(
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=61وإلى ثمود أخاهم صالحا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها فاستغفروه ثم توبوا إليه إن ربي قريب مجيب nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=62قالوا يا صالح قد كنت فينا مرجوا قبل هذا أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا وإننا لفي شك مما تدعونا إليه مريب )
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=61وإلى ثمود أخاهم صالحا قال ياقوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها فاستغفروه ثم توبوا إليه إن ربي قريب مجيب nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=62قالوا ياصالح قد كنت فينا مرجوا قبل هذا أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا وإننا لفي شك مما تدعونا إليه مريب ) .
اعلم أن هذا هو القصة الثالثة من القصص المذكورة في هذه السورة ، وهي
nindex.php?page=treesubj&link=31845_32626قصة صالح مع ثمود ، ونظمها مثل النظم المذكور في قصة
هود ، إلا أن ههنا لما أمرهم بالتوحيد ذكر في تقريره دليلين :
الدليل الأول : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=61هو أنشأكم من الأرض ) وفيه وجهان :
الوجه الأول : أن
nindex.php?page=treesubj&link=19789_28661_31808الكل مخلوقون من صلب آدم ، وهو كان مخلوقا من الأرض ، وأقول : هذا صحيح ، لكن فيه وجه آخر وهو أقرب منه ؛ وذلك لأن الإنسان مخلوق من المني ومن دم الطمث ، والمني إنما تولد من
[ ص: 15 ] الدم ، فالإنسان مخلوق من الدم ، والدم إنما تولد من الأغذية ، وهذه الأغذية إما حيوانية وإما نباتية ، والحيوانات حالها كحال الإنسان ، فوجب انتهاء الكل إلى النبات ، وظاهر أن تولد النبات من الأرض ، فثبت أنه تعالى أنشأنا من الأرض .
والوجه الثاني : أن تكون كلمة "من" معناها في التقدير : أنشأكم في الأرض ، وهذا ضعيف ؛ لأنه
nindex.php?page=treesubj&link=28915_34080متى أمكن حمل الكلام على ظاهره فلا حاجة إلى صرفه عنه ، وأما تقرير أن تولد الإنسان من الأرض كيف يدل على وجود الصانع - فقد شرحناه مرارا كثيرة .
الدليل الثاني : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=61nindex.php?page=treesubj&link=28982واستعمركم فيها ) وفيه ثلاثة أوجه :
الأول : جعلكم عمارها ، قالوا : كان ملوك
فارس قد أكثروا في حفر الأنهار وغرس الأشجار ، لا جرم حصلت لهم الأعمار الطويلة ، فسأل نبي من أنبياء زمانهم ربه ، ما سبب تلك الأعمار ؟ فأوحى الله تعالى إليه أنهم عمروا بلادي فعاش فيها عبادي .
وأخذ
معاوية في إحياء أرض في آخر عمره ، فقيل له : ما حملك عليه ؟ فقال : ما حملني عليه إلا قول القائل :
ليس الفتى بفتى لا يستضاء به ولا يكون له في الأرض آثار
الثاني : أنه تعالى أطال أعماركم فيها ، واشتقاق (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=61واستعمركم ) من العمر ، مثل استبقاكم من البقاء .
والثالث : أنه مأخوذ من العمرى ، أي جعلها لكم طول أعماركم ، فإذا متم انتقلت إلى غيركم .
واعلم أن في كون الأرض قابلة للعمارات النافعة للإنسان ، وكون الإنسان قادرا عليها -
nindex.php?page=treesubj&link=28658_29619دلالة عظيمة على وجود الصانع ، ويرجع حاصله إلى ما ذكره الله تعالى في آية أخرى ، وهي قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=3والذي قدر فهدى ) [الأعلى : 3 ] وذلك لأن حدوث الإنسان - مع أنه حصل في ذاته العقل الهادي والقدرة على التصرفات الموافقة - يدل على وجود الصانع الحكيم ، وكون الأرض موصوفة بصفات مطابقة للمصالح موافقة للمنافع يدل أيضا على وجود الصانع الحكيم .
