع بالمفادات بهم من الله سبيلا ، وليخرج من محجة الله تعالى ، فإن الله - تعالى - قال لنبيه : ( وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء    ) ( والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا    ) والله يا أمير المؤمنين ما لهم يومئذ فيء   [ ص: 136 ] موقوف ، ولا ذمة تؤدي خراجا إلا خاصة أموالهم ، وقد بلغني عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " إني لأسمع بكاء الصبي خلفي في الصلاة فأتجوز فيها مخافة أن تفتتن أمه   " فكيف بتخليتهم يا أمير المؤمنين في أيدي عدوهم يمتهنونهم ويتكشفون منهم ما لا نستحله نحن إلا بنكاح ؟ وأنت راعي الله ، والله - تعالى - فوقك ومستوف منك ، يوم توضع ( الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين    ) فلما وصل إليه كتابه أمر بالفداء   . 
حدثنا سليمان بن أحمد  ، ثنا أحمد بن يزيد الحوطي    - فيما أرى - ثنا محمد بن مصعب القرقساني  ح . وحدثنا عبد الله بن محمد بن عثمان الواسطي    - واللفظ له - ثنا محمد بن محمد بن سليمان  ،  ومحمد بن مخلد  ، قالا : ثنا أحمد بن عبيد بن ناصح  ، حدثني محمد بن مصعب القرقساني  ، حدثني  الأوزاعي  ، قال : بعث إلي  أبو جعفر أمير المؤمنين  وأنا بالساحل  فأتيته ، فلما وصلت إليه وسلمت عليه بالخلافة ، رد علي واستجلسني ثم قال :ما الذي أبطأ بك عنا ياأوزاعي  ؟ قلت : وما الذي تريد يا أمير المؤمنين ؟ قال : أريد الأخذ عنكم والاقتباس منكم ، قلت : يا أمير المؤمنين انظر ولا تجهل شيئا مما أقول لك ، قال : وكيف أجهله وأنا أسألك عنه وقد وجهت فيه إليك وأقدمتك له ؟ قلت : أن تسمعه ولا تعمل به ، قال : فصاح بي الربيع  وأهوى بيده إلى السيف ، فانتهره المنصور  وقال : هذا مجلس مثوبة لا عقوبة ، فطابت نفسي وانبسطت في الكلام ، فقلت : يا أمير المؤمنين ، حدثني مكحول  ، عن عطية - يعني ابن بسر  قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أيما عبد جاءته موعظة من الله في دينه فإنها نعمة من الله سيقت إليه  ، فإن قبلها بشكر وإلا كانت حجة عليه من الله ليزداد بها إثما ويزداد الله بها عليه سخطة   " يا أمير المؤمنين ، حدثني مكحول  ، عن عطية بن بسر  قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أيما وال بات غاشا لرعيته حرم الله عليه الجنة    " يا أمير المؤمنين من كره الحق فقد كره الله ، إن الله هو الحق المبين ، يا أمير المؤمنين إن الذي يلين قلوب أمتكم لكم حين ولاكم أمرهم لقرابتكم من النبي - صلى الله عليه وسلم - فقد كان   [ ص: 137 ] بكم رؤوفا رحيما ، مواسيا بنفسه لهم في ذات يده وعند الناس ، فحقيق أن يقوم لهم فيهم بالحق ، وأن يكون بالقسط له فيهم قائما ، ولعوراتهم ساترا ، لم تغلق عليه دونهم الأبواب ، ولم يقم عليه دونهم الحجاب ، يبتهج بالنعمة عندهم ، ويبتئس بما أصابهم من سوء ، يا أمير المؤمنين قد كنت في شغل شاغل من خاصة نفسك ، عن عامة الناس الذين أصبحت تملكهم ، أحمرهم وأسودهم ، ومسلمهم وكافرهم ، فكل له عليك نصيبه من العدل ، فكيف إذا اتبعك منهم فئام وراءهم فئام ، ليس منهم أحد إلا وهو يشكو بلية أدخلتها عليه ، أو ظلامة سقتها إليه ، يا أمير المؤمنين ، حدثني مكحول  ، عن  عروة بن رويم  ، قال : " كانت بيد النبي - صلى الله عليه وسلم - جريدة يستاك بها ، ويروع بها المنافقين ، فأتاه جبريل    - عليه السلام فقال : يا محمد  ما هذه الجريدة التي كسرت بها قرون أمتك ، وملأت قلوبهم رعبا ؟ " فكيف بمن شقق أبشارهم وسفك دماءهم ، وخرب ديارهم ، وأجلاهم عن بلادهم ، وغيبهم الخوف منه ، يا أمير المؤمنين ، حدثني مكحول  عن زياد بن جارية  ، عن  حبيب بن مسلمة  أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دعا إلى القصاص من نفسه في خدشة خدش أعرابيا لم يتعمدها  فأتاه جبريل  فقال : يا محمد  ، إن الله لم يبعثك جبارا ولا مستكبرا ، فدعا النبي - صلى الله عليه وسلم - الأعرابي فقال : اقتص مني ، فقال الأعرابي : قد أحللتك بأبي أنت وأمي ، ما كنت لأفعل ذلك أبدا ، ولو أتت على نفسي ، فدعا له بخير  - يا أمير المؤمنين رض نفسك لنفسك ، وخذ لها الأمان من ربك ، وارغب في جنة عرضها السماوات والأرض التي يقول فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لقاب قوس أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما فيها   " يا أمير المؤمنين ، إن الملك لو بقي لمن قبلك لم يصل إليك ، وكذلك لا يبقى لك كما لم يبق لغيرك ، يا أمير المؤمنين تدري ما جاء في تأويل هذه الآية عن جدك : ( مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها     ) قال : الصغيرة التبسم والكبيرة الضحك ، فكيف بما عملته الأيدي وحدثته الألسن ، يا أمير المؤمنين بلغني عن  عمر بن الخطاب    - رضي الله تعالى عنه - أنه قال : لو ماتت سخلة على شاطئ الفرات ضيعة   [ ص: 138 ] لخفت أن أسأل عنها ، فكيف بمن حرم عدلك وهو على بساطك ؟ يا أمير المؤمنين ، أتدري ما جاء في تأويل هذه الآية عن جدك : ( يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى     ) قال :يا داود  إذا قعد الخصمان بين يديك فكان لك في أحدهما هوى ، فلا تمنين في نفسك أن يكون له الحق فيفلج على صاحبه فأمحوك من نبوتي ، ثم لا تكون خليفتي ولا كرامة ، يا داود  إنما جعلت رسلي إلى عبادي رعاء كرعاء الإبل لعلمهم بالرعاية ورفقهم بالسياسة ، ليجبروا الكسير ، ويدلوا الهزيل على الكلأ والماء ، يا أمير المؤمنين إنك قد بليت بأمر عظيم لو عرض على السماوات والأرض والجبال لأبين أن يحملنه وأشفقن منه 
يا أمير المؤمنين حدثني  يزيد بن مزيد  ، عن جابر  ، عن عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري    : أن -  عمر بن الخطاب  استعمل من الأنصار  رجلا على الصدقة ، فرآه بعد أيام مقيما ، فقال له : ما منعك من الخروج إلى عملك ؟ أما علمت أن لك مثل أجر المجاهدين في سبيل الله ؟ قال : لا ، قال - عمر    : وكيف ذاك ؟ قال : لأنه بلغني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : "ما من وال يلي من أمور الناس شيئا إلا أتي به يوم القيامة فيوقف على جسر من نار فينتفض به الجسر انتفاضا يزيل كل عضو منه عن موضعه ، ثم يعاد فيحاسب ، فإن كان محسنا نجا بإحسانه ، وإن كان مسيئا انخرق به ذلك الجسر فهوى به في النار سبعين خريفا " فقال له - عمر    : ممن سمعت هذا ؟ قال : من أبي ذر  ، وسلمان  ، فأرسل إليهما   - عمر  فسألهما فقالا : نعم سمعناه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال - عمر    : واعمراه ، من يتولاها بما فيها ؟ فقال أبو ذر  من سلت الله أنفه ، وألصق خده بالأرض . فأخذ أبو جعفر  المنديل فوضعه على وجهه فبكى وانتحب حتى أبكاني ، فقلت : يا أمير المؤمنين قد سأل جدك العباس  النبي - صلى الله عليه وسلم - إمارة على مكة  والطائف  فقال له : " يا عباس  ، يا عم النبي ، نفس تحييها خير من إمارة لا تحصيها    " هي نصيحة منه لعمه وشفقة منه عليه ؛ لأنه لا يغني عنه من الله شيئا ، أوحى الله - تعالى - إليه : ( وأنذر عشيرتك الأقربين    ) فقال : " يا عباس  ، يا صفية  عمة النبي ، إني لست أغني عنكم من   [ ص: 139 ] الله شيئا إلا لي عملي ولكم عملكم ، وقد قال عمر    - رضي الله تعالى عنه - : لا يقيم أمر الناس إلا حصيف العقل أريب العقدة ، لا يطلع منه على عورة ، ولا يحنو على حوية ولا تأخذه في الله لومة لائم . وقال : السلطان أربعة أمراء  ؛ فأمير قوي ظلف نفسه وعماله ، فذاك المجاهد في سبيل الله ، يد الله باسطة عليه بالرحمة ، وأمير ضعيف ظلف نفسه وأرتع عماله فضعف فهو على شفا هلاك إلا أن يرحمه الله ، وأمير ظلف عماله وأرتع نفسه ] فذلك الحطمة الذي قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " شر الرعاء الحطمة " فهو الهالك وحده ، وأمير أرتع نفسه وعماله فهلكوا جميعا   . 
وقد بلغني يا أمير المؤمنين أن جبريل    - عليه السلام - أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : أتيتك حين أمر الله - عز وجل - بمنافيخ النار فوضعت على النار تسعر ليوم القيامة ، فقال له : يا جبريل  صف لي النار  فقال : إن الله أمر بها فأوقدت ألف عام حتى احمرت ، ثم أوقد عليها ألف عام حتى اصفرت ، ثم أوقد عليها ألف عام حتى اسودت ، فهي سوداء مظلمة لا يضيء لهبها ولا جمرها ، والذي بعثك بالحق لو أن ثوبا من ثياب أهل النار أظهر لأهل الأرض لماتوا جميعا  ، ولو أن ذنوبا من شرابها صب في ماء الأرض لقتل من ذاقه ، ولو أن ذراعا من السلسلة التي ذكر الله - تعالى - وضع على جبال الأرض جميعا لذابت وما استقرت ، ولو أن رجلا دخل النار ، ثم أخرج منها لمات أهل الأرض من نتن ريحه ، وتشويه خلقه وعظمه . فبكى النبي - صلى الله عليه وسلم - وبكى جبريل  لبكائه ، فقال : أتبكي يا محمد  ، وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ قال : أفلا أكون عبدا شكورا ؟ ولم بكيت يا جبريل  وأنت الروح الأمين أمين الله على وحيه ؟ قال : أخاف أن أبتلى بما ابتلي به هاروت  وماروت  فهو الذي منعني من اتكالي على منزلتي عند ربي فأكون قد أمنت مكره ، فلم يزالا يبكيان حتى نوديا من السماء : أن يا جبريل  ويا محمد  إن الله - تعالى - قد أمنكما أن تعصياه فيعذبكما ، ففضل محمد   [ ص: 140 ] على الأنبياء كفضل جبريل  على ملائكة السماء كلهم    . 
