ومتى أنت صغيرا وكبيرا أخو علل فمتى ينقضي الردى ومتى ويحك العمل ؟
ثم يقول : يا نفس إياك والغرة بالله ، فقد قال الصادق : ( فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور ) ، ثم قال : وسمعت ، يقول : مررت ببعض إبراهيم بن أدهم بلاد الشام فرأيت مقبرة ، وإذا قبر عال مشرف عليه كتاب ، فقرأته فإذا فيه عبرة وكلام حسن ، وكان يقول كثيرا :
ما أحد أكرم من مفرد في قبره أعماله تؤنسه
منعم في القبر في روضة زينها الله فهي مجلسه
[ ص: 12 ] قال : وحدثني إبراهيم ، قال : مررت في بعض بلاد الشام فإذا حجر مكتوب عليه نقش بين بالعربية والحجر عظيم :
كل حي وإن بقي فمن العيش يستقي
فاعمل اليوم واجتهد واحذر الموت يا شقي
لا تبغين جاها وجاهك ساقط عند المليك وكن لجاهك مصلحا
وفي الجانب الآخر نقش بين عربي :
من لم يثق بالقضاء والقدر لاقى هموما كثيرة الضرر
وفي الجانب الأيسر منه نقش بين عربي :
ما أزين التقى وما أقبح الخنا وكل مأخوذ بما جنى
وعند الله الجزا
وفي أسفل المحراب فوق الأرض بذراع أو أكثر :
وإنما العز والغنى في تقى الله والعمل
فلما تدبرته وفهمته التفت إلى صاحبي فلم أره ، فلا أدري مضى أو حجب عني ؟
قال : وسمعت ، يقول هذا كثيرا وكان مدمنا : إبراهيم بن أدهم
لما تعد الدنيا به من شرورها يكون بكاء الطفل ساعة يوضع
وإلا فما يبكيه منها وإنها لأروح مما كان فيه وأوسع
إذا أبصر الدنيا استهل كأنما يرى ما سيلقى من أذاها ويسمع