أما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=61فاستغفروه ثم توبوا إليه ) فقد تقدم تفسيره .
وأما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=61إن ربي قريب مجيب ) يعني أنه قريب بالعلم والسمع (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=61مجيب ) دعاء المحتاجين بفضله ورحمته ، ثم بين تعالى أن
صالحا - عليه السلام - لما قرر هذه الدلائل (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=62nindex.php?page=treesubj&link=31844_32626قالوا يا صالح قد كنت فينا مرجوا قبل هذا ) وفيه وجوه :
الأول : أنه لما كان رجلا قوي العقل ، قوي الخاطر ، وكان من قبيلتهم قوي رجاؤهم في أن ينصر دينهم ويقوي مذهبهم ويقرر طريقتهم ؛ لأنه متى حدث رجل فاضل في قوم طمعوا فيه من هذا الوجه .
الثاني : قال بعضهم : المراد أنك كنت تعطف على فقرائنا ، وتعين ضعفاءنا ، وتعود مرضانا ، فقوي رجاؤنا فيك أنك من الأنصار والأحباب ، فكيف أظهرت العداوة والبغضة ؟ ثم إنهم أضافوا إلى هذا الكلام التعجب الشديد من قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=62أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا ) والمقصود من هذا الكلام التمسك بطريق التقليد ، ووجوب متابعة الآباء والأسلاف ، ونظير هذا التعجب ما حكاه الله تعالى عن كفار
مكة حيث قالوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=5أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب ) [ص : 5 ] ثم قالوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=62وإننا لفي شك مما تدعونا إليه مريب ) والشك هو أن يبقى الإنسان متوقفا بين النفي والإثبات ، والمريب هو الذي يظن به السوء ، فقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=62وإننا لفي شك ) يعني به أنه لم يترجح في اعتقادهم صحة قوله ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=62مريب ) يعني أنه ترجح في اعتقادهم فساد قوله ، وهذا مبالغة في تزييف كلامه .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=61وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=62قَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ )
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=61وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=62قَالُوا يَاصَالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ ) .
اعْلَمْ أَنَّ هَذَا هُوَ الْقِصَّةُ الثَّالِثَةُ مِنَ الْقَصَصِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذِهِ السُّورَةِ ، وَهِيَ
nindex.php?page=treesubj&link=31845_32626قِصَّةُ صَالِحٍ مَعَ ثَمُودَ ، وَنَظْمُهَا مِثْلُ النَّظْمِ الْمَذْكُورِ فِي قِصَّةِ
هُودٍ ، إِلَّا أَنَّ هَهُنَا لَمَّا أَمَرَهُمْ بِالتَّوْحِيدِ ذَكَرَ فِي تَقْرِيرِهِ دَلِيلَيْنِ :
الدَّلِيلُ الْأَوَّلُ : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=61هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ ) وَفِيهِ وَجْهَانِ :
الْوَجْهُ الْأَوَّلُ : أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=19789_28661_31808الْكُلَّ مَخْلُوقُونَ مِنْ صُلْبِ آدَمَ ، وَهُوَ كَانَ مَخْلُوقًا مِنَ الْأَرْضِ ، وَأَقُولُ : هَذَا صَحِيحٌ ، لَكِنْ فِيهِ وَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَقْرَبُ مِنْهُ ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ مَخْلُوقٌ مِنَ الْمَنِيِّ وَمِنْ دَمِ الطَّمْثِ ، وَالْمَنِيُّ إِنَّمَا تَوَلَّدَ مِنَ
[ ص: 15 ] الدَّمِ ، فَالْإِنْسَانُ مَخْلُوقٌ مِنَ الدَّمِ ، وَالدَّمُ إِنَّمَا تَوَلَّدَ مِنَ الْأَغْذِيَةِ ، وَهَذِهِ الْأَغْذِيَةُ إِمَّا حَيَوَانِيَّةً وَإِمَّا نَبَاتِيَّةً ، وَالْحَيَوَانَاتُ حَالُهَا كَحَالِ الْإِنْسَانِ ، فَوَجَبَ انْتِهَاءُ الْكُلِّ إِلَى النَّبَاتِ ، وَظَاهِرٌ أَنَّ تَوَلُّدَ النَّبَاتِ مِنَ الْأَرْضِ ، فَثَبَتَ أَنَّهُ تَعَالَى أَنْشَأَنَا مِنَ الْأَرْضِ .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي : أَنْ تَكُونَ كَلِمَةُ "مِنْ" مَعْنَاهَا فِي التَّقْدِيرِ : أَنْشَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ ، وَهَذَا ضَعِيفٌ ؛ لِأَنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=28915_34080مَتَى أَمْكَنَ حَمْلُ الْكَلَامِ عَلَى ظَاهِرِهِ فَلَا حَاجَةَ إِلَى صَرْفِهِ عَنْهُ ، وَأَمَّا تَقْرِيرُ أَنَّ تَوَلُّدَ الْإِنْسَانِ مِنَ الْأَرْضِ كَيْفَ يَدُلُّ عَلَى وُجُودِ الصَّانِعِ - فَقَدْ شَرَحْنَاهُ مِرَارًا كَثِيرَةً .