وقد بلغني يا أمير المؤمنين أن  عمر بن الخطاب  قال : اللهم إن كنت تعلم أني أبالي إذا قعد الخصمان بين يدي على من قال الحق من قريب أو بعيد فلا تمهلني طرفة عين ، يا أمير المؤمنين إن أشد الشدة القيام لله بحقه ، وإن أكرم الكرم عند الله التقوى  ، إنه من طلب العز بطاعة الله رفعه الله ، ومن طلبه بمعصية الله أذله الله ووضعه . هذه نصيحتي والسلام عليك . 
ثم نهضت ، فقال لي : إلى أين ؟ فقلت : إلى البلد والوطن بإذن أمير المؤمنين إن شاء الله ، فقال : قد أذنت وشكرت لك نصيحتك وقبلتها بقبول ، والله الموفق للخير والمعين عليه ، وبه أستعين وعليه أتوكل وهو حسبي ونعم الوكيل ، فلا تخلني من مطالعتك إياي بمثلها ، فإنك المقبول غير المتهم في النصيحة ، قلت : أفعل إن شاء الله . قال محمد بن مصعب  فأمر له بمال يستعين به على خروجه فلم يقبله ، وقال : أنا في غنى عنه ، وما كنت لأبيع نصيحتي بعرض من الدنيا كلها ، وعرف المنصور  مذهبه فلم يجد عليه في رده . 
حدثنا أبو علي محمد بن أحمد بن الحسن  ، ثنا  بشر بن موسى  ، ثنا  عبد الله بن صالح العجلي  ، ثنا يحيى بن عبد الملك بن أبي غنية  ، قال : كتب  الأوزاعي  إلى أخ له : أما بعد فإنه قد أحيط بك من كل جانب ، واعلم أنه يسار بك في كل يوم وليلة ، فاحذر الله والمقام بين يديه  ، وأن يكون آخر عهدك به ، والسلام   . 
حدثنا إبراهيم بن عبد الله  ، ثنا محمد بن إسحاق  ، ثنا الحسن بن عبد العزيز  ، ثنا عبد الرحمن بن علي  ، عن هقل  ، عن  الأوزاعي  ، أنه كتب إلى الحكم بن غيلان القيسي    : قد أحببت رحمنا الله وإياك أن يقفك ما عملت من المراء وإن كان على ما تعلم فيه ، وأن تجعل لمعادك في طرفي نهارك نصيبا  ، ولا يستفرغنك إيثار غيره ، ودع امتحان من اتهمت ، وضع أمره على ما قد ظهر لك منه ، فإن ستر عنك خلافا فاحمد الله على عافيته ، وإن عرض لك ببدعة فأعرض عن بدعته ،   [ ص: 141 ] ودع من الجدال ما يفتن القلب  ، وينبت الضغينة ، ويجفي القلب ، ويرق الورع في المنطق والفعل ، ولا تكن ممن يمتحن من لقي بالأوابد ، وما عسى أن يفتري به أحد ، وليكن ما كان منك على سكينة وتواضع تريد به الله ، وليعنك ما عنى الصالحين قبلك ، فإنه قد أعظمهم ثقل الساعة ، فجرت على خدودهم من الخشوع دموعهم وطووا من خوف على ظمأ مناهلهم ، عناهم على أنفسهم وراحتهم على الناس ، نسأل الله أن يرزقنا وإياك علما نافعا ، وخشوعا يؤمننا به من الفزع الأكبر ، إنه أرحم الراحمين ، والسلام عليك   . 
حدثنا إسحاق بن أحمد  ، ثنا إبراهيم بن يوسف بن خالد  ، ثنا  أحمد بن أبي الحواري  ، ثنا  محمد بن يوسف الفريابي  ، عن  الأوزاعي  ، قال : سألني عبد الله بن علي    - والمسودة قيام على رءوسنا بالكافركوبات - فقال : أليس الخلافة وصية لنا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاتل عليها علي  بصفين  ؟ قال : قلت : لو كانت وصية من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما حكم علي  الحكمين قال : فنكس رأسه   . 
