سمعت أبا الحسن علي بن هارون يقول : سمعت يقول : اعلم أن المناصحة منك للخلق ، والإقبال على ما هو أولى بك فيك وفيهم أفضل [ ص: 284 ] الأعمال لك في حياتك وأقربها إلى أوليائك في وقتك ، واعلم أن الجنيد بن محمد وأعظمهم درجة في كل وقت وزمن وفي كل محل ووطن أحسنهم إحكاما لما عليه في نفسه ، وأسبقهم بالمسارعة إلى الله فيما يحبه ، وأنفعهم بعد ذلك لعباده ، فخذ بالحظ الموفر لنفسك ، وكن عاطفا بالمنافع على غيرك ، واعلم أنك لن تجد سبيلا تسلكه إلى غيرك وعليك بقية مفترضة من حالك ، واعلم أن المؤهلين للرعاية إلى سبيل الهداية والمرادين لمنافع الخليقة والمرتبين للنذارة والبشارة أيدوا بالتمكين وأسعدوا براسخ علم اليقين ، وكشف لهم عن غوامض معالم الدين وفتح لهم في فهم الكتاب المستبين ، فبلغوا ما أنعم به عليهم من فضله ، وجاد به من عظيم أمره إحكام ما به أمروا ، والمسارعة إلى ما إليه ندبوا والدعاية إلى الله بما به مكنوا ، وهذه سيرة الأنبياء - صلوات الله عليهم - فيمن بعثوا إليهم من الأمم ، وسيرتهم في تأدية ما علموه من الحكم ، وسيرة المتبعين لآثارهم من الأولياء والصديقين وسائر الدعاة إلى الله من صالحي المؤمنين . أفضل الخلق عند الله منزلة
كتب إلي جعفر بن محمد وقال : أنشدني : الجنيد بن محمد
سرت بناس في الغيوب قلوبهم وجالوا بقرب الماجد المتفضل ونالوا من الجبار عطفا ورأفة
وفضلا وإحسانا وبرا يعجل أولئك نحو العرش هامت قلوبهم
وفي ملكوت العز تأوي وتنزل
تريد مني اختبار سري وقد علمت المراد مني
كل بلاء علي مني يا ليتني قد أخذت عني فليس لي من سواك حظ فكيفما شئت فامتحني