( وكذلك أنزلناه حكما عربيا ولئن اتبعت أهواءهم بعدما جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا واق ) .
قوله تعالى : ( وكذلك أنزلناه حكما عربيا ولئن اتبعت أهواءهم بعدما جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا واق ) .
وفيه مسائل :
المسألة الأولى : اعلم أنه تعالى شبه إنزاله حكما عربيا بما أنزل إلى من تقدم من الأنبياء ، أي كما أنزلنا الكتب على الأنبياء بلسانهم ، كذلك أنزلت عليك القرآن ، والكناية في قوله : ( أنزلناه ) تعود إلى "ما" في قوله : ( يفرحون بما أنزل إليك ) يعني القرآن.
المسألة الثانية : قوله : ( أنزلناه حكما عربيا ) فيه وجوه :
الأول : حكمة عربية مترجمة بلسان العرب.
الثاني : ، فالحكم لا يمكن إلا بالقرآن ، فلما كان القرآن سببا للحكم جعل نفس الحكم على سبيل المبالغة. القرآن مشتمل على جميع أقسام التكاليف
الثالث : أنه تعالى حكم على جميع المكلفين بقبول القرآن والعمل به ، فلما حكم على الخلق بوجوب قبوله جعله حكما.
واعلم أن قوله : ( حكما عربيا ) نصب على الحال ، والمعنى : أنزلناه حال كونه حكما عربيا .
المسألة الثالثة : قالت المعتزلة : الآية دالة على حدوث القرآن من وجوه :
الأول : أنه تعالى وصفه بكونه منزلا ، وذلك لا يليق إلا بالمحدث.
الثاني : أنه وصفه بكونه عربيا ، والعربي هو الذي حصل بوضع العرب واصطلاحهم ، وما كان كذلك كان محدثا.
الثالث : أن الآية دالة على أنه إنما كان حكما عربيا ؛ لأن الله تعالى جعله كذلك ووصفه بهذه الصفة ، وكل ما كان كذلك فهو محدث.
والجواب : أن كل هذه الوجوه دالة على أن المركب من الحروف والأصوات محدث ، ولا نزاع فيه ، والله أعلم.
المسألة الرابعة : روي أن المشركين كانوا يدعونه إلى ملة آبائه فتوعده الله تعالى على متابعتهم في تلك المذاهب مثل أن يصلي إلى قبلتهم بعد أن حوله الله عنها.
قال : الخطاب مع النبي صلى الله عليه وسلم والمراد أمته ، وقيل : بل الغرض منه حث الرسول عليه السلام على القيام بحق الرسالة وتحذيره من خلافها ، ويتضمن [ ص: 50 ] ذلك أيضا تحذير جميع المكلفين ؛ لأن من هو أرفع منزلة إذا حذر هذا التحذير فهم أحق بذلك وأولى. ابن عباس