ومنهم الصبيحي أبو عبد الله الحسين بن عبد الله بن بكر
له العقل الرصين ، والكلام الواضح المبين ، وصحبه والدي بالبصرة قبل انتقاله إلى السوس ، له المصنفات في أحوال القوم بعبارات لطيفة وإشارات بديعة ، وبلغني أنه لزم سريا في داره بالبصرة ثلاثين سنة متعبدا فيها ، وكان يقول : ، والهجوم على الموارد من أحوال السائرين ، والخمود بالرضا تحت موارد القضاء من أفعال العارفين ، وسئل عن أصول الدين ، فقال : النظر في عواقب الأمور من أحوال العاجزين [ ص: 355 ] إثبات صدق الافتقار إلى الله ، وفروعه أربعة أشياء : الوفاء بالعهود ، وحفظ الحدود ، والرضا بالموجود ، والصبر عن المفقود ، وكان يقول : الربوبية سبقت العبودية ، وبالربوبية ظهرت العبودية ، وتمام وفاء العبودية مشاهدة الربوبية ، وكان يقول : ابتلى الخلائق بأسرهم بالدعاوى العريضة في المغيب ، فإذا أظلتهم هيبة المشهد خرسوا وانقمعوا ، وصاروا لا شيء ، ولو صدقوا في دعاويهم لبرزوا عند المشاهدة ، كما برز المصطفى صلى الله عليه وسلم ، وتقدم الخلائق بقدم الصدق حين طلب إليه الشفاعة ، فقال : أنا لها . لم ترعه هيبة الموقف لما كان عليه من قدم الصدق ، وما أشبه هذه الدعاوى الباطلة إلا بقول بعضهم حيث يقول : ولزوم الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم
ينوي العتاب له من قبل رؤيته فإن رآه فدمع العين مسكوب لا يستطيع الكلام حين يبصره
كل اللسان وفي الأحشاء تلهيب