( وإن كان أصحاب الأيكة لظالمين فانتقمنا منهم وإنهما لبإمام مبين )
قوله تعالى : ( وإن كان أصحاب الأيكة لظالمين فانتقمنا منهم وإنهما لبإمام مبين )
اعلم أن هذه هي القصة الثالثة من القصص المذكورة في هذه السورة .
فأولها : قصة آدم وإبليس .
وثانيها : قصة إبراهيم ولوط .
وثالثها : هذه القصة .
وأصحاب الأيكة هم قوم شعيب عليه السلام ، كانوا أصحاب غياض فكذبوا شعيبا فأهلكهم الله تعالى بعذاب يوم الظلة ، وقد ذكر الله تعالى قصتهم في سورة الشعراء ، والأيكة الشجر الملتف . يقال : أيكة وأيك كشجرة وشجر . قال : الأيك هو شجر المقل ، وقال ابن عباس الكلبي : الأيكة الغيضة ، وقال الزجاج : هؤلاء أهل موضع كان ذا شجر . قال الواحدي : ومعنى إن واللام للتوكيد ، وإن ههنا هي المخففة من الثقيلة ، وقوله : ( فانتقمنا منهم ) قال المفسرون : اشتد الحر فيهم أياما ، ثم اضطرم عليهم المكان نارا فهلكوا عن آخرهم وقوله : ( وإنهما ) فيه قولان :
القول الأول : المراد قرى قوم لوط عليه السلام والأيكة .
والقول الثاني : الضمير للأيكة ومدين ; لأن شعيبا عليه السلام كان مبعوثا إليهما ، فلما ذكر الأيكة دل بذكرها على مدين ، فجاء بضميرهما ، وقوله : ( لبإمام مبين ) أي : بطريق واضح ، والإمام اسم ما يؤتم به . قال الفراء والزجاج : إنما جعل الطريق إماما ; لأنه يؤم ويتبع . قال : لأن المسافر يأتم به حتى يصير إلى الموضع الذي يريده . وقوله : ( ابن قتيبة مبين ) يحتمل أنه مبين في نفسه ويحتمل أنه مبين لغيره ; لأن الطريق يهدي إلى المقصد .