حدثنا أحمد بن جعفر بن معبد ، ثنا يحيى بن مطرف ، ثنا علي بن قرين [ ص: 46 ] ، ثنا جعفر بن سليمان ، ثنا عبد الصمد بن معقل ، قال : سمعت رجلا يسأل عمي في وهب بن منبه المسجد الحرام فقال : حدثني رحمك الله عن زبور داود عليه السلام ، فقال : نعم ، وجدت في آخره ثلاثين سطرا : داود ، اسمع مني والحق أقول : من لقيني وهو يحبني أدخلته جنتي . يا يا داود ، اسمع مني والحق أقول : من لقيني وهو يخاف عذابي لم أعذبه . يا داود ، اسمع مني والحق أقول : من لقيني وهو مستح من معاصيه أنسيت الحفظة ذنوبه . يا داود ، اسمع مني والحق أقول : لو أن عبدا من عبادي عمل حشو الدنيا ذنوبا مغاربها ومشارقها ، ثم ندم حلب شاة واستغفرني مرة واحدة ، وعلمت من قلبه أن لا يعود إليها ألقيتها عنه أسرع من هبوط الماء من السماء إلى الأرض . يا داود ، اسمع مني والحق أقول : لو أن عبدا أتاني بحسنة واحدة حكمته في جنتي . قال داود : من أجل ذلك لا يحل لمن عرفك أن يقطع رجاءه منك . قال : يا داود ، إنما يكفي أوليائي اليسير من العمل كما يكفي الطعام القليل من الملح . يا داود ، هل تدري متى أتولاهم ؟ إذا طهروا قلوبهم من الشرك ، ونزعوا من قلوبهم من الشك ، وعلموا أن لي جنة ونارا ، وأني أحيي وأميت ، وأبعث من في القبور ، وأني لم أتخذ صاحبة ولا ولدا ، فإن توفيتهم بيسير من العمل وهم يوقنون بذلك ، جعلته عظيما عندهم ، هل تدري يا داود من أسرع مرا على الصراط ؟ الذين يرضون بحكمي وألسنتهم رطبة من ذكري ، هل تدري يا داود أي المؤمنين أعظم منزلة عندي ؟ الذي هو بما أعطى أشد فرحا بما حبس ، هل تدري يا داود ؟ الذين يرضون بحكمي وبقسمتي ويحمدوني على ما أنعمت عليهم من المعاش ، هل تدري يا أي الفقراء أفضل داود أي المؤمنين أحب إلي أن أطيل حياته ؟ الذي إذا قال : لا إله إلا الله اقشعر جلده ، فإني أكره له الموت كما يكرهه الوالد لولده ولا بد منه ، إني أريد أن أسره في دار سوى هذه الدار ، فإن نعيمها فيها بلاء ورخاءها فيها شدة ، فيها عدو لا يألوهم بها خبالا يجري منهم مجرى الدم ، من أجل ذلك عجلت أوليائي إلى الجنة ، لولا ذلك ما مات آدم ولا أولاده المؤمنون حتى ينفخ في الصور ، إني أدري ما تقول في نفسك يا داود ؛ تقول : [ ص: 47 ] قطعت عنهم عبادتك ، أما تعلم يا داود أني أثيب المؤمن على عثرة يعثرها ، فكيف إذا ذاق الموت وهو أعظم المصائب ، وترى جسده الطيب بين أطباق الثرى ، إنما أحبسه طول ما أحبسه لأعظم له الأجر وأجري عليه أحسن ما كان يعمله إلى يوم القيامة . قال داود : لك الحمد إلهي ، من أجل ذلك سميت نفسك أرحم الراحمين . إلهي ، فما ابتغاء مرضاتك ؟ قال : جزاؤه أن ألبسه رداء الإيمان ثم لا أنزعه عنه أبدا ، قال : إلهي ، فما جزاء من يعزي الحزين على المصائب ابتغاء مرضاتك ؟ قال : جزاؤه أن تشيعه ملائكتي يوم يموت ، وأصلي على روحه في الأرواح . قال : إلهي ، فما جزاء من يشيع الجنائز ابتغاء مرضاتك ؟ قال : جزاؤه أن أظله في ظل عرشي يوم لا ظل إلا ظلي . قال : إلهي ، فما جزاء من يبكي من خشيتك حتى تسيل دموعه على وجنتيه ؟ قال : جزاؤه أن أحرم وجهه على النار . جزاء مساعد الأرملة واليتيم