(
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=101إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=102لا يسمعون حسيسها وهم في ما اشتهت أنفسهم خالدون nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=103لا يحزنهم الفزع الأكبر وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون )
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=101إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=102لا يسمعون حسيسها وهم في ما اشتهت أنفسهم خالدون nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=103لا يحزنهم الفزع الأكبر وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون )
اعلم أن من الناس من زعم أن
ابن الزبعرى لما أورد ذلك السؤال على الرسول - صلى الله عليه وسلم - بقي ساكتا حتى أنزل الله تعالى هذه الآية جوابا عن سؤاله ؛ لأن هذه الآية كالاستثناء من تلك الآية ، وأما نحن فقد بينا فساد هذا القول ، وذكرنا أن سؤاله لم يكن واردا ، وأنه لا حاجة في دفع سؤاله إلى نزول هذه الآية ، وإذا ثبت هذا لم يبق هاهنا إلا أحد أمرين :
الأول : أن يقال : إن
nindex.php?page=treesubj&link=29680_30539عادة الله تعالى أنه متى شرح عقاب الكفار أردفه بشرح ثواب الأبرار ، فلهذا السبب ذكر هذه الآية عقيب تلك فهي عامة في حق كل المؤمنين .
الثاني : أن هذه الآية نزلت في تلك الواقعة لتكون كالتأكيد في دفع سؤال
ابن الزبعرى ، ثم من قال : العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، وهو الحق ، أجراها على عمومها ؛ فتكون الملائكة
والمسيح وعزير عليهم السلام داخلين فيها ، لا أن
[ ص: 196 ] الآية مختصة بهم ، ومن قال : العبرة بخصوص السبب خصص قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=101إن الذين ) بهؤلاء فقط .
أما قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=101nindex.php?page=treesubj&link=29468_29680_29679_19888سبقت لهم منا الحسنى ) فقال صاحب " الكشاف " : الحسنى الخصلة المفضلة ، والحسنى تأنيث الأحسن ، وهي إما السعادة وإما البشرى بالثواب ، وإما
nindex.php?page=treesubj&link=29680_19881التوفيق للطاعة ، والحاصل أن مثبتي العفو حملوا الحسنى على وعد العفو ، ومنكري العفو حملوه على وعد الثواب ، ثم إنه سبحانه وتعالى شرح من أحوال ثوابهم أمورا خمسة :
أحدها قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=101أولئك عنها مبعدون ) فقال أهل العفو : معناه أولئك عنها مخرجون ، واحتجوا عليه بوجهين :
الأول قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=71وإن منكم إلا واردها ) أثبت الورود وهو الدخول ، فدل على أن هذا الإبعاد هو الإخراج .
الثاني : أن إبعاد الشيء عن الشيء لا يصح إلا إذا كانا متقاربين ؛ لأنهما لو كانا متباعدين استحال إبعاد أحدهما عن الآخر ؛ لأن تحصيل الحاصل محال .
واحتج
nindex.php?page=showalam&ids=14959القاضي عبد الجبار على فساد هذا القول الأول بأمور :
أحدها : أن قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=101إن الذين سبقت لهم منا الحسنى ) يقتضي أن الوعد بثوابهم قد تقدم في الدنيا وليس هذا حال من يخرج من النار لو صح ذلك .
وثانيها : أنه تعالى قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=101أولئك عنها مبعدون ) وكيف يدخل في ذلك من وقع فيها .
وثالثها : قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=102لا يسمعون حسيسها ) وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=103لا يحزنهم الفزع الأكبر ) يمنع من ذلك .
والجواب عن الأول : لا نسلم أن [ يقال ] المراد من قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=101إن الذين سبقت لهم منا الحسنى ) هو أن الوعد بثوابهم قد تقدم ، ولم لا يجوز أن المراد من الحسنى تقدم الوعد بالعفو ؟ سلمنا أن
nindex.php?page=treesubj&link=30383_30384المراد من الحسنى تقدم الوعد بالثواب ، لكن لم قلتم : إن الوعد بالثواب لا يليق بحال من يخرج من النار ، فإن عندنا المحابطة باطلة ، ويجوز الجمع بين استحقاق الثواب والعقاب ، وعن الثاني : أنا بينا أن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=101أولئك عنها مبعدون ) لا يمكن إجراؤه على ظاهره إلا في حق من كان في النار ، وعن الثالث : أن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=102لا يسمعون حسيسها ) مخصوص بما بعد الخروج .
أما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=103لا يحزنهم الفزع الأكبر )