(
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=78قالوا أجئتنا لتلفتنا عما وجدنا عليه آباءنا وتكون لكما الكبرياء في الأرض وما نحن لكما بمؤمنين nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=79وقال فرعون ائتوني بكل ساحر عليم nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=80فلما جاء السحرة قال لهم موسى ألقوا ما أنتم ملقون nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=81فلما ألقوا قال موسى ما جئتم به السحر إن الله سيبطله إن الله لا يصلح عمل المفسدين nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=82ويحق الله الحق بكلماته ولو كره المجرمون )
قوله تعالى (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=78قالوا أجئتنا لتلفتنا عما وجدنا عليه آباءنا وتكون لكما الكبرياء في الأرض وما نحن لكما بمؤمنين nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=79وقال فرعون ائتوني بكل ساحر عليم nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=80فلما جاء السحرة قال لهم موسى ألقوا ما أنتم ملقون nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=81فلما ألقوا قال موسى ما جئتم به السحر إن الله سيبطله إن الله لا يصلح عمل المفسدين nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=82ويحق الله الحق بكلماته ولو كره المجرمون ) وفيه مسائل :
المسألة الأولى : اعلم
nindex.php?page=treesubj&link=31913أنه تعالى حكى عن فرعون وقومه أنهم لم يقبلوا دعوة موسى عليه السلام ، وعللوا عدم القبول بأمرين :
الأول : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=78أجئتنا لتلفتنا عما وجدنا عليه آباءنا ) قال
الواحدي : اللفت في أصل اللغة الصرف عن أمر ، وأصله اللي يقال : لفت عنقه إذا لواها ، ومن هذا يقال : التفت إليه ، أي أمال وجهه إليه .
قال
الأزهري : لفت الشيء وفتله إذا لواه ، وهذا من المقلوب .
واعلم أن حاصل هذا الكلام أنهم قالوا : لا نترك الدين الذي نحن عليه ، لأنا وجدنا آبائنا عليه ، فقد تمسكوا بالتقليد ودفعوا الحجة الظاهرة بمجرد الإصرار .
والسبب الثاني : في عدم القبول قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=78وتكون لكما الكبرياء في الأرض ) قال المفسرون : المعنى ويكون لكما الملك والعز في أرض
مصر ، والخطاب
لموسى وهارون . قال
الزجاج : سمى الملك كبرياء ; لأنه أكبر ما يطلب من أمر الدنيا ، وأيضا فالنبي إذا اعترف القوم بصدقه صارت مقاليد أمر أمته إليه ، فصار أكبر القوم .
واعلم أن السبب الأول إشارة إلى التمسك بالتقليد ، والسبب الثاني إشارة إلى الحرص على طلب الدنيا ، والجد في بقاء الرياسة ، ولما ذكر القوم هذين السببين صرحوا بالحكم وقالوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=78وما نحن لكما بمؤمنين ) .
واعلم أن القوم لما ذكروا هذه المعاني حاولوا بعد ذلك ، وأرادوا أن يعارضوا معجزة
موسى - عليه السلام - بأنواع من السحر ; ليظهروا عند الناس أن ما أتى به
موسى من باب السحر ،
nindex.php?page=treesubj&link=33952فجمع فرعون السحرة وأحضرهم ، فـ (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=80قال لهم موسى ألقوا ما أنتم ملقون ) .
[ ص: 115 ] فإن قيل : كيف أمرهم بالكفر والسحر ، والأمر بالكفر كفر ؟
قلنا : إنه - عليه السلام - أمرهم بإلقاء الحبال والعصي ، ليظهر للخلق أن ما أتوا به عمل فاسد وسعي باطل ، لا على طريق أنه - عليه السلام - أمرهم بالسحر ، فلما ألقوا حبالهم وعصيهم قال لهم
موسى : ما جئتم به هو السحر الباطل ، والغرض منه أن القوم قالوا
لموسى : إن ما جئت به سحر ، فذكر
موسى - عليه السلام - أن ما ذكرتموه باطل ، بل الحق أن الذي جئتم به هو السحر والتمويه الذي يظهر بطلانه ، ثم أخبرهم بأن الله تعالى يحق الحق ويبطل الباطل ، وقد أخبر الله تعالى في سائر السور أنه كيف أبطل ذلك السحر ، وذلك بسبب أن ذلك الثعبان قد تلقف كل تلك الحبال والعصي .