حدثنا أبي ، و أبو محمد بن حيان  قالا : ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن  ، ثنا  عباس بن الوليد بن مزيد  ، أخبرني أبي ، ثنا  الأوزاعي  ، قال : قال سليمان    - عليه السلام - لابنه : يا بني عليك بخشية الله فإنها غلبت كل شيء  ، وبلغني أن سليمان    - عليه السلام - قال : يا معشر الجبابرة كيف تصنعون إذا رأيتم الجبار فترون قضاه ؟ يا معشر الجبابرة كيف تصنعون إذا وضع الميزان لفصل القضاء ، وقال سليمان    - عليه السلام - : من عمل سوء فبنفسه بدأ  ، وقال سليمان    - عليه السلام - : كل عمى ولا عمى القلب ، وقال سليمان    - عليه السلام - : لهو العلماء خير من حكمة الجهلاء    . 
حدثنا أبو حامد الغطريفي  ، ثنا  أبو نعيم بن عدي  ، ثنا  العباس بن الوليد بن مزيد  ، أخبرني أبي قال : قال  الأوزاعي    : لهو العلماء خير من حكمة الجهلة    . 
حدثنا أبي ، وأبو محمد بن حيان  ، قالا : ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن  ، ثنا عباس بن الوليد  ، أخبرني أبي قال : سمعت  الأوزاعي  ، يقول : بلغني أنه ما وعظ   [ ص: 142 ] رجل قوما لا يريد به وجه الله إلا زلت عنه القلوب كما زل الماء عن الصفا    . 
قال : وسمعت  الأوزاعي  يقول : ليس ساعة من ساعات الدنيا إلا وهي معروضة على العبد يوم القيامة  يوما فيوما وساعة فساعة ، ولا تمر به ساعة لم يذكر الله - تعالى - فيها إلا تقطعت نفسه عليها حسرات ، فكيف إذا مرت به ساعة مع ساعة ويوم مع يوم [ وليلة مع ليلة ]   . 
وبإسناده قال : سمعت  الأوزاعي  يقول : إن المؤمن يقول قليلا ويعمل كثيرا  ، وإن المنافق يقول كثيرا ويعمل قليلا    . 
حدثنا محمد بن معمر  ، ثنا  أبو شعيب الحراني  ، ثنا يحيى بن عبد الله  ، ثنا  الأوزاعي  ، قال : بلغني أن في السماء ملكا ينادي كل يوم ألا ليت الخلائق لم يخلقوا  ، ويا ليتهم إذ خلقوا عرفوا لما خلقوا له ، وجلسوا مجلسا فذكروا ما عملوا   . 
حدثنا محمد بن عمر بن سلم  ، ثنا  جعفر بن محمد الفريابي  ، ثنا  المسيب بن واضح  ، ثنا  أبو إسحاق الفزاري  ، عن  الأوزاعي  ، قال : كان يقال : خمس كان عليها أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - والتابعون بإحسان : لزوم الجماعة  ، واتباع السنة  ، وعمارة المسجد  ، وتلاوة القرآن  ، والجهاد في سبيل الله    . 
حدثنا أبو بكر بن مالك  ، ثنا عبد الله بن أحمد  ، حدثني الحسن بن عبد العزيز  ، ثنا  عمرو بن أبي سلمة التنيسي  ، ثنا  الأوزاعي  ، قال : رأيت كأن ملكين عرجا بي وأوقفاني بين يدي رب العزة  ، فقال لي : أنت عبدي عبد الرحمن الذي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر فقلت : بعزتك أي رب أنت أعلم قال : فهبطا بي حتى رداني إلى مكاني   . 
حدثنا أبو جعفر محمد بن عبد الله بن سلم القابني  ، ثنا محمد بن منصور البهروني  ، ثنا عبد الله بن عروة  ، قال : سمعت  يوسف بن موسى القطان  ، يحدث أن  الأوزاعي  ، قال : رأيت رب العزة في المنام ، فقال لي يا عبد الرحمن    : أنت الذي تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر  ؟ قلت : بفضلك يا رب ، فقلت : يا رب أمتني   [ ص: 143 ] على الإسلام ، فقال : وعلى السنة   . 