الدَّلِيلُ الثَّانِي : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=61nindex.php?page=treesubj&link=28982وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا ) وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ :
الْأَوَّلُ : جَعَلَكُمْ عُمَّارَهَا ، قَالُوا : كَانَ مُلُوكُ
فَارِسَ قَدْ أَكْثَرُوا فِي حَفْرِ الْأَنْهَارِ وَغَرْسِ الْأَشْجَارِ ، لَا جَرَمَ حَصَلَتْ لَهُمُ الْأَعْمَارُ الطَّوِيلَةُ ، فَسَأَلَ نَبِيٌّ مِنْ أَنْبِيَاءِ زَمَانِهِمْ رَبَّهُ ، مَا سَبَبُ تِلْكَ الْأَعْمَارِ ؟ فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ أَنَّهُمْ عَمَّرُوا بِلَادِي فَعَاشَ فِيهَا عِبَادِي .
وَأَخَذَ
مُعَاوِيَةُ فِي إِحْيَاءِ أَرْضٍ فِي آخِرِ عُمْرِهِ ، فَقِيلَ لَهُ : مَا حَمَلَكَ عَلَيْهِ ؟ فَقَالَ : مَا حَمَلَنِي عَلَيْهِ إِلَّا قَوْلُ الْقَائِلِ :
لَيْسَ الْفَتَى بِفَتًى لَا يُسْتَضَاءُ بِهِ وَلَا يَكُونُ لَهُ فِي الْأَرْضِ آثَارُ
الثَّانِي : أَنَّهُ تَعَالَى أَطَالَ أَعْمَارَكُمْ فِيهَا ، وَاشْتِقَاقُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=61وَاسْتَعْمَرَكُمْ ) مِنَ الْعُمْرِ ، مِثْلَ اسْتَبْقَاكُمْ مِنَ الْبَقَاءِ .
وَالثَّالِثُ : أَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنَ الْعُمْرَى ، أَيْ جَعَلَهَا لَكُمْ طُولَ أَعْمَارِكُمْ ، فَإِذَا مُتُّمُ انْتَقَلَتْ إِلَى غَيْرِكُمْ .
وَاعْلَمْ أَنَّ فِي كَوْنِ الْأَرْضِ قَابِلَةً لِلْعِمَارَاتِ النَّافِعَةِ لِلْإِنْسَانِ ، وَكَوْنِ الْإِنْسَانِ قَادِرًا عَلَيْهَا -
nindex.php?page=treesubj&link=28658_29619دَلَالَةً عَظِيمَةً عَلَى وُجُودِ الصَّانِعِ ، وَيَرْجِعُ حَاصِلُهُ إِلَى مَا ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي آيَةٍ أُخْرَى ، وَهِيَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=3وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى ) [الْأَعْلَى : 3 ] وَذَلِكَ لِأَنَّ حُدُوثَ الْإِنْسَانِ - مَعَ أَنَّهُ حَصَلَ فِي ذَاتِهِ الْعَقْلُ الْهَادِي وَالْقُدْرَةُ عَلَى التَّصَرُّفَاتِ الْمُوَافِقَةِ - يَدُلُّ عَلَى وُجُودِ الصَّانِعِ الْحَكِيمِ ، وَكَوْنُ الْأَرْضِ مَوْصُوفَةً بِصِفَاتٍ مُطَابِقَةٍ لِلْمَصَالِحِ مُوَافِقَةٍ لِلْمَنَافِعِ يَدُلُّ أَيْضًا عَلَى وُجُودِ الصَّانِعِ الْحَكِيمِ .
أَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=61فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ ) فَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُهُ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=61إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ ) يَعْنِي أَنَّهُ قَرِيبٌ بِالْعِلْمِ وَالسَّمْعِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=61مُجِيبٌ ) دُعَاءَ الْمُحْتَاجِينَ بِفَضْلِهِ وَرَحْمَتِهِ ، ثُمَّ بَيَّنَ تَعَالَى أَنَّ
صَالِحًا - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمَّا قَرَّرَ هَذِهِ الدَّلَائِلَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=62nindex.php?page=treesubj&link=31844_32626قَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا ) وَفِيهِ وُجُوهٌ :
الْأَوَّلُ : أَنَّهُ لَمَّا كَانَ رَجُلًا قَوِيَّ الْعَقْلِ ، قَوِيَّ الْخَاطِرِ ، وَكَانَ مِنْ قَبِيلَتِهِمْ قَوِيَ رَجَاؤُهُمْ فِي أَنْ يَنْصُرَ دِينَهُمْ وَيُقَوِّيَ مَذْهَبَهُمْ وَيُقَرِّرَ طَرِيقَتَهُمْ ؛ لِأَنَّهُ مَتَى حَدَثَ رَجُلٌ فَاضِلٌ فِي قَوْمٍ طَمِعُوا فِيهِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ .
الثَّانِي : قَالَ بَعْضُهُمُ : الْمُرَادُ أَنَّكَ كُنْتَ تَعْطِفُ عَلَى فُقَرَائِنَا ، وَتُعِينُ ضُعَفَاءَنَا ، وَتَعُودُ مَرْضَانَا ، فَقَوِيَ رَجَاؤُنَا فِيكَ أَنَّكَ مِنَ الْأَنْصَارِ وَالْأَحْبَابِ ، فَكَيْفَ أَظْهَرْتَ الْعَدَاوَةَ وَالْبِغْضَةَ ؟ ثُمَّ إِنَّهُمْ أَضَافُوا إِلَى هَذَا الْكَلَامِ التَّعَجُّبَ الشَّدِيدَ مِنْ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=62أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا ) وَالْمَقْصُودُ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ التَّمَسُّكُ بِطَرِيقِ التَّقْلِيدِ ، وَوُجُوبُ مُتَابِعَةِ الْآبَاءِ وَالْأَسْلَافِ ، وَنَظِيرُ هَذَا التَّعَجُّبِ مَا حَكَاهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ كُفَّارِ
مَكَّةَ حَيْثُ قَالُوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=5أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ ) [ص : 5 ] ثُمَّ قَالُوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=62وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ ) وَالشَّكُّ هُوَ أَنْ يَبْقَى الْإِنْسَانُ مُتَوَقِّفًا بَيْنَ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ ، وَالْمُرِيبُ هُوَ الَّذِي يُظَنُّ بِهِ السُّوءُ ، فَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=62وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ ) يَعْنِي بِهِ أَنَّهُ لَمْ يَتَرَجَّحْ فِي اعْتِقَادِهِمْ صِحَّةُ قَوْلِهِ ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=62مُرِيبٍ ) يَعْنِي أَنَّهُ تَرَجَّحَ فِي اعْتِقَادِهِمْ فَسَادُ قَوْلِهِ ، وَهَذَا مُبَالَغَةٌ فِي تَزْيِيفِ كَلَامِهِ .