المسألة الثانية : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=81ما جئتم به السحر ) " ما " ههنا موصولة بمعنى الذي ، وهي مرتفعة بالابتداء ، وخبرها السحر ، قال الفراء : وإنما قال : ( السحر ) بالألف واللام ، لأنه جواب كلام سبق ، ألا ترى أنهم قالوا : لما جاءهم
موسى هذا سحر ، فقال لهم
موسى : بل ما جئتم به السحر ، فوجب دخول الألف واللام ، لأن النكرة إذا عادت عادت معرفة ، يقول الرجل لغيره : لقيت رجلا فيقول له : من الرجل ؟ فيعيده بالألف واللام ، ولو قال له : من رجل ؟ لم يقع في فهمه أنه سأله عن الرجل الذي ذكره له .
وقرأ
أبو عمرو : " آلسحر " بالاستفهام ، وعلى هذه القراءة " ما " استفهامية مرتفع بالابتداء ، وجئتم به في موضع الخبر ، كأنه قيل : أي شيء جئتم به ؟ ثم قال على وجه التوبيخ والتقريع : ( السحر ) كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=116أأنت قلت للناس اتخذوني ) [ المائدة : 116 ] والسحر بدل من المبتدأ ، ولزم أن يلحقه الاستفهام ليساوي المبدل منه في أنه استفهام ، كما تقول كم مالك ، أعشرون أم ثلاثون ؟ فجعلت أعشرون بدلا من كم ، ولا يلزم أن يضمر للسحر خبر ؛ لأنك إذا أبدلته من المبتدأ صار في موضعه ، وصار ما كان خبرا عن المبدل منه خبرا عنه .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=81إن الله سيبطله ) أي سيهلكه ويظهر فضيحة صاحبه ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=81إن الله لا يصلح عمل المفسدين ) أي لا يقويه ولا يكمله .
ثم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=82ويحق الله الحق ) ومعنى إحقاق الحق إظهاره وتقويته .
وقوله : ( بكلماته ) أي بوعده
موسى ، وقيل بما سبق من قضائه وقدره . وفي كلمات الله أبحاث غامضة عميقة عالية ، وقد ذكرناها في بعض مواضع من هذا الكتاب .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=78قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ فِي الْأَرْضِ وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=79وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=80فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=81فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=82وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ )
قَوْلُهُ تَعَالَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=78قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ فِي الْأَرْضِ وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=79وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=80فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=81فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=82وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ ) وَفِيهِ مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : اعْلَمْ
nindex.php?page=treesubj&link=31913أَنَّهُ تَعَالَى حَكَى عَنْ فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ أَنَّهُمْ لَمْ يَقْبَلُوا دَعْوَةَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَعَلَّلُوا عَدَمَ الْقَبُولِ بِأَمْرَيْنِ :
الْأَوَّلُ : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=78أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا ) قَالَ
الْوَاحِدِيُّ : اللَّفْتُ فِي أَصْلِ اللُّغَةِ الصَّرْفُ عَنْ أَمْرٍ ، وَأَصْلُهُ اللَّيُّ يُقَالُ : لَفَتَ عُنُقَهُ إِذَا لَوَاهَا ، وَمِنْ هَذَا يُقَالُ : الْتَفَتَ إِلَيْهِ ، أَيْ أَمَالَ وَجْهَهُ إِلَيْهِ .
قَالَ
الْأَزْهَرِيُّ : لَفَتَ الشَّيْءَ وَفَتَلَهُ إِذَا لَوَاهُ ، وَهَذَا مِنَ الْمَقْلُوبِ .
وَاعْلَمْ أَنَّ حَاصِلَ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّهُمْ قَالُوا : لَا نَتْرُكُ الدِّينَ الَّذِي نَحْنُ عَلَيْهِ ، لِأَنَّا وَجَدْنَا آبَائَنَا عَلَيْهِ ، فَقَدْ تَمَسَّكُوا بِالتَّقْلِيدِ وَدَفَعُوا الْحُجَّةَ الظَّاهِرَةَ بِمُجَرَّدِ الْإِصْرَارِ .