حدثنا أحمد بن علي بن الحارث الموهبي  ، ثنا محمد بن علي بن حبيب  ، ثنا سليمان بن عمر  ، ثنا أبي ، عن  موسى بن أعين  ، قال : قال لي  الأوزاعي    : يا أبا سعيد  كنا نمزح ونضحك ، فأما إذا صرنا يقتدى بنا ، ما أرى يسعنا التبسم    . 
حدثنا إبراهيم بن عبد الله  ، ثنا محمد بن إسحاق  ، ثنا الحسن بن عبد العزيز  ، ثنا  أبو حفص عمرو بن أبي سلمة  عن  الأوزاعي  ، قال : من أكثر ذكر الموت كفاه اليسير  ، ومن علم أن منطقه من عمله قل كلامه  ، قال أبو حفص    : سمعت سعيد بن عبد العزيز  يقول : ما جاء  الأوزاعي  بشيء أعجب إلينا من هذا   . 
حدثنا أحمد بن علي بن الحارث  ، ثنا محمد بن علي بن حبيب  ، ثنا  إبراهيم بن سعيد الجوهري  ، ثنا  بشر بن الوليد  ، قال : رأيت  الأوزاعي  كأنه أعمى من الخشوع ، وقال عبد الله بن أحمد  ، عن إبراهيم  ، عن بشر بن صالح  ، ثنا عبد الله بن محمد بن عثمان الواسطي  ، ثنا عبد الله بن أبي داود  ، ثنا  أحمد بن أبي الحواري  ، ثنا أبو مسهر  ، ثنا محمد بن الأوزاعي  ، قال : قال لي أبي : لو قبلنا من الناس كلما أعطونا لهنا عليهم    . 
حدثنا إسحاق بن أحمد  ، ثنا إبراهيم بن يوسف  ، ثنا  أحمد بن أبي الحواري  ، قال : بلغني أن نصرانيا ، أهدى إلى  الأوزاعي  جرة عسل ، فقال له : يا أبا عمرو  تكتب لي إلى والي بعلبك  ، فقال : إن شئت رددت الجرة وكتبت لك  ، وإلا قبلت الجرة ولم أكتب لك ، قال : فرد الجرة وكتب له ، فوضع عنه ثلاثين دينارا   . 
حدثنا سليمان بن أحمد  ، ثنا إبراهيم بن محمد بن عرق الحمصي  ، ثنا محمد بن مصفى  ، وعمرو بن عثمان  ، قالا : ثنا عبد الملك بن محمد  ، قال : كان  الأوزاعي  لا يكلم أحدا بعد صلاة الفجر حتى يذكر الله  فإن كلمه أحد أجابه   . 
حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن  ، ثنا  بشر بن موسى  ، ثنا معاوية بن عمرو  ، ثنا  أبو إسحاق الفزاري  ، قال : قال  الأوزاعي    : اصبر نفسك على السنة ، وقف حيث وقف القوم ، وقل بما قالوا ، وكف عما كفوا عنه ، واسلك سبيل سلفك الصالح ، فإنه يسعك ما وسعهم ، ولا يستقيم الإيمان إلا بالقول ، ولا يستقيم القول   [ ص: 144 ] إلا بالعمل  ، ولا يستقيم الإيمان والقول والعمل إلا بالنية موافقة للسنة  ، وكان من مضى من سلفنا لا يفرقون بين الإيمان والعمل ، العمل من الإيمان ، والإيمان من العمل ، وإنما الإيمان اسم جامع كما يجمع هذه الأديان اسمها ، ويصدقه العمل فمن آمن بلسانه وعرف بقلبه وصدق ذلك بعمله فتلك العروة الوثقى التي لا انفصام لها ، ومن قال بلسانه ولم يعرف بقلبه ولم يصدقه بعمله لم يقبل منه وكان في الآخرة من الخاسرين   . 
				
						
						
