[ ص: 87 ] ( وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتموني من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم ) .
قوله تعالى : ( وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتموني من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم ) .
اعلم أنه تعالى لما ذكر المناظرة التي وقعت بين الرؤساء والأتباع من كفرة الإنس ، أردفها فقال تعالى : ( بالمناظرة التي وقعت بين الشيطان وبين أتباعه من الإنس وقال الشيطان لما قضي الأمر ) وفي المراد بقوله : ( لما قضي الأمر ) وجوه :
القول الأول : قال المفسرون : إذا استقر أهل الجنة في الجنة ، وأهل النار في النار ، أخذ أهل النار في لوم إبليس وتقريعه فيقوم في النار فيما بينهم خطيبا ويقول : ما أخبر الله عنه بقوله : ( وقال الشيطان لما قضي الأمر ) .
القول الثاني : أن المراد من قوله : ( قضي الأمر ) لما انقضت المحاسبة ، والقول الأول أولى ؛ لأن آخر أمر أهل القيامة استقرار المطيعين في الجنة واستقرار الكافرين في النار ، ثم يدوم الأمر بعد ذلك .
والقول الثالث : وهو أن مذهبنا أن ويدخلون الجنة فلا يبعد أن يكون المراد من قوله : ( الفساق من أهل الصلاة يخرجون من النار لما قضي الأمر ) ذلك الوقت ؛ لأن في ذلك الوقت تنقطع الأحوال المعتبرة ، ولا يحصل بعده إلا دوام ما حصل فيه قبل ذلك ، وأما ؛ لأن لفظ الشيطان لفظ مفرد فيتناول الواحد وإبليس رأس الشياطين ورئيسهم ، فحمل اللفظ عليه أولى ، لا سيما وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الشيطان فالمراد به إبليس " . إذا جمع الله الخلق وقضى بينهم يقول الكافر : قد وجد المسلمون من يشفع لهم فمن يشفع لنا ما هو إلا إبليس هو الذي أضلنا فيأتونه ويسألونه فعند ذلك يقول هذا القول