أما يؤتكم خيرا مما أخذ منكم ويغفر لكم ) ففيه مسألتان : قوله :(
المسألة الأولى : قال صاحب "الكشاف" : قرأ الحسن " مما أخذ منكم " على البناء للفاعل .
المسألة الثانية : للمفسرين في هذا الخير أقوال :
القول الأول : المراد : الخلف مما أخذ منهم في الدنيا ، قال القاضي : لأنه تعالى عطف عليه أمر الآخرة بقوله :( ويغفر لكم ) فما تقدم يجب أن يكون المراد منه منافع الدنيا .
ولقائل أن يقول : إن قوله :( ويغفر لكم ) المراد منه إزالة العقاب ، وعلى هذا التقدير : لم يبعد أن [ ص: 164 ] يكون المراد من هذا الخير المذكور أيضا الثواب والتفضل في الآخرة .
والقول الثاني : المراد من هذا الخير ثواب الآخرة ، فإن قوله :( ويغفر لكم ) المراد منه في الآخرة ، فالخير الذي تقدمه يجب أيضا أن يكون في الدنيا .
والقول الثالث : أنه محمول على الكل .
فإن قيل : إذا حملتم الخير على خيرات الدنيا ، فهل تقولون إن كل من أخلص من الأسارى قد آتاه الله خيرا مما أخذ منه ؟
قلنا : هكذا يجب أن يكون بحكم الآية ، إلا أنا لا نعلم من المخلص بقلبه حتى يتوجه علينا فيه السؤال ، ولا نعلم أيضا من الذي آتاه الله علما ، وقد علمنا أن قليل الدنيا مع الإيمان أعظم من كثير الدنيا مع الكفر .
ثم قال :( والله غفور رحيم ) وهو تأكيد لما مضى ذكره من قوله :( ويغفر لكم ) والمعنى : كيف لا يفي بوعد المغفرة وأنه غفور رحيم ؟