( إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض غر هؤلاء دينهم ومن يتوكل على الله فإن الله عزيز حكيم )
قوله تعالى :( إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض غر هؤلاء دينهم ومن يتوكل على الله فإن الله عزيز حكيم ) .
وفيه مسائل :
المسألة الأولى : إنما إذ يقول ) ودخلت في قوله :( وإذ زين لهم ) لأن قوله :( لم تدخل الواو في قوله :( وإذ زين ) عطف على هذا التزيين على حالهم وخروجهم بطرا ورئاء ، وأما هنا وهو قوله :( إذ يقول المنافقون ) فليس فيه عطف لهذا الكلام على ما قبله بل هو كلام مبتدأ منقطع عما قبله ، وعامل الإعراب في " إذ " فيه وجهان :
الأول : التقدير والله شديد العقاب إذ يقول المنافقون .
والثاني : اذكروا إذ يقول المنافقون .
المسألة الثانية : أما المنافقون فهم قوم من الأوس والخزرج ، وأما الذين في قلوبهم مرض فهم قوم من قريش أسلموا وما قوي إسلامهم في قلوبهم ولم يهاجروا ، ثم إن قريشا لما خرجوا لحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أولئك : نخرج مع قومنا فإن كان محمد في كثرة خرجنا إليه ، وإن كان في قلة أقمنا في قومنا . قال : ثم قتل هؤلاء جميعا مع المشركين يوم محمد بن إسحاق بدر ، وقوله :( غر هؤلاء دينهم ) قال : معناه أنه خرج بثلاثمائة وثلاثة عشر يقاتلون ألف رجل ، وما ذاك إلا أنهم اعتمدوا على دينهم ، وقيل المراد : إن هؤلاء يسعون في قتل أنفسهم ، رجاء أن يجعلوا أحياء بعد الموت ويثابون على هذا القتل . ابن عباس
ثم قال تعالى :( ومن يتوكل على الله فإن الله عزيز حكيم ) أي ومن يسلم أمره إلى الله ويثق بفضله [ ص: 142 ] ويعول على إحسان الله فإن الله حافظه وناصره ؛ لأنه عزيز لا يغلبه شيء ، حكيم يوصل العذاب إلى أعدائه ، والرحمة والثواب إلى أوليائه .