( إن شر الدواب عند الله الذين كفروا فهم لا يؤمنون الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة وهم لا يتقون فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم لعلهم يذكرون وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء إن الله لا يحب الخائنين )
قوله تعالى :( إن شر الدواب عند الله الذين كفروا فهم لا يؤمنون الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة وهم لا يتقون ) .
اعلم أنه تعالى لما وصف كل الكفار بقوله :( وكل كانوا ظالمين ) أفرد بعضهم بمزية في الشر والعناد ، فقال :( إن شر الدواب عند الله ) أي في حكمه وعلمه من حصلت له صفتان :
[ ص: 146 ] الصفة الأولى : الكافر الذي يكون مستمرا على كفره مصرا عليه لا يتغير عنه البتة .
الصفة الثانية : أن يكون ناقضا للعهد على الدوام فقوله :( الذين عاهدت منهم ) بدل من قوله :( الذين كفروا ) أي الذين عاهدت من الذين كفروا وهم شر الدواب وقوله :( منهم ) للتبعيض فإن المعاهدة إنما تكون مع أشرافهم ، ثم ينقضون عهدهم في كل مرة ) قال أهل المعاني : إنما عطف المستقبل على الماضي لبيان أن من شأنهم نقض العهد مرة بعد مرة ، قال وقوله :( : هم ابن عباس قريظة فإنهم نقضوا عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعانوا عليه المشركين بالسلاح في يوم بدر ، ثم قالوا : أخطأنا فعاهدهم مرة أخرى فنقضوه أيضا يوم الخندق ، وقوله :( وهم لا يتقون ) معناه أن عادة من رجع إلى عقل وحزم أن يتقي نقض العهد حتى يسكن الناس إلى قوله ويثقوا بكلامه ، فبين تعالى أن من جمع بين الكفر الدائم وبين نقض العهد على هذا الوجه كان شر الدواب .