الحكم الخامس عشر
حكم
nindex.php?page=treesubj&link=25621_13049المطلقة قبل الدخول
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=236لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعا بالمعروف حقا على المحسنين )
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=236لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعا بالمعروف حقا على المحسنين )
اعلم أن أقسام المطلقات أربعة :
أحدها : المطلقة التي تكون مفروضا لها ومدخولا بها ، وقد ذكر الله تعالى فيما تقدم أحكام هذا القسم ، وهو أنه لا يؤخذ منهن على الفراق شيء على سبيل الظلم ، ثم أخبر أن لهن كمال المهر، وأن عدتهن ثلاثة قروء.
والقسم الثاني من المطلقات : ما لا يكون مفروضا ولا مدخولا بها ، وهو الذي ذكره الله تعالى في هذه الآية، وذكر أنه ليس لها مهر، وأن لها المتعة بالمعروف.
والقسم الثالث من المطلقات : التي يكون مفروضا لها، ولكن لا يكون مدخولا بها ، وهي المذكورة في الآية التي بعد هذه الآية، وهي قوله سبحانه وتعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=237وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم ) [البقرة : 237] واعلم أنه تعالى بين حكم
nindex.php?page=treesubj&link=12418عدة غير المدخول بها وذكر في سورة الأحزاب أنه لا عدة عليها البتة ، فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=49إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها فمتعوهن ) [الأحزاب : 49].
[ ص: 116 ]
القسم الرابع من المطلقات : التي تكون مدخولا بها، ولكن لا يكون مفروضا لها، وحكم هذا القسم مذكور في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=24فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن ) [النساء : 24] أيضا القياس الجلي دال عليه ؛ وذلك لأن الأمة مجمعة على أن الموطوءة بالشبهة لها مهر المثل، فالموطوءة بنكاح صحيح أولى بهذا الحكم، فهذا التقسيم تنبيه على المقصود من هذه الآية، ويمكن أن يعبر عن هذا التقسيم بعبارة أخرى، فيقال : إن عقد النكاح يوجب بدلا على كل حال، ثم ذلك البدل إما أن يكون مذكورا أو غير مذكور، فإن كان البدل مذكورا، فإن حصل الدخول استقر كله، وهذا هو حكم المطلقات التي ذكرهن الله تعالى قبل هذه الآية، وإن لم يحصل الدخول سقط نصف المذكور بالطلاق، وهذا هو حكم المطلقات التي ذكرهن الله تعالى في الآية التي تجيء عقيب هذه الآية.
فإن لم يكن البدل مذكورا فإن لم يحصل الدخول فهو هذه المطلقة التي ذكر الله تعالى حكمها في هذه الآية، وحكمها أنه لا مهر لها، ولا عدة عليها، ويجب عليه لها المتعة، وإن حصل الدخول فحكمها غير مذكور في هذه الآيات، إلا أنهم اتفقوا على أن الواجب فيها مهر المثل، ولما نبهنا على هذا التقسيم ، فلنرجع إلى التفسير.
أما قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=236لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ) فهذا نص في أن
nindex.php?page=treesubj&link=11698الطلاق جائز، واعلم أن كثيرا من أصحابنا يتمسكون بهذه الآية في بيان أن
nindex.php?page=treesubj&link=11737_11753_11754الجمع بين الثلاث ليس بحرام، قالوا : لأن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=236لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ) يتناول جميع أنواع التطليقات، بدليل أنه يصح استثناء الثلاث منها ، فيقال : لا جناح عليكم إن طلقتم النساء إلا إذا طلقتموهن ثلاث طلقات ، فإن هناك يثبت الجناح، قالوا : وحكم الاستثناء إخراج ما لولاه لدخل، فثبت أن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=236لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ) يتناول جميع أنواع التطليقات، أعني حال الإفراد وحال الجمع، وهذا الاستدلال عندي ضعيف؛ وذلك لأن الآية دالة على الإذن في تحصيل هذه الماهية في الوجود، ويكفي في العمل به إدخاله في الوجود مرة واحدة، ولهذا قلنا : إن الأمر المطلق لا يفيد التكرار، ولهذا قلنا : إنه إذا
nindex.php?page=treesubj&link=27330قال لامرأته : إن دخلت الدار فأنت طالق انعقدت اليمين على المرة الواحدة فقط؛ فثبت أن هذا اللفظ لا يتناول حالة الجمع، وأما الاستثناء الذي ذكروه فنقول : يشكل هذا بالأمر فإنه لا يفيد التكرار بالاتفاق من المحققين، مع أنه يصح أن يقال : صل إلا في الوقت الفلاني ، وصم إلا في اليوم الفلاني ، والله أعلم.
الْحُكْمُ الْخَامِسَ عَشَرَ
حُكْمُ
nindex.php?page=treesubj&link=25621_13049الْمُطَلَّقَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=236لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ )
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=236لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ )
اعْلَمْ أَنَّ أَقْسَامَ الْمُطَلَّقَاتِ أَرْبَعَةٌ :
أَحَدُهَا : الْمُطَلَّقَةُ الَّتِي تَكُونُ مَفْرُوضًا لَهَا وَمَدْخُولًا بِهَا ، وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى فِيمَا تَقَدَّمَ أَحْكَامَ هَذَا الْقِسْمِ ، وَهُوَ أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُنَّ عَلَى الْفِرَاقِ شَيْءٌ عَلَى سَبِيلِ الظُّلْمِ ، ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّ لَهُنَّ كَمَالَ الْمَهْرِ، وَأَنَّ عِدَّتَهُنَّ ثَلَاثَةُ قُرُوءٍ.
وَالْقِسْمُ الثَّانِي مِنَ الْمُطَلَّقَاتِ : مَا لَا يَكُونُ مَفْرُوضًا وَلَا مَدْخُولًا بِهَا ، وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَذَكَرَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا مَهْرٌ، وَأَنَّ لَهَا الْمُتْعَةَ بِالْمَعْرُوفِ.
وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ مِنَ الْمُطَلَّقَاتِ : الَّتِي يَكُونُ مَفْرُوضًا لَهَا، وَلَكِنْ لَا يَكُونُ مَدْخُولًا بِهَا ، وَهِيَ الْمَذْكُورَةُ فِي الْآيَةِ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ الْآيَةِ، وَهِيَ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=237وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ ) [الْبَقَرَةِ : 237] وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى بَيَّنَ حُكْمَ
nindex.php?page=treesubj&link=12418عِدَّةِ غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا وَذَكَرَ فِي سُورَةِ الْأَحْزَابِ أَنَّهُ لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا الْبَتَّةَ ، فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=49إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ ) [الْأَحْزَابِ : 49].
[ ص: 116 ]
الْقِسْمُ الرَّابِعُ مِنَ الْمُطَلَّقَاتِ : الَّتِي تَكُونُ مَدْخُولًا بِهَا، وَلَكِنْ لَا يَكُونُ مَفْرُوضًا لَهَا، وَحُكْمُ هَذَا الْقِسْمِ مَذْكُورٌ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=24فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ) [النِّسَاءِ : 24] أَيْضًا الْقِيَاسُ الْجَلِيُّ دَالٌّ عَلَيْهِ ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْأُمَّةَ مُجْمِعَةٌ عَلَى أَنَّ الْمَوْطُوءَةَ بِالشُّبْهَةِ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ، فَالْمَوْطُوءَةُ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ أَوْلَى بِهَذَا الْحُكْمِ، فَهَذَا التَّقْسِيمُ تَنْبِيهٌ عَلَى الْمَقْصُودِ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُعَبَّرَ عَنْ هَذَا التَّقْسِيمِ بِعِبَارَةٍ أُخْرَى، فَيُقَالُ : إِنَّ عَقْدَ النِّكَاحِ يُوجِبُ بَدَلًا عَلَى كُلِّ حَالٍ، ثُمَّ ذَلِكَ الْبَدَلُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مَذْكُورًا أَوْ غَيْرَ مَذْكُورٍ، فَإِنْ كَانَ الْبَدَلُ مَذْكُورًا، فَإِنْ حَصَلَ الدُّخُولُ اسْتَقَرَّ كُلُّهُ، وَهَذَا هُوَ حُكْمُ الْمُطَلَّقَاتِ الَّتِي ذَكَرَهُنَّ اللَّهُ تَعَالَى قَبْلَ هَذِهِ الْآيَةِ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلِ الدُّخُولُ سَقَطَ نِصْفُ الْمَذْكُورِ بِالطَّلَاقِ، وَهَذَا هُوَ حُكْمُ الْمُطَلَّقَاتِ الَّتِي ذَكَرَهُنَّ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْآيَةِ الَّتِي تَجِيءُ عَقِيبَ هَذِهِ الْآيَةِ.
فَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْبَدَلُ مَذْكُورًا فَإِنْ لَمْ يَحْصُلِ الدُّخُولُ فَهُوَ هَذِهِ الْمُطَلَّقَةُ الَّتِي ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى حُكْمَهَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَحُكْمُهَا أَنَّهُ لَا مَهْرَ لَهَا، وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا، وَيَجِبُ عَلَيْهِ لَهَا الْمُتْعَةُ، وَإِنْ حَصَلَ الدُّخُولُ فَحُكْمُهَا غَيْرُ مَذْكُورٍ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ، إِلَّا أَنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ فِيهَا مَهْرُ الْمِثْلِ، وَلَمَّا نَبَّهْنَا عَلَى هَذَا التَّقْسِيمِ ، فَلْنَرْجِعْ إِلَى التَّفْسِيرِ.
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=236لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ ) فَهَذَا نَصٌّ فِي أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=11698الطَّلَاقَ جَائِزٌ، وَاعْلَمْ أَنَّ كَثِيرًا مِنْ أَصْحَابِنَا يَتَمَسَّكُونَ بِهَذِهِ الْآيَةِ فِي بَيَانِ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=11737_11753_11754الْجَمْعَ بَيْنَ الثَّلَاثِ لَيْسَ بِحَرَامٍ، قَالُوا : لِأَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=236لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ ) يَتَنَاوَلُ جَمِيعَ أَنْوَاعِ التَّطْلِيقَاتِ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ الثَّلَاثِ مِنْهَا ، فَيُقَالُ : لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ إِلَّا إِذَا طَلَّقْتُمُوهُنَّ ثَلَاثَ طَلَقَاتٍ ، فَإِنَّ هُنَاكَ يَثْبُتُ الْجُنَاحُ، قَالُوا : وَحُكْمُ الِاسْتِثْنَاءِ إِخْرَاجُ مَا لَوْلَاهُ لَدَخَلَ، فَثَبَتَ أَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=236لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ ) يَتَنَاوَلُ جَمِيعَ أَنْوَاعِ التَّطْلِيقَاتِ، أَعْنِي حَالَ الْإِفْرَادِ وَحَالَ الْجَمْعِ، وَهَذَا الِاسْتِدْلَالُ عِنْدِي ضَعِيفٌ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْآيَةَ دَالَّةٌ عَلَى الْإِذْنِ فِي تَحْصِيلِ هَذِهِ الْمَاهِيَّةِ فِي الْوُجُودِ، وَيَكْفِي فِي الْعَمَلِ بِهِ إِدْخَالُهُ فِي الْوُجُودِ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَلِهَذَا قُلْنَا : إِنَّ الْأَمْرَ الْمُطْلَقَ لَا يُفِيدُ التَّكْرَارَ، وَلِهَذَا قُلْنَا : إِنَّهُ إِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=27330قَالَ لِامْرَأَتِهِ : إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ انْعَقَدَتِ الْيَمِينُ عَلَى الْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ فَقَطْ؛ فَثَبَتَ أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ لَا يَتَنَاوَلُ حَالَةَ الْجَمْعِ، وَأَمَّا الِاسْتِثْنَاءُ الَّذِي ذَكَرُوهُ فَنَقُولُ : يُشْكِلُ هَذَا بِالْأَمْرِ فَإِنَّهُ لَا يُفِيدُ التَّكْرَارَ بِالِاتِّفَاقِ مِنَ الْمُحَقِّقِينَ، مَعَ أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ : صَلِّ إِلَّا فِي الْوَقْتِ الْفُلَانِيِّ ، وَصُمْ إِلَّا فِي الْيَوْمِ الْفُلَانِيِّ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.