حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، ثنا علي بن إسحاق ، ثنا حسين بن الحسن المروزي ، ثنا ، ثنا عبد الله بن المبارك ، أنه سمع بكار بن عبد الله يقول : كان رجل من أفضل زمانه ، وكان يزار فيعظهم ، فاجتمعوا إليه ذات يوم فقال : إنا قد وهب بن منبه ، وقد خفت أن يكون قد دخل علينا في حالنا هذه من الطغيان أكثر مما يدخل على أهل الأموال في أموالهم ، وإنما يحب أحدنا أن تقضى حاجته ، وإن اشترى أن يقارب لمكان دينه ، وإن لقي حيي ووقر لمكان دينه . فشاع ذلك الكلام حتى بلغ الملك ، فعجب به ، فركب إليه ليسلم عليه وينظر إليه ، فلما رآه الرجل وقيل له : هذا الملك قد أتاك ليسلم عليك ، فقال : وما يصنع بي ؟ فقيل : للكلام الذي وعظت به فسأل ردءه هل عندك طعام ؟ فقال : شيء من ثمر الشجر مما كنت تفطر به . فأتى به على مسح فوضع بين يديه ، فأخذ يأكل منه ، وكان يصوم النهار لا يفطر ، فوقف عليه الملك فسلم عليه فأجابه بإجابة خفيفة ، وأقبل على طعامه يأكله ، فقال الملك : فأين الرجل ؟ قيل له : هو هذا . فقال : هذا الذي يأكل ؟ قيل : نعم . قال : فما عند هذا من خير . فأدبر وانصرف ، فقال الرجل : الحمد لله الذي صرفك عني بما صرفك به . خرجنا من الدنيا وفارقنا الأهل والأولاد والأوطان والأموال مخافة الطغيان
حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا علي بن إسحاق ، ثنا حسين المروزي ، ثنا ابن المبارك ، ثنا عمر بن عبد الرحمن بن مهدي . أنه سمع وهب بن منبه يقول : إن الملك سمع باجتهاده ، فقال : لآتينه يوم كذا وكذا ، ولأسلمن عليه . فأسرعت البشرى إلى هذا الراهب ، فلما كان هذا اليوم وظن أنه يأتيه خرج إلى متضحى له قدام مصلاه ، وخرج بمنسف [ ص: 49 ] فيه بقل وزيت وحمص فوضعه قريبا منه ، فلما أشرف إذا هو بالملك مقبلا ومعه سواد من الناس قد أحاطوا به ، فأوضعوا قريبا منه ، فلا يرى سهل ولا جبل إلا وقد ملئ من الناس ، فجعل الراهب يجمع من تلك البقول والطعام ويعظم اللقمة ويغمسها في الزيت فيأكل أكلا عنيفا ، وهو واضع رأسه لا ينظر من أتاه ، فقال الملك : أين صاحبكم ؟ قالوا : هو هذا ، قال الملك : كيف أنت يا فلان ؟ فقال الراهب وهو يأكل ذلك الأكل : كالناس . فرد الملك عنان دابته وقال : ما في هذا من خير . فلما ذهب قال : الحمد لله الذي أذهبه عني وهو لائم .
حدثنا أبي ، ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن ، ثنا أحمد بن معبد ، ثنا ابن وهب . وأخبرني يحيى بن أيوب ، عن أبي علي إسماعيل الغافقي أنه سمع عامر بن عبد الله اليحصبي قال : كان يقول : وهب بن منبه وإن كان مكبا عليها حريصا : من لم يرض منها إلا بالكسب الحلال الطيب ، وإن أرغب الناس فيها وإن كان معرضا عنها من لم يبال ما كان كسبه فيها حلالا أم حراما ، وإن أجود الناس في الدنيا من جاد بحقوق الله ، وإن رآه الناس بخيلا بما سوى ذلك ، وإن أبخل الناس في الدنيا من بخل بحقوق الله ، وإن رآه الناس جوادا بما سوى ذلك . أزهد الناس في الدنيا