( وهو الذي جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم في ما آتاكم إن ربك سريع العقاب وإنه لغفور رحيم    ) 
قوله تعالى : ( وهو الذي جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم في ما آتاكم إن ربك سريع العقاب وإنه لغفور رحيم    ) 
اعلم أن في قوله : ( جعلكم خلائف الأرض    ) وجوها : 
أحدها : جعلهم خلائف الأرض ؛ لأن محمدا  عليه الصلاة والسلام خاتم النبيين ، فخلفت أمته سائر الأمم    . 
وثانيها : جعلهم يخلف بعضهم بعضا . 
وثالثها : أنهم خلفاء الله في أرضه يملكونها ويتصرفون فيها . 
ثم قال : ( ورفع بعضكم فوق بعض درجات    ) في الشرف ، والعقل ، والمال ، والجاه ، والرزق ، وإظهار هذا التفاوت ليس لأجل العجز والجهل والبخل ، فإنه تعالى متعال عن هذه الصفات ، وإنما هو لأجل الابتلاء والامتحان وهو المراد من قوله : ( ليبلوكم في ما آتاكم    ) وقد ذكرنا أن حقيقة الابتلاء والامتحان على الله  محال ، إلا أن المراد هو التكليف وهو عمل لو صدر من الواحد منا لكان ذلك شبيها بالابتلاء والامتحان ، فسمي بهذا الاسم لأجل هذه المشابهة ، ثم إن هذا المكلف إما أن يكون مقصرا فيما كلف به ، وإما أن يكون موفرا فيه ، فإن كان الأول كان نصيبه من التخويف والترهيب ، هو قوله : ( إن ربك سريع العقاب    ) ووصف العقاب بالسرعة ؛ لأن ما هو آت قريب ، وإن كان الثاني ، وهو أن يكون موفرا في تلك الطاعات كان نصيبه من التشريف والترغيب هو قوله : ( وإنه لغفور رحيم    ) أي يغفر الذنوب ويستر العيوب في الدنيا بستر فضله وكرمه ورحمته ، وفي الآخرة بأن يفيض عليه أنواع نعمه ، وهذا الكلام بلغ في شرح الإعذار والإنذار والترغيب والترهيب إلى حيث لا يمكن الزيادة عليه ، وهذا آخر الكلام في تفسير سورة الأنعام ، والحمد لله الملك العلام . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					