حدثنا أبو عمرو عثمان بن محمد العثماني ، قال : ثنا ابن مكرم ، قال : ثنا منصور بن أبي مزاحم ، قال : ثنا عثمان بن عبد الحميد بن لاحق البصري ، عن أبيه ، عن مسلم بن يسار ، أنه قال : قدمت البحرين واليمامة على تجارة ، فإذا أنا بالناس مقبلين ومدبرين نحو منزل ، فقصدت إليه فإذا أنا بامرأة جالسة في مصلاها عليها ثياب غليظة ، وإذا هي كئيبة محزونة قليلة الكلام ، وإذا كل من رأيت ولدها وخولها وعبيدها والناس مشغولون بالبياعات والتجارات ، فقضيت حاجتي ثم أتيتها وودعتها فقالت : حاجتنا إليك أن تأتينا إذا جئت إلينا بحاجة فتنزل بنا ، قال : فانصرفت فلبثت حينا ثم إني توجهت إلى بلدها في حاجة ، فلما قدمتها لم أرد دون منزلها شيئا مما كنت رأيت ، فأتيت منزلها فلم أر أحدا فأتيت الباب فاستفتحت فإذا أنا بضحك امرأة وكلامها ، ففتح لي ، فدخلت فإذا أنا بها جالسة [ ص: 296 ] في بيت وعليها ثياب حسنة رقيقة ، وإذا الضحك الذي سمعت كلامها وضحكها ، وإذا امرأة ليس معها في بيتها شيء قط ، فاستنكرت وقلت : قد رأيتك على حالين فيهما عجب ; حالك في قدمتي الأولى وحالك هذه ، قالت : لا تعجب فإن الذي قد رأيت من حالتي الأولى أني كنت فيما رأيت من الخير والسعة وكنت لا أصاب بمصيبة من ولد ولا خول ولا مال ، ولا أوجه من تجارة إلا سلمت ، ولا يبتاع لي شيء إلا ربحت فيه ، وتخوفت أن لا يكون لي عند الله خير ، فكنت مكتئبة لذلك ، وقلت : ، فتوالت علي المصائب في ولدي الذي رأيت وخولي ومالي ، وما بقي لي منه شيء ، فرجوت أن يكون الله قد أراد بي خيرا فابتلاني وذكرني ، ففرحت لذلك وطابت نفسي . فانصرفت فلقيت لو كان لي عند الله خير لابتلاني فأخبرته بخبرها ، فقال : رحم الله هذه ما فاتها عبد الله بن عمر أيوب النبي عليه السلام إلا بقليل ، لكني تخرق مطرفي هذا - أو كلمة نحوها - فوجهت به يصلح فعمل لي على غير ما كنت أريد ، فأحزنني ذلك .