(
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=7كيف يكون للمشركين عهد عند الله وعند رسوله إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم إن الله يحب المتقين nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=8كيف وإن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم إلا ولا ذمة يرضونكم بأفواههم وتأبى قلوبهم وأكثرهم فاسقون nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=9اشتروا بآيات الله ثمنا قليلا فصدوا عن سبيله إنهم ساء ما كانوا يعملون nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=10لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة وأولئك هم المعتدون )
قوله تعالى :(
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=7كيف يكون للمشركين عهد عند الله وعند رسوله إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم إن الله يحب المتقين ) .
قوله :(
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=7كيف ) استفهام بمعنى الإنكار كما تقول : كيف يسبقني مثلك ؟ أي لا ينبغي أن يسبقني وفي الآية محذوف وتقديره : كيف يكون للمشركين عهد مع إضمار الغدر فيما وقع من العهد إلا الذين عاهدتم عند
المسجد الحرام ، لأجل أنهم ما نكثوا وما نقضوا قيل : إنهم
بنو كنانة وبنو ضمرة فتربصوا أمرهم ولا تقتلوهم فما استقاموا لكم على العهد فاستقيموا لهم على مثله(
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=7إن الله يحب المتقين ) يعني
nindex.php?page=treesubj&link=18085من اتقى الله يوفي بعهده لمن عاهد والله أعلم .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=8كيف وإن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم إلا ولا ذمة يرضونكم بأفواههم وتأبى قلوبهم وأكثرهم فاسقون nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=9اشتروا بآيات الله ثمنا قليلا فصدوا عن سبيله إنهم ساء ما كانوا يعملون nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=10لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة وأولئك هم المعتدون ) .
اعلم أن قوله :(
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=8كيف ) تكرار لاستبعاد ثبات المشركين على العهد ، وحذف الفعل لكونه معلوما أي كيف يكون عهدهم وحالهم أنهم إن يظهروا عليكم بعدما سبق لهم من تأكيد الإيمان والمواثيق لم ينظروا إلى حلف ولا عهد " ولم يبقوا عليكم " هذا هو المعنى ، ولا بد من تفسير الألفاظ المذكورة في الآية يقال :
[ ص: 184 ] ظهرت على فلان إذا علوته ، وظهرت على السطح إذا صرت فوقه ، قال
الليث : الظهور الظفر بالشيء ، وأظهر الله المسلمين على المشركين أي أعلاهم عليهم ومنه قوله تعالى :(
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=14فأصبحوا ظاهرين ) [الصف : 14] وقوله :(
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=33ليظهره على الدين كله ) [التوبة : 33] أي ليعليه ، وتحقيق القول فيه أن من غلب غيره حصلت له صفة كمال ، ومن كان كذلك أظهر نفسه ومن صار مغلوبا صار كالناقص ، والناقص لا يظهر نفسه ويخفي نقصانه فصار الظهور كناية للغلبة لكونه من لوازمها فقوله :(
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=8وإن يظهروا عليكم ) يريد إن يقدروا عليكم وقوله :(
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=8لا يرقبوا فيكم ) قال
الليث : رقب الإنسان يرقبه رقبة ورقوبا وهو أن ينتظره ورقيب القوم حارسهم وقوله :(
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=94ولم ترقب قولي ) [ طه : 94 ] أي لم تحفظه ، أما الأول ففيه أقوال :
الأول : أنه العهد قال الشاعر :
وجدناهم كاذبا إلهم وذو الإل والعهد لا يكذب
يعني العهد .
الثاني : قال
الفراء : الإل القرابة . قال
حسان :
لعمرك إن إلك من قريش كإل السقب من رأل النعام
يعني القرابة .
والثالث : الإل الحلف ، قال
أوس بن حجر :
لولا بنو مالك والإل مرقبة ومالك فيهم الآلاء والشرف
يعني الحلف .
والرابع : الإل هو الله عز وجل ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه لما سمع هذيان
مسيلمة قال : إن هذا الكلام لم يخرج من إل ، وطعن
الزجاج في هذا القول وقال :
nindex.php?page=treesubj&link=28723أسماء الله معلومة من الأخبار والقرآن ولم يسمع أحد يقول : يا إل .
الخامس : قال
الزجاج : حقيقة الإل عندي على ما توجبه اللغة تحديد الشيء ، فمن ذلك الإلة الحربة . وأذن مؤللة ، فالإل يخرج في جميع ما فسر من العهد والقرابة .
السادس : قال
الأزهري :
nindex.php?page=treesubj&link=28723إيل من أسماء الله عز وجل بالعبرانية ، فجائز أن يكون عرب ، فقيل إل .
السابع : قال بعضهم : الإل مأخوذ من قولهم : أل يؤل ألا ، إذا صفا ولمع ومنه الآل للمعانه ، وأذن مؤللة شبيهة بالحربة في تحديدها وله أليل أي أنين يرفع به صوته ، ورفعت المرأة أليلها إذا ولولت ، فالعهد سمي إلا ، لظهوره وصفائه من شوائب الغدر ، أو لأن القوم إذا تحالفوا رفعوا به أصواتهم وشهروه .
أما قوله :(
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=8ولا ذمة ) فالذمة العهد ، وجمعها ذمم وذمام ، كل أمر لزمك ، وكان بحيث لو ضيعته لزمتك مذمة ، وقال
أبو عبد الله : الذمة ما يتذمم منه ، يعني ما يجتنب فيه الذم يقال : تذمم فلان ، أي ألقى على نفسه الذم ، ونظيره تحوب ، وتأثم وتحرج .
أما
nindex.php?page=treesubj&link=28980قوله :( nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=8يرضونكم بأفواههم وتأبى قلوبهم ) أي يقولون بألسنتهم كلاما حلوا طيبا ، والذي في قلوبهم بخلاف ذلك ، فإنهم لا يضمرون إلا الشر والإيذاء إن قدروا عليه(
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=8وأكثرهم فاسقون ) وفيه سؤالان :
السؤال الأول : الموصوفون بهذه الصفة كفار ،
nindex.php?page=treesubj&link=28675والكفر أقبح وأخبث من الفسق ، فكيف يحسن وصفهم بالفسق في معرض المبالغة في الذم ؟
السؤال الثاني : إن الكفار كلهم فاسقون ، فلا يبقى لقوله :(
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=8وأكثرهم فاسقون ) فائدة .
والجواب عن الأول : أن الكافر قد يكون عدلا في دينه ، وقد يكون فاسقا خبيث النفس في دينه ،
[ ص: 185 ] فالمراد ههنا أن هؤلاء الكفار الذين من عادتهم نقض العهود (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=8وأكثرهم فاسقون ) في دينهم وعند أقوامهم ، وذلك يوجب المبالغة في الذم .
والجواب عن الثاني عين ما تقدم ؛ لأن الكافر قد يكون محترزا عن الكذب ، ونقض العهد والمكر والخديعة ، وقد يكون موصوفا بذلك ، ومثل هذا الشخص يكون مذموما عند جميع الناس وفي جميع الأديان ، فالمراد بقوله :(
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=8وأكثرهم فاسقون ) أن أكثرهم موصوفون بهذه الصفات المذمومة ، وأيضا قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : لا يبعد أن يكون بعض أولئك الكفار قد أسلم وتاب ، فلهذا السبب قال :(
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=8وأكثرهم فاسقون ) حتى يخرج عن هذا الحكم أولئك الذين دخلوا في الإسلام .
أما قوله :(
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=9nindex.php?page=treesubj&link=28980اشتروا بآيات الله ثمنا قليلا فصدوا عن سبيله ) ففيه قولان :
الأول : المراد منه المشركون ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد : أطعم
nindex.php?page=showalam&ids=12026أبو سفيان بن حرب حلفاءه ، وترك حلفاء النبي صلى الله عليه وسلم فنقضوا العهد الذي كان بينهم بسبب تلك الأكلة .
الثاني : لا يبعد أن تكون طائفة من
اليهود أعانوا المشركين على نقض تلك العهود ، فكان المراد من هذه الآية ذم أولئك
اليهود ، وهذا اللفظ في القرآن كالأمر المختص
باليهود ، ويقوى هذا الوجه بما أن الله تعالى أعاد قوله :(
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=10لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة ) ولو كان المراد منه المشركين لكان هذا تكرارا محضا ، ولو كان المراد منه
اليهود لم يكن هذا تكرارا ، فكان ذلك أولى .
ثم قال :(
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=10وأولئك هم المعتدون ) يعني يعتدون ما حده الله في دينه وما يوجبه العقد والعهد ، وفي ذلك نهاية الذم ، والله أعلم .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=7كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=8كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=9اشْتَرَوْا بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=10لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ )
قَوْلُهُ تَعَالَى :(
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=7كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ) .
قَوْلُهُ :(
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=7كَيْفَ ) اسْتِفْهَامٌ بِمَعْنَى الْإِنْكَارِ كَمَا تَقُولُ : كَيْفَ يَسْبِقُنِي مِثْلُكَ ؟ أَيْ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَسْبِقَنِي وَفِي الْآيَةِ مَحْذُوفٌ وَتَقْدِيرُهُ : كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ مَعَ إِضْمَارِ الْغَدْرِ فِيمَا وَقَعَ مِنَ الْعَهْدِ إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ
الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ، لِأَجْلِ أَنَّهُمْ مَا نَكَثُوا وَمَا نَقَضُوا قِيلَ : إِنَّهُمْ
بَنُو كِنَانَةَ وَبَنُو ضَمْرَةَ فَتَرَبَّصُوا أَمْرَهُمْ وَلَا تَقْتُلُوهُمْ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ عَلَى الْعَهْدِ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ عَلَى مِثْلِهِ(
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=7إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ) يَعْنِي
nindex.php?page=treesubj&link=18085مَنِ اتَّقَى اللَّهَ يُوفِي بِعَهْدِهِ لِمَنْ عَاهَدَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=8كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=9اشْتَرَوْا بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=10لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ ) .
اعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ :(
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=8كَيْفَ ) تِكْرَارٌ لِاسْتِبْعَادِ ثَبَاتِ الْمُشْرِكِينَ عَلَى الْعَهْدِ ، وَحُذِفَ الْفِعْلُ لِكَوْنِهِ مَعْلُومًا أَيْ كَيْفَ يَكُونُ عَهْدُهُمْ وَحَالُهُمْ أَنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ بَعْدَمَا سَبَقَ لَهُمْ مِنْ تَأْكِيدِ الْإِيمَانِ وَالْمَوَاثِيقِ لَمْ يَنْظُرُوا إِلَى حِلْفٍ وَلَا عَهْدٍ " وَلَمْ يُبْقُوا عَلَيْكُمْ " هَذَا هُوَ الْمَعْنَى ، وَلَا بُدَّ مِنْ تَفْسِيرِ الْأَلْفَاظِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْآيَةِ يُقَالُ :
[ ص: 184 ] ظَهَرْتُ عَلَى فُلَانٍ إِذَا عَلَوْتُهُ ، وَظَهَرْتُ عَلَى السَّطْحِ إِذَا صِرْتُ فَوْقَهُ ، قَالَ
اللَّيْثُ : الظُّهُورُ الظَّفَرُ بِالشَّيْءِ ، وَأَظْهَرَ اللَّهُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ أَيْ أَعْلَاهُمْ عَلَيْهِمْ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى :(
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=14فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ ) [الصَّفِّ : 14] وَقَوْلُهُ :(
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=33لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ) [التَّوْبَةِ : 33] أَيْ لِيُعْلِيَهُ ، وَتَحْقِيقُ الْقَوْلِ فِيهِ أَنَّ مَنْ غَلَبَ غَيْرَهُ حَصَلَتْ لَهُ صِفَةُ كَمَالٍ ، وَمَنْ كَانَ كَذَلِكَ أَظْهَرَ نَفْسَهُ وَمَنْ صَارَ مَغْلُوبًا صَارَ كَالنَّاقِصِ ، وَالنَّاقِصُ لَا يُظْهِرُ نَفْسَهُ وَيُخْفِي نُقْصَانَهُ فَصَارَ الظُّهُورُ كِنَايَةً لِلْغَلَبَةِ لِكَوْنِهِ مِنْ لَوَازِمِهَا فَقَوْلُهُ :(
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=8وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ ) يُرِيدُ إِنْ يَقْدِرُوا عَلَيْكُمْ وَقَوْلُهُ :(
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=8لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ ) قَالَ
اللَّيْثُ : رَقَبَ الْإِنْسَانَ يَرْقُبُهُ رِقْبَةً وَرُقُوبًا وَهُوَ أَنْ يَنْتَظِرَهُ وَرَقِيبُ الْقَوْمِ حَارِسُهُمْ وَقَوْلُهُ :(
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=94وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي ) [ طه : 94 ] أَيْ لَمْ تَحْفَظْهُ ، أَمَّا الْأَوَّلُ فَفِيهِ أَقْوَالٌ :
الْأَوَّلُ : أَنَّهُ الْعَهْدُ قَالَ الشَّاعِرُ :
وَجَدْنَاهُمْ كَاذِبًا إِلُّهُمْ وَذُو الْإِلِّ وَالْعَهْدِ لَا يَكْذِبُ
يَعْنِي الْعَهْدَ .
الثَّانِي : قَالَ
الْفَرَّاءُ : الْإِلُّ الْقَرَابَةُ . قَالَ
حَسَّانُ :
لَعَمْرُكَ إِنَّ إِلَّكَ مِنْ قُرَيْشٍ كَإِلِّ السَّقْبِ مِنْ رَأْلِ النَّعَامِ
يَعْنِي الْقَرَابَةَ .
وَالثَّالِثُ : الْإِلُّ الْحِلْفُ ، قَالَ
أَوْسُ بْنُ حُجْرٍ :
لَوْلَا بَنُو مَالِكٍ وَالْإِلُّ مَرْقَبَةٌ وَمَالِكٌ فِيهِمُ الْآلَاءُ وَالشَّرَفُ
يَعْنِي الْحِلْفَ .
وَالرَّابِعُ : الْإِلُّ هُوَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=1أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ لَمَّا سَمِعَ هَذَيَانَ
مُسَيْلِمَةَ قَالَ : إِنَّ هَذَا الْكَلَامَ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ إِلٍّ ، وَطَعَنَ
الزَّجَّاجُ فِي هَذَا الْقَوْلِ وَقَالَ :
nindex.php?page=treesubj&link=28723أَسْمَاءُ اللَّهِ مَعْلُومَةٌ مِنَ الْأَخْبَارِ وَالْقُرْآنِ وَلَمْ يُسْمَعْ أَحَدٌ يَقُولُ : يَا إِلُّ .
الْخَامِسُ : قَالَ
الزَّجَّاجُ : حَقِيقَةُ الْإِلِّ عِنْدِي عَلَى مَا تُوجِبُهُ اللُّغَةُ تَحْدِيدُ الشَّيْءِ ، فَمِنْ ذَلِكَ الْإِلَّةُ الْحَرْبَةُ . وَأُذُنٌ مُؤَلَّلَةٌ ، فَالْإِلُّ يَخْرُجُ فِي جَمِيعِ مَا فُسِّرَ مِنَ الْعَهْدِ وَالْقَرَابَةِ .
السَّادِسُ : قَالَ
الْأَزْهَرِيُّ :
nindex.php?page=treesubj&link=28723إِيلْ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِالْعِبْرَانِيَّةِ ، فَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ عُرِّبَ ، فَقِيلَ إِلٌّ .
السَّابِعُ : قَالَ بَعْضُهُمْ : الْإِلُّ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِمْ : أَلَّ يَؤُلُّ أَلًّا ، إِذَا صَفَا وَلَمَعَ وَمِنْهُ الْآلُ لِلَمَعَانِهِ ، وَأُذُنٌ مُؤَلَّلَةٌ شَبِيهَةٌ بِالْحَرْبَةِ فِي تَحْدِيدِهَا وَلَهُ أَلِيلٌ أَيْ أَنِينٌ يَرْفَعُ بِهِ صَوْتَهُ ، وَرَفَعَتِ الْمَرْأَةُ أَلِيلَهَا إِذَا وَلْوَلَتْ ، فَالْعَهْدُ سُمِّيَ إِلًّا ، لِظُهُورِهِ وَصَفَائِهِ مِنْ شَوَائِبِ الْغَدْرِ ، أَوْ لِأَنَّ الْقَوْمَ إِذَا تَحَالَفُوا رَفَعُوا بِهِ أَصْوَاتَهُمْ وَشَهَرُوهُ .
أَمَّا قَوْلُهُ :(
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=8وَلَا ذِمَّةً ) فَالذِّمَّةُ الْعَهْدُ ، وَجَمْعُهَا ذِمَمٌ وَذِمَامٌ ، كُلُّ أَمْرٍ لَزِمَكَ ، وَكَانَ بِحَيْثُ لَوْ ضَيَّعْتَهُ لَزِمَتْكَ مَذَمَّةٌ ، وَقَالَ
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : الذِّمَّةُ مَا يُتَذَمَّمُ مِنْهُ ، يَعْنِي مَا يُجْتَنَبُ فِيهِ الذَّمُّ يُقَالُ : تَذَمَّمَ فُلَانٌ ، أَيْ أَلْقَى عَلَى نَفْسِهِ الذَّمَّ ، وَنَظِيرُهُ تَحَوَّبَ ، وَتَأَثَّمَ وَتَحَرَّجَ .
أَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=28980قَوْلُهُ :( nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=8يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ ) أَيْ يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ كَلَامًا حُلْوًا طَيِّبًا ، وَالَّذِي فِي قُلُوبِهِمْ بِخِلَافِ ذَلِكَ ، فَإِنَّهُمْ لَا يُضْمِرُونَ إِلَّا الشَّرَّ وَالْإِيذَاءَ إِنْ قَدَرُوا عَلَيْهِ(
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=8وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ ) وَفِيهِ سُؤَالَانِ :
السُّؤَالُ الْأَوَّلُ : الْمَوْصُوفُونَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ كُفَّارٌ ،
nindex.php?page=treesubj&link=28675وَالْكُفْرُ أَقْبَحُ وَأَخْبَثُ مِنَ الْفِسْقِ ، فَكَيْفَ يَحْسُنُ وَصْفُهُمْ بِالْفِسْقِ فِي مَعْرِضِ الْمُبَالَغَةِ فِي الذَّمِّ ؟
السُّؤَالُ الثَّانِي : إِنَّ الْكُفَّارَ كُلَّهُمْ فَاسِقُونَ ، فَلَا يَبْقَى لِقَوْلِهِ :(
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=8وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ ) فَائِدَةٌ .
وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ : أَنَّ الْكَافِرَ قَدْ يَكُونُ عَدْلًا فِي دِينِهِ ، وَقَدْ يَكُونُ فَاسِقًا خَبِيثَ النَّفْسِ فِي دِينِهِ ،
[ ص: 185 ] فَالْمُرَادُ هَهُنَا أَنَّ هَؤُلَاءِ الْكُفَّارَ الَّذِينَ مِنْ عَادَتِهِمْ نَقْضُ الْعُهُودِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=8وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ ) فِي دِينِهِمْ وَعِنْدَ أَقْوَامِهِمْ ، وَذَلِكَ يُوجِبُ الْمُبَالَغَةَ فِي الذَّمِّ .
وَالْجَوَابُ عَنِ الثَّانِي عَيْنُ مَا تَقَدَّمَ ؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ قَدْ يَكُونُ مُحْتَرِزًا عَنِ الْكَذِبِ ، وَنَقْضِ الْعَهْدِ وَالْمَكْرِ وَالْخَدِيعَةِ ، وَقَدْ يَكُونُ مَوْصُوفًا بِذَلِكَ ، وَمِثْلُ هَذَا الشَّخْصِ يَكُونُ مَذْمُومًا عِنْدَ جَمِيعِ النَّاسِ وَفِي جَمِيعِ الْأَدْيَانِ ، فَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ :(
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=8وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ ) أَنَّ أَكْثَرَهُمْ مَوْصُوفُونَ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ الْمَذْمُومَةِ ، وَأَيْضًا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : لَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ أُولَئِكَ الْكُفَّارِ قَدْ أَسْلَمَ وَتَابَ ، فَلِهَذَا السَّبَبِ قَالَ :(
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=8وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ ) حَتَّى يَخْرُجَ عَنْ هَذَا الْحُكْمِ أُولَئِكَ الَّذِينَ دَخَلُوا فِي الْإِسْلَامِ .
أَمَّا قَوْلُهُ :(
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=9nindex.php?page=treesubj&link=28980اشْتَرَوْا بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ ) فَفِيهِ قَوْلَانِ :
الْأَوَّلُ : الْمُرَادُ مِنْهُ الْمُشْرِكُونَ ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٌ : أَطْعَمَ
nindex.php?page=showalam&ids=12026أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ حُلَفَاءَهُ ، وَتَرَكَ حُلَفَاءَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَقَضُوا الْعَهْدَ الَّذِي كَانَ بَيْنَهُمْ بِسَبَبِ تِلْكَ الْأَكْلَةِ .
الثَّانِي : لَا يَبْعُدُ أَنْ تَكُونَ طَائِفَةٌ مِنَ
الْيَهُودِ أَعَانُوا الْمُشْرِكِينَ عَلَى نَقْضِ تِلْكَ الْعُهُودِ ، فَكَانَ الْمُرَادُ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ ذَمَّ أُولَئِكَ
الْيَهُودِ ، وَهَذَا اللَّفْظُ فِي الْقُرْآنِ كَالْأَمْرِ الْمُخْتَصِّ
بِالْيَهُودِ ، وَيَقْوَى هَذَا الْوَجْهُ بِمَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَعَادَ قَوْلَهُ :(
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=10لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً ) وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ مِنْهُ الْمُشْرِكِينَ لَكَانَ هَذَا تِكْرَارًا مَحْضًا ، وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ مِنْهُ
الْيَهُودَ لَمْ يَكُنْ هَذَا تِكْرَارًا ، فَكَانَ ذَلِكَ أَوْلَى .
ثُمَّ قَالَ :(
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=10وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ ) يَعْنِي يَعْتَدُونَ مَا حَدَّهُ اللَّهُ فِي دِينِهِ وَمَا يُوجِبُهُ الْعَقْدُ وَالْعَهْدُ ، وَفِي ذَلِكَ نِهَايَةُ الذَّمِّ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .