( ولما جاء أمرنا نجينا شعيبا والذين آمنوا معه برحمة منا وأخذت الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين كأن لم يغنوا فيها ألا بعدا لمدين كما بعدت ثمود )
قوله تعالى : ( ولما جاء أمرنا نجينا شعيبا والذين آمنوا معه برحمة منا وأخذت الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين كأن لم يغنوا فيها ألا بعدا لمدين كما بعدت ثمود ) .
روى الكلبي عن - رضي الله عنهما - قال : ابن عباس قوم شعيب وقوم صالح ، فأما لم يعذب الله تعالى أمتين بعذاب واحد إلا قوم صالح فأخذتهم الصيحة من تحتهم ، وقوم شعيب أخذتهم من فوقهم ، وقوله : ( ولما جاء أمرنا ) يحتمل أن يكون المراد منه : ولما جاء وقت أمرنا ملكا من الملائكة بتلك الصيحة ، ويحتمل أن يكون المراد من الأمر العقاب ، وعلى التقديرين فأخبر الله أنه نجى شعيبا ومن معه من المؤمنين برحمة منه ، وفيه وجهان :
الأول : أنه تعالى إنما خلصه من ذلك العذاب لمحض رحمته ، تنبيها على أن . كل ما يصل إلى العبد فليس إلا بفضل الله ورحمته
والثاني : أن يكون : الإيمان والطاعة وسائر الأعمال الصالحة ، وهي أيضا ما حصلت إلا بتوفيق الله تعالى ، ثم وصف كيفية ذلك العذاب ، فقال : ( المراد من الرحمة وأخذت الذين ظلموا الصيحة ) وإنما ذكر الصيحة بالألف واللام إشارة إلى المعهود السابق ، وهي صيحة جبريل - عليه السلام - ( فأصبحوا في ديارهم جاثمين ) والجاثم الملازم لمكانه الذي لا يتحول عنه ، يعني أن جبريل - عليه السلام - لما صاح بهم تلك الصيحة زهق روح كل واحد منهم بحيث يقع في مكانه ميتا ( كأن لم يغنوا فيها ) أي كأن لم يقيموا في ديارهم أحياء متصرفين مترددين .
ثم قال تعالى : ( ألا بعدا لمدين كما بعدت ثمود ) وقد تقدم تفسير هذه اللفظة ، وإنما قاس حالهم على ثمود لما ذكرنا أنه تعالى عذبهم مثل عذاب ثمود .