ثم قال تعالى في آخر الآية : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=95ذلكم الله فأنى تؤفكون ) وفيه مسألتان :
المسألة الأولى : قال بعضهم معناه : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=95ذلكم الله ) المدبر الخالق النافع الضار المحيي المميت (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=95فأنى تؤفكون ) في إثبات القول بعبادة الأصنام .
والثاني : أن المراد أنكم لما شاهدتم أنه تعالى يخرج الحي من الميت ، ومخرج الميت من الحي ، ثم شاهدتم أنه أخرج البدن الحي من النطفة الميتة مرة واحدة ، فكيف تستبعدون أن يخرج البدن الحي من ميت التراب الرميم مرة أخرى ؟ والمقصود الإنكار على تكذيبهم بالحشر والنشر ، وأيضا الضدان متساويان في النسبة فكما لا يمتنع الانقلاب من أحد الضدين إلى الآخر ، وجب أن لا يمتنع الانقلاب من الثاني إلى الأول ، فكما لا يمتنع حصول الموت بعد الحياة . وجب أيضا أن لا يمتنع حصول الحياة بعد الموت ، وعلى كلا التقديرين فيخرج منه جواز
nindex.php?page=treesubj&link=28760_30336_30347القول بالبعث والحشر والنشر .
المسألة الثانية : تمسك
nindex.php?page=showalam&ids=14620الصاحب بن عباد بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=95فأنى تؤفكون ) على أن
nindex.php?page=treesubj&link=28785فعل العبد ليس مخلوقا لله تعالى . قال : لأنه تعالى لو خلق الإفك فيه ، فكيف يليق به أن يقول مع ذلك : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=95فأنى تؤفكون ) .
والجواب عنه : أن القدرة بالنسبة إلى الضدين على السوية ، فإن ترجح أحد الطرفين على الآخر لا لمرجح ، فحينئذ لا يكون هذا الرجحان من العبد ، بل يكون محض الاتفاق ، فكيف يحسن أن يقال له : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=95فأنى تؤفكون ) وإن توقف ذلك المرجح على حصول مرجح ، وهي الداعية الجاذبة إلى الفعل ، فحصول تلك الداعية يكون من الله تعالى ، وعند حصولها يجب الفعل ، وحينئذ يلزمكم كل ما ألزمتموه علينا . والله أعلم .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى فِي آخِرِ الْآيَةِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=95ذَلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ ) وَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : قَالَ بَعْضُهُمْ مَعْنَاهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=95ذَلِكُمُ اللَّهُ ) الْمُدَبِّرُ الْخَالِقُ النَّافِعُ الضَّارُّ الْمُحْيِي الْمُمِيتُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=95فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ ) فِي إِثْبَاتِ الْقَوْلِ بِعِبَادَةِ الْأَصْنَامِ .
وَالثَّانِي : أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّكُمْ لَمَّا شَاهَدْتُمْ أَنَّهُ تَعَالَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ ، وَمُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ ، ثُمَّ شَاهَدْتُمْ أَنَّهُ أَخْرَجَ الْبَدَنَ الْحَيَّ مِنَ النُّطْفَةِ الْمَيِّتَةِ مَرَّةً وَاحِدَةً ، فَكَيْفَ تَسْتَبْعِدُونَ أَنْ يُخْرِجَ الْبَدَنُ الْحَيَّ مِنْ مَيِّتِ التُّرَابِ الرَّمِيمِ مَرَّةً أُخْرَى ؟ وَالْمَقْصُودُ الْإِنْكَارُ عَلَى تَكْذِيبِهِمْ بِالْحَشْرِ وَالنَّشْرِ ، وَأَيْضًا الضِّدَّانِ مُتَسَاوِيَانِ فِي النِّسْبَةِ فَكَمَا لَا يَمْتَنِعُ الِانْقِلَابُ مِنْ أَحَدِ الضِّدَّيْنِ إِلَى الْآخَرِ ، وَجَبَ أَنْ لَا يَمْتَنِعَ الِانْقِلَابُ مِنَ الثَّانِي إِلَى الْأَوَّلِ ، فَكَمَا لَا يَمْتَنِعُ حُصُولُ الْمَوْتِ بَعْدَ الْحَيَاةِ . وَجَبَ أَيْضًا أَنْ لَا يَمْتَنِعَ حُصُولُ الْحَيَاةِ بَعْدَ الْمَوْتِ ، وَعَلَى كِلَا التَّقْدِيرَيْنِ فَيَخْرُجُ مِنْهُ جَوَازُ
nindex.php?page=treesubj&link=28760_30336_30347الْقَوْلِ بِالْبَعْثِ وَالْحَشْرِ وَالنَّشْرِ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : تَمَسَّكَ
nindex.php?page=showalam&ids=14620الصَّاحِبُ بْنُ عَبَّادٍ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=95فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ ) عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28785فِعْلَ الْعَبْدِ لَيْسَ مَخْلُوقًا لِلَّهِ تَعَالَى . قَالَ : لِأَنَّهُ تَعَالَى لَوْ خَلَقَ الْإِفْكَ فِيهِ ، فَكَيْفَ يَلِيقُ بِهِ أَنْ يَقُولَ مَعَ ذَلِكَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=95فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ ) .
وَالْجَوَابُ عَنْهُ : أَنَّ الْقُدْرَةَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الضِّدَّيْنِ عَلَى السَّوِيَّةِ ، فَإِنْ تَرَجَّحَ أَحَدُ الطَّرَفَيْنِ عَلَى الْآخَرِ لَا لِمُرَجِّحٍ ، فَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ هَذَا الرُّجْحَانُ مِنَ الْعَبْدِ ، بَلْ يَكُونُ مَحْضَ الِاتِّفَاقِ ، فَكَيْفَ يَحْسُنُ أَنْ يُقَالَ لَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=95فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ ) وَإِنْ تَوَقَّفَ ذَلِكَ الْمُرَجَّحُ عَلَى حُصُولِ مُرَجَّحٍ ، وَهِيَ الدَّاعِيَةُ الْجَاذِبَةُ إِلَى الْفِعْلِ ، فَحُصُولُ تِلْكَ الدَّاعِيَةِ يَكُونُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ، وَعِنْدَ حُصُولِهَا يَجِبُ الْفِعْلُ ، وَحِينَئِذٍ يَلْزَمُكُمْ كُلُّ مَا أَلْزَمْتُمُوهُ عَلَيْنَا . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .