قوله تعالى : ( ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين ) .
اعلم أن هذا هو القصة الرابعة . قال النحويون : إنما صرف لوط ونوح لخفته ، فإنه مركب من ثلاثة أحرف وهو ساكن الوسط ( أتأتون الفاحشة ) أتفعلون السيئة المتمادية في القبح ؟ وفي قوله : ( ما سبقكم بها من أحد من العالمين ) وفيه بحثان :
[ ص: 137 ] البحث الأول : قال صاحب " الكشاف " : " من " الأولى زائدة لتوكيد النفي ، وإفادة معنى الاستغراق ، والثانية للتبعيض .
فإن قيل : ما سبقكم بها من أحد من العالمين ) مع أن الشهوة داعية إلى ذلك العمل أبدا ؟ كيف يجوز أن يقال : (
والجواب : أنا نرى كثيرا من الناس يستقذر ذلك العمل ، فإذا جاز في الكثير منهم استقذاره لم يبعد أيضا انقضاء كثير من الأعصار بحيث لا يقدم أحد من أهل تلك الأعصار عليه ، وفيه وجه آخر ، وهو أن يقال : لعلهم بكليتهم أقبلوا على ذلك العمل ، والإقبال بالكلية على ذلك العمل مما لم يوجد في الأعصار السابقة ، قال الحسن : كانوا ، وكانوا لا ينكحون إلا الغرباء . وقال ينكحون الرجال في أدبارهم عطاء عن : استحكم ذلك فيهم حتى فعل بعضهم ببعض . ابن عباس
البحث الثاني : قوله : ( ما سبقكم ) يجوز أن يكون مستأنفا في التوبيخ لهم ، ويجوز أن يكون صفة الفاحشة ، كقوله تعالى : ( وآية لهم الليل نسلخ منه النهار ) [ يس : 37 ] وقال الشاعر :
ولقد أمر على اللئيم يسبني