ثم قال : ( فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ) وفيه مسألتان :
المسألة الأولى : الأصحاب قد احتجوا بهذه الآية على جواز وذلك لأن المؤمن المطيع مقطوع بأنه يثاب ولا يعاقب ، والكافر مقطوع بأنه يعاقب ولا يثاب ، وقوله ( غفران ذنوب أصحاب الكبائر فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ) رفع للقطع بواحد من الأمرين ، فلم يبق إلا أن يكون ذلك نصيبا للمؤمن يرثه المذنب بأعماله .
المسألة الثانية : قرأ عاصم وابن عامر ( فيغفر ، ويعذب ) برفع الراء والباء ، وأما الباقون فبالجزم أما الرفع فعلى الاستئناف ، والتقدير : فهو يغفر ، وأما الجزم فبالعطف على يحاسبكم ونقل عن أبي عمرو أنه أدغم الراء في اللام في قوله : ( يغفر لمن يشاء ) قال صاحب " الكشاف " : إنه لحن ونسبته إلى أبي عمرو كذب ، وكيف يليق مثل هذا اللحن بأعلم الناس بالعربية .
ثم قال : ( والله على كل شيء قدير ) وقد بين بقوله : ( لله ما في السماوات وما في الأرض ) أنه كامل الملك والملكوت ، وبين بقوله : ( وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله ) أنه كامل العلم والإحاطة ، ثم بين بقوله : ( والله على كل شيء قدير ) والتكوين والإعدام ولا كمال أعلى وأعظم من حصول الكمال في هذه الصفات ، والموصوف بهذه الكمالات يجب على كل عاقل أن يكون عبدا منقادا له ، خاضعا لأوامره ونواهيه محترزا عن سخطه ونواهيه ، وبالله التوفيق . أنه كامل القدرة مستول على كل الممكنات بالقهر والقدرة