الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثالثة : اعلم أنه بقي في الآية سؤالات :

                                                                                                                                                                                                                                            السؤال الأول : لم قال في الآية الأولى ( ولا تحمل علينا إصرا ) وقال في هذه الآية ( ولا تحملنا ) خص ذلك بالحمل وهذا بالتحميل ؟

                                                                                                                                                                                                                                            الجواب : أن الشاق يمكن حمله أما ما لا يكون مقدورا لا يمكن حمله ، فالحاصل فيما لا يطاق هو التحميل فقط أما الحمل فغير ممكن وأما الشاق فالحمل والتحميل يمكنان فيه ، فلهذا السبب خص الآية الأخيرة بالتحميل .

                                                                                                                                                                                                                                            السؤال الثاني : أنه لما طلب أن لا يكلفه بالفعل الشاق قوله ( ولا تحمل علينا إصرا ) كان من لوازمه أن لا يكلفه ما لا يطاق ، وعلى هذا التقدير كان عكس هذا الترتيب أولى .

                                                                                                                                                                                                                                            [ ص: 130 ] والجواب : الذي أتخيله فيه - والعلم عند الله تعالى - أن للعبد مقامين أحدهما : قيامه بظاهر الشريعة والثاني : شروعه في بدء المكاشفات ، وذلك هو أن يشتغل بمعرفة الله وخدمته وطاعته وشكر نعمته ففي المقام الأول طلب ترك التشديد ، وفي المقام الثاني قال : لا تطلب مني حمدا يليق بجلالك ، ولا شكرا يليق بآلائك ونعمائك ، ولا معرفة تليق بقدس عظمتك ، فإن ذلك لا يليق بذكري وشكري وفكري ولا طاقة لي بذلك ، ولما كانت الشريعة متقدمة على الحقيقة لا جرم كان قوله ( ولا تحمل علينا إصرا ) مقدما في الذكر على قوله ( ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به ) .

                                                                                                                                                                                                                                            السؤال الثالث : أنه تعالى حكى عن المؤمنين هذه الأدعية بصيغة الجمع بأنهم قالوا ( لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ) ( ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ) ( ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به ) فما الفائدة في هذه الجمعية وقت الدعاء ؟

                                                                                                                                                                                                                                            والجواب : المقصود منه بيان أن قبول الدعاء عند الاجتماع أكمل وذلك لأن للهمم تأثيرات فإذا اجتمعت الأرواح والدواعي على شيء واحد كان حصوله أكمل .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية