( وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة وظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه لعلكم تتقون )
وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة وظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه لعلكم تتقون ) قوله تعالى :(
قال أبو عبيدة : أصل النتق قلع الشيء من موضعه ، والرمي به . يقال : نتق ما في الجراب إذا رمى به وصبه . وامرأة ناتق ومنتاق إذا كثر ولدها ؛ لأنها ترمي بأولادها رميا ، فمعنى( نتقنا الجبل ) أي قلعناه من أصله ، وجعلناه فوقهم وقوله :( كأنه ظلة ) قال : كأنه سقيفة ، والظلة كل ما أظلك من سقف بيت أو سحابة أو جناح حائط ، والجمع ظلل وظلال ، وهذه القصة مذكورة في سورة البقرة( ابن عباس وظنوا أنه واقع بهم ) قال المفسرون : علموا وأيقنوا . وقال أهل المعاني : قوي في نفوسهم أنه واقع بهم إن خالفوه ، وهذا هو الأظهر في معنى الظن ، ومضى الكلام فيه عند قوله( الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم ) [ البقرة : 46 ] روي أنهم أبوا أن يقبلوا أحكام التوراة لغلظها وثقلها ، فرفع الله الطور على رءوسهم مقدار عسكرهم ، وكان فرسخا في فرسخ ، وقيل لهم : إن قبلتموها بما فيها وإلا ليقعن عليكم ، فلما نظروا إلى الجبل خر كل واحد منهم ساجدا على حاجبه الأيسر ، وهو ينظر بعينه اليمنى خوفا من سقوطه ، فلذلك لا ترى يهوديا يسجد إلا على حاجبه الأيسر وهو ينظر بعينه اليمنى ، ويقولون هي السجدة التي رفعت عنا بها العقوبة .
ثم قال تعالى :( خذوا ما آتيناكم بقوة ) أي وقلنا : خذوا ما آتيناكم أو قائلين : خذوا ما آتيناكم من الكتاب بقوة وعزم على احتمال مشاقه وتكاليفه ،( واذكروا ما فيه ) من الأوامر والنواهي ، أي واذكروا ما فيه من الثواب والعقاب ، ويجوز أن يراد : خذوا ما آتيناكم من الآية العظيمة بقوة ، إن كنتم تطيقونه كقوله :( إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا ) [ الرحمن : 33 ] واذكروا ما فيه من الدلالة على القدرة الباهرة لعلكم تتقون ما أنتم عليه .