وأما قوله تعالى : ( ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار    ) . 
فاعلم أن الشجرة الخبيثة هي الجهل بالله ، فإنه أول الآفات وعنوان المخالفات ورأس الشقاوات ، ثم إنه تعالى شبهها بشجرة موصوفة بصفات ثلاثة : 
الصفة الأولى : أنها تكون خبيثة . فمنهم من قال : إنها الثوم ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم وصف الثوم بأنها شجرة خبيثة .   [ ص: 96 ] وقيل : إنها الكراث . وقيل : إنها شجرة الحنظل لكثرة ما فيها من المضار . وقيل : إنها شجرة الشوك . 
واعلم أن هذا التفصيل لا حاجة إليه ، فإن الشجرة قد تكون خبيثة بحسب الرائحة وقد تكون بحسب الطعم ، وقد تكون بحسب الصورة والمنظر ، وقد تكون بحسب اشتمالها على المضار الكثيرة . والشجرة الجامعة لكل هذه الصفات وإن لم تكن موجودة ، إلا أنها لما كانت معلومة الصفة كان التشبيه بها نافعا في المطلوب . 
والصفة الثانية : قوله : ( اجتثت من فوق الأرض    ) وهذه الصفة في مقابلة قوله : ( أصلها ثابت    ) ومعنى اجتثت استؤصلت ، وحقيقة الاجتثاث أخذ الجثة كلها ، وقوله : ( من فوق الأرض    ) معناه : ليس لها أصل ولا عرق ، فكذلك الشرك بالله تعالى ليس له حجة ولا ثبات ولا قوة    . 
والصفة الثالثة : قوله ( ما لها من قرار    ) وهذه الصفة كالمتممة للصفة الثانية ، والمعنى أنه ليس لها استقرار . يقال : قر الشيء قرارا كقولك : ثبت ثباتا ، شبه بها القول الذي لم يعضد بحجة فهو داحض غير ثابت . 
واعلم أن هذا المثال في صفة الكلمة الخبيثة في غاية الكمال ؛ وذلك لأنه تعالى بين كونها موصوفة بالمضار الكثيرة ، وخالية عن كل المنافع . أما كونها موصوفة بالمضار فإليه الإشارة بقوله : ( خبيثة    ) ، وأما كونها خالية عن كل المنافع فإليه الإشارة بقوله : ( اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار    ) . والله أعلم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					