الأول : قال الليث : الصبح والصباح هما أول النهار ، وهو الإصباح أيضا . قال تعالى : ( فالق الإصباح ) يعني الصبح . قال الشاعر :
أفنى رياحا وبني رياح تناسخ الإمساء والإصباح
والقول الثاني : أن " الإصباح " مصدر سمي به الصبح .
فإن قيل : ظاهر الآية يدل على أنه تعالى فلق الصبح وليس الأمر كذلك ، فإن الحق أنه تعالى فلق الظلمة بالصبح ، فكيف الوجه فيه ؟ فنقول : فيه وجوه :
الأول : أن يكون المراد فالق ظلمة الإصباح ، وذلك لأن الأفق من الجانب الشمالي والغربي والجنوبي مملوء من الظلمة والنور . وإنما ظهر في الجانب الشرقي فكأن الأفق كان بحرا مملوءا من الظلمة . ثم إنه تعالى شق ذلك البحر المظلم بأن أجرى جدولا من النور فيه ، والحاصل أن المراد فالق ظلمة الإصباح بنور الإصباح ، ولما كان المراد معلوما حسن الحذف .
والثاني : أنه تعالى كما يشق بحر الظلمة عن نور الصبح ، فكذلك يشق نور الصبح عن بياض النهار فقوله : ( فالق الإصباح ) أي فالق الإصباح ببياض النهار .
والثالث : أن ظهور النور في الصباح إنما كان لأجل أن الله تعالى فلق تلك الظلمة فقوله : ( فالق الإصباح ) أي مظهر الإصباح ، إلا أنه لما كان المقتضي لذلك الإظهار هو ذلك الفلق ، لا جرم ذكر اسم السبب والمراد منه المسبب .
الرابع : قال بعضهم : الفالق هو الخالق ، فكان المعنى خالق الإصباح ، وعلى هذا التقدير فالسؤال زائل ؛ والله أعلم .