وَالسَّبَبُ الثَّانِي : فِي عَدَمِ الْقَبُولِ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=78وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ فِي الْأَرْضِ ) قَالَ الْمُفَسِّرُونَ : الْمَعْنَى وَيَكُونُ لَكُمَا الْمُلْكُ وَالْعِزُّ فِي أَرْضِ
مِصْرَ ، وَالْخِطَابُ
لِمُوسَى وَهَارُونَ . قَالَ
الزَّجَّاجُ : سَمَّى الْمُلْكَ كِبْرِيَاءً ; لِأَنَّهُ أَكْبَرُ مَا يُطْلَبُ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا ، وَأَيْضًا فَالنَّبِيُّ إِذَا اعْتَرَفَ الْقَوْمُ بِصِدْقِهِ صَارَتْ مَقَالِيدُ أَمْرِ أُمَّتِهِ إِلَيْهِ ، فَصَارَ أَكْبَرَ الْقَوْمِ .
وَاعْلَمْ أَنَّ السَّبَبَ الْأَوَّلَ إِشَارَةٌ إِلَى التَّمَسُّكِ بِالتَّقْلِيدِ ، وَالسَّبَبَ الثَّانِيَ إِشَارَةٌ إِلَى الْحِرْصِ عَلَى طَلَبِ الدُّنْيَا ، وَالْجِدِّ فِي بَقَاءِ الرِّيَاسَةِ ، وَلَمَّا ذَكَرَ الْقَوْمُ هَذَيْنِ السَّبَبَيْنِ صَرَّحُوا بِالْحُكْمِ وَقَالُوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=78وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ ) .
وَاعْلَمْ أَنَّ الْقَوْمَ لَمَّا ذَكَرُوا هَذِهِ الْمَعَانِيَ حَاوَلُوا بَعْدَ ذَلِكَ ، وَأَرَادُوا أَنْ يُعَارِضُوا مُعْجِزَةَ
مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِأَنْوَاعٍ مِنَ السِّحْرِ ; لِيُظْهِرُوا عِنْدَ النَّاسِ أَنَّ مَا أَتَى بِهِ
مُوسَى مِنْ بَابِ السِّحْرِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=33952فَجَمَعَ فِرْعَوْنُ السَّحَرَةَ وَأَحْضَرَهُمْ ، فَـ (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=80قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ ) .
[ ص: 115 ] فَإِنْ قِيلَ : كَيْفَ أَمَرَهُمْ بِالْكُفْرِ وَالسِّحْرِ ، وَالْأَمْرُ بِالْكُفْرِ كُفْرٌ ؟
قُلْنَا : إِنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَمَرَهُمْ بِإِلْقَاءِ الْحِبَالِ وَالْعِصِيِّ ، لِيُظْهِرَ لِلْخَلْقِ أَنَّ مَا أَتَوْا بِهِ عَمَلٌ فَاسِدٌ وَسَعْيٌ بَاطِلٌ ، لَا عَلَى طَرِيقِ أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَمَرَهُمْ بِالسِّحْرِ ، فَلَمَّا أَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ قَالَ لَهُمْ
مُوسَى : مَا جِئْتُمْ بِهِ هُوَ السِّحْرُ الْبَاطِلُ ، وَالْغَرَضُ مِنْهُ أَنَّ الْقَوْمَ قَالُوا
لِمُوسَى : إِنَّ مَا جِئْتَ بِهِ سِحْرٌ ، فَذَكَرَ
مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّ مَا ذَكَرْتُمُوهُ بَاطِلٌ ، بَلِ الْحَقُّ أَنَّ الَّذِي جِئْتُمْ بِهِ هُوَ السِّحْرُ وَالتَّمْوِيهُ الَّذِي يَظْهَرُ بُطْلَانُهُ ، ثُمَّ أَخْبَرَهُمْ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِقُّ الْحَقَّ وَيُبْطِلُ الْبَاطِلَ ، وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى فِي سَائِرِ السُّوَرِ أَنَّهُ كَيْفَ أَبْطَلَ ذَلِكَ السِّحْرَ ، وَذَلِكَ بِسَبَبِ أَنَّ ذَلِكَ الثُّعْبَانَ قَدْ تَلَقَّفَ كُلَّ تِلْكَ الْحِبَالِ وَالْعِصِيِّ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=81مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ ) " مَا " هَهُنَا مَوْصُولَةٌ بِمَعْنَى الَّذِي ، وَهِيَ مُرْتَفِعَةٌ بِالِابْتِدَاءِ ، وَخَبَرُهَا السِّحْرُ ، قَالَ الْفَرَّاءُ : وَإِنَّمَا قَالَ : ( السِّحْرُ ) بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ ، لِأَنَّهُ جَوَابُ كَلَامٍ سَبَقَ ، أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ قَالُوا : لَمَّا جَاءَهُمْ
مُوسَى هَذَا سِحْرٌ ، فَقَالَ لَهُمْ
مُوسَى : بَلْ مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ ، فَوَجَبَ دُخُولُ الْأَلِفِ وَاللَّامِ ، لِأَنَّ النَّكِرَةَ إِذَا عَادَتْ عَادَتْ مَعْرِفَةً ، يَقُولُ الرَّجُلُ لِغَيْرِهِ : لَقِيِتُ رَجُلًا فَيَقُولُ لَهُ : مَنِ الرَّجُلُ ؟ فَيُعِيدُهُ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ ، وَلَوْ قَالَ لَهُ : مَنْ رَجُلٌ ؟ لَمْ يَقَعْ فِي فَهْمِهِ أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنِ الرَّجُلِ الَّذِي ذَكَرَهُ لَهُ .
وَقَرَأَ
أَبُو عَمْرٍو : " آلسِّحْرُ " بِالِاسْتِفْهَامِ ، وَعَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ " مَا " اسْتِفْهَامِيَّةٌ مُرْتَفِعٌ بِالِابْتِدَاءِ ، وَجِئْتُمْ بِهِ فِي مَوْضِعِ الْخَبَرِ ، كَأَنَّهُ قِيلَ : أَيُّ شَيْءٍ جِئْتُمْ بِهِ ؟ ثُمَّ قَالَ عَلَى وَجْهِ التَّوْبِيخِ وَالتَّقْرِيعِ : ( السِّحْرُ ) كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=116أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي ) [ الْمَائِدَةِ : 116 ] وَالسِّحْرُ بَدَلٌ مِنَ الْمُبْتَدَأِ ، وَلَزِمَ أَنْ يَلْحَقَهُ الِاسْتِفْهَامُ لِيُسَاوِيَ الْمُبْدَلَ مِنْهُ فِي أَنَّهُ اسْتِفْهَامٌ ، كَمَا تَقُولُ كَمْ مَالُكَ ، أَعِشْرُونَ أَمْ ثَلَاثُونَ ؟ فَجَعَلْتَ أَعِشْرُونَ بَدَلًا مِنْ كَمْ ، وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يُضْمَرَ لِلسِّحْرِ خَبَرٌ ؛ لِأَنَّكَ إِذَا أَبْدَلْتَهُ مِنَ الْمُبْتَدَأِ صَارَ فِي مَوْضِعِهِ ، وَصَارَ مَا كَانَ خَبَرًا عَنِ الْمُبْدَلِ مِنْهُ خَبَرًا عَنْهُ .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=81إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ ) أَيْ سَيُهْلِكُهُ وَيُظْهِرُ فَضِيحَةَ صَاحِبِهِ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=81إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ ) أَيْ لَا يُقَوِّيهِ وَلَا يُكْمِلُهُ .
ثُمَّ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=82وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ ) وَمَعْنَى إِحْقَاقِ الْحَقِّ إِظْهَارُهُ وَتَقْوِيَتُهُ .
وَقَوْلُهُ : ( بِكَلِمَاتِهِ ) أَيْ بِوَعْدِهِ
مُوسَى ، وَقِيلَ بِمَا سَبَقَ مِنْ قَضَائِهِ وَقَدَرِهِ . وَفِي كَلِمَاتِ اللَّهِ أَبْحَاثٌ غَامِضَةٌ عَمِيقَةٌ عَالِيَةٌ ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهَا فِي بَعْضِ مَوَاضِعَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ .