[ ص: 60 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=181وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون )
قوله تعالى :(
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=181وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون )
اعلم أنه تعالى لما قال :(
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=179ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس ) فأخبر أن كثيرا من الثقلين مخلوقون للنار أتبعه بقوله :(
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=181وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون ) ليبين أيضا أن كثيرا منهم مخلوقون للجنة . واعلم أنه تعالى ذكر في قصة
موسى قوله :(
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=159ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون ) [الأعراف : 159 ] فلما أعاد الله تعالى هذا الكلام ههنا حمله أكثر المفسرين على أن المراد منه قوم
محمد - صلى الله عليه وسلم - ، وروى
قتادة nindex.php?page=showalam&ids=13036وابن جريج عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها هذه الأمة ، وروي أيضا أنه - عليه الصلاة والسلام - قال : (
هذه فيهم وقد أعطى الله قوم موسى مثلها ) وعن
nindex.php?page=showalam&ids=14354الربيع بن أنس أنه قال : قرأ النبي - صلى الله عليه وسلم - هذه الآية فقال : (
إن من أمتي قوما على الحق حتى ينزل عيسى ابن مريم ) وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس يريد أمة
محمد - عليه الصلاة والسلام -
المهاجرين والأنصار . قال
الجبائي : هذه الآية تدل على أنه
nindex.php?page=treesubj&link=32025لا يخلو زمان البتة عمن يقوم بالحق ويعمل به ويهدي إليه وأنهم لا يجتمعون في شيء من الأزمنة على الباطل ، لأنه لا يخلو إما أن يكون المراد زمان وجود
محمد - صلى الله عليه وسلم - وهو الزمان الذي نزلت فيه هذه الآية . أو المراد أنه قد حصل زمان من الأزمنة حصل فيه قوم بالصفة المذكورة ، أو المراد ما ذكرنا أنه لا يخلو زمان من الأزمنة عن قوم موصوفين بهذه الصفة ، والأول باطل ؛ لأنه قد كان ظاهرا لكل الناس أن
محمدا وأصحابه على الحق ، فحمل الآية على هذا المعنى يخرجه عن الفائدة ، والثاني باطل أيضا ؛ لأن كل أحد يعلم بالضرورة أنه قد حصل زمان ما في الأزمنة الماضية حصل فيه جمع من المحقين ، فلم يبق إلا القسم الثالث . وهو أدل على أنه ما خلا زمان عن قوم من المحقين وأن إجماعهم حجة ، وعلى هذا التقدير فهذا يدل على أن إجماع سائر الأمم حجة .
[ ص: 60 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=181وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ )
قَوْلُهُ تَعَالَى :(
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=181وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ )
اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا قَالَ :(
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=179ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ ) فَأَخْبَرَ أَنَّ كَثِيرًا مِنَ الثَّقَلَيْنِ مَخْلُوقُونَ لِلنَّارِ أَتْبَعَهُ بِقَوْلِهِ :(
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=181وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ ) لِيُبَيِّنَ أَيْضًا أَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَخْلُوقُونَ لِلْجَنَّةِ . وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ فِي قِصَّةِ
مُوسَى قَوْلَهُ :(
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=159وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ ) [الْأَعْرَافِ : 159 ] فَلَمَّا أَعَادَ اللَّهُ تَعَالَى هَذَا الْكَلَامَ هَهُنَا حَمَلَهُ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ قَوْمُ
مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَرَوَى
قَتَادَةُ nindex.php?page=showalam&ids=13036وَابْنُ جُرَيْجٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهَا هَذِهِ الْأُمَّةُ ، وَرُوِيَ أَيْضًا أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ : (
هَذِهِ فِيهِمْ وَقَدْ أَعْطَى اللَّهُ قَوْمَ مُوسَى مِثْلَهَا ) وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14354الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ أَنَّهُ قَالَ : قَرَأَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَذِهِ الْآيَةَ فَقَالَ : (
إِنَّ مِنْ أُمَّتِي قَوْمًا عَلَى الْحَقِّ حَتَّى يَنْزِلَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ ) وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ يُرِيدُ أُمَّةَ
مُحَمَّدٍ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -
الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارَ . قَالَ
الْجُبَّائِيُّ : هَذِهِ الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=32025لَا يَخْلُو زَمَانٌ الْبَتَّةَ عَمَّنْ يَقُومُ بِالْحَقِّ وَيَعْمَلُ بِهِ وَيَهْدِي إِلَيْهِ وَأَنَّهُمْ لَا يَجْتَمِعُونَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَزْمِنَةِ عَلَى الْبَاطِلِ ، لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ زَمَانَ وُجُودِ
مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ الزَّمَانُ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ هَذِهِ الْآيَةُ . أَوِ الْمُرَادُ أَنَّهُ قَدْ حَصَلَ زَمَانٌ مِنَ الْأَزْمِنَةِ حَصَلَ فِيهِ قَوْمٌ بِالصِّفَةِ الْمَذْكُورَةِ ، أَوِ الْمُرَادُ مَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ لَا يَخْلُو زَمَانٌ مِنَ الْأَزْمِنَةِ عَنْ قَوْمٍ مَوْصُوفِينَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ ، وَالْأَوَّلُ بَاطِلٌ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ ظَاهِرًا لِكُلِّ النَّاسِ أَنَّ
مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ عَلَى الْحَقِّ ، فَحَمْلُ الْآيَةِ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى يُخْرِجُهُ عَنِ الْفَائِدَةِ ، وَالثَّانِي بَاطِلٌ أَيْضًا ؛ لِأَنَّ كُلَّ أَحَدٍ يَعْلَمُ بِالضَّرُورَةِ أَنَّهُ قَدْ حَصَلَ زَمَانٌ مَا فِي الْأَزْمِنَةِ الْمَاضِيَةِ حَصَلَ فِيهِ جَمْعٌ مَنِ الْمُحِقِّينَ ، فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا الْقِسْمُ الثَّالِثُ . وَهُوَ أَدَلُّ عَلَى أَنَّهُ مَا خَلَا زَمَانٌ عَنْ قَوْمٍ مِنَ الْمُحِقِّينَ وَأَنَّ إِجْمَاعَهُمْ حُجَّةٌ ، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ إِجْمَاعَ سَائِرِ الْأُمَمِ حُجَّةٌ .