وأما قوله تعالى : ( قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة    ) ففيه مسألتان : 
المسألة الأولى : تفسير الآية هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا غير خالصة لهم ؛ لأن المشركين شركاؤهم فيها خالصة يوم القيامة لا يشركهم فيها أحد . 
فإن قيل : هلا قيل للذين آمنوا ولغيرهم ؟ 
قلنا : فهم منه التنبيه على أنها خلقت للذين آمنوا على طريق الأصالة ، وأن الكفرة تبع لهم ، كقوله تعالى : ( ومن كفر فأمتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار    ) ( البقرة : 126 ) والحاصل : إن ذلك تنبيه على أن هذه النعم إنما تصفو عن شوائب الرحمة يوم القيامة ، أما في الدنيا فإنها تكون مكدرة مشوبة    . 
 [ ص: 54 ] المسألة الثانية : قرأ نافع    ( خالصة ) بالرفع ، والباقون بالنصب ، قال الزجاج    : الرفع على أنه خبر بعد خبر ، كما تقول : زيد عاقل لبيب ، والمعنى : قل هي ثابتة للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة . قال أبو علي    : ويجوز أن يكون قوله : (خالصة) خبر المبتدأ ، وقوله : ( للذين آمنوا ) متعلقا بـ (خالصة) . والتقدير : هي خالصة للذين آمنوا في الحياة الدنيا . وأما القراءة بالنصب ، فعلى الحال . والمعنى : أنها ثابتة للذين آمنوا في حال كونها خالصة لهم يوم القيامة . 
ثم قال تعالى : ( كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون    ) ومعنى تفصيل الآيات قد سبق ، وقوله : ( لقوم يعلمون    ) أي لقوم يمكنهم النظر به والاستدلال حتى يتوصلوا به إلى تحصيل العلوم النظرية ، والله أعلم . 
				
						
						
