المسألة السابعة : اعلم أن
nindex.php?page=treesubj&link=24880للإكراه مراتب .
المرتبة الأولى : أن يجب الفعل المكره عليه مثل ما إذا أكرهه على شرب الخمر ، وأكل الخنزير ، وأكل الميتة فإذا أكرهه عليه بالسيف فههنا يجب الأكل ؛ وذلك لأن صون الروح عن الفوات واجب ، ولا سبيل إليه في هذه الصورة إلا بهذا الأكل ، وليس في هذا الأكل ضرر على حيوان ولا فيه إهانة لحق الله تعالى ، فوجب أن يجب لقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=195ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ) [البقرة : 195] . .
المرتبة الثانية : أن يصير ذلك الفعل مباحا ولا يصير واجبا ، ومثاله ما إذا أكرهه على التلفظ بكلمة الكفر فههنا يباح له ولكنه لا يجب كما قررناه .
المرتبة الثالثة : أن لا يجب ولا يباح بل يحرم ، وهذا مثل ما إذا
nindex.php?page=treesubj&link=26395أكرهه إنسان على قتل إنسان آخر ، أو على قطع عضو من أعضائه ، فههنا يبقى الفعل على الحرمة الأصلية ،
nindex.php?page=treesubj&link=27177_24889وهل يسقط القصاص عن المكره أم لا ؟ قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله - في أحد قوليه : يجب القصاص ويدل عليه وجهان :
الأول : أنه قتله عمدا عدوانا فيجب عليه القصاص ؛ لقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=178ياأيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى ) [البقرة : 178] .
والثاني : أجمعنا على أن المكره إذا قصد قتله فإنه يحل له أن يدفعه عن نفسه ولو بالقتل ، فلما كان توهم إقدامه على القتل يوجب إهدار دمه ، فلأن يكون عند صدور القتل منه حقيقة يصير دمه مهدرا كان أولى ، والله أعلم .
[ ص: 99 ]
المسألة السَّابِعَةُ : اعْلَمْ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=24880لِلْإِكْرَاهِ مَرَاتِبَ .
الْمَرْتَبَةُ الْأُولَى : أَنْ يَجِبَ الْفِعْلُ الْمُكْرَهُ عَلَيْهِ مِثْلَ مَا إِذَا أَكْرَهَهُ عَلَى شُرْبِ الْخَمْرِ ، وَأَكْلِ الْخِنْزِيرِ ، وَأَكْلِ الْمَيْتَةِ فَإِذَا أَكْرَهَهُ عَلَيْهِ بِالسَّيْفِ فَهَهُنَا يَجِبُ الْأَكْلُ ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ صَوْنَ الرُّوحِ عَنِ الْفَوَاتِ وَاجِبٌ ، وَلَا سَبِيلَ إِلَيْهِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ إِلَّا بِهَذَا الْأَكْلِ ، وَلَيْسَ فِي هَذَا الْأَكْلِ ضَرَرٌ عَلَى حَيَوَانٍ وَلَا فِيهِ إِهَانَةٌ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى ، فَوَجَبَ أَنْ يَجِبَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=195وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) [الْبَقَرَةِ : 195] . .
الْمَرْتَبَةُ الثَّانِيَةُ : أَنْ يَصِيرَ ذَلِكَ الْفِعْلُ مُبَاحًا وَلَا يَصِيرَ وَاجِبًا ، وَمِثَالُهُ مَا إِذَا أَكْرَهَهُ عَلَى التَّلَفُّظِ بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ فَهَهُنَا يُبَاحُ لَهُ وَلَكِنَّهُ لَا يَجِبُ كَمَا قَرَّرْنَاهُ .
الْمَرْتَبَةُ الثَّالِثَةُ : أَنْ لَا يَجِبَ وَلَا يُبَاحَ بَلْ يَحْرُمُ ، وَهَذَا مِثْلُ مَا إِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=26395أَكْرَهَهُ إِنْسَانٌ عَلَى قَتْلِ إِنْسَانٍ آخَرَ ، أَوْ عَلَى قَطْعِ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ ، فَهَهُنَا يَبْقَى الْفِعْلُ عَلَى الْحُرْمَةِ الْأَصْلِيَّةِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=27177_24889وَهَلْ يَسْقُطُ الْقَصَاصُ عَنِ الْمُكْرَهِ أَمْ لَا ؟ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ : يَجِبُ الْقَصَاصُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ وَجْهَانِ :
الْأَوَّلُ : أَنَّهُ قَتَلَهُ عَمْدًا عُدْوَانًا فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْقَصَاصُ ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=178يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى ) [الْبَقَرَةِ : 178] .
وَالثَّانِي : أَجْمَعْنَا عَلَى أَنَّ الْمُكْرَهَ إِذَا قَصَدَ قَتْلَهُ فَإِنَّهُ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ عَنْ نَفْسِهِ وَلَوْ بِالْقَتْلِ ، فَلَمَّا كَانَ تَوَهُّمُ إِقْدَامِهِ عَلَى الْقَتْلِ يُوجِبُ إِهْدَارَ دَمِهِ ، فَلَأَنْ يَكُونَ عِنْدَ صُدُورِ الْقَتْلِ مِنْهُ حَقِيقَةً يَصِيرُ دَمُهُ مُهْدَرًا كَانَ أَوْلَى ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
[ ص: 99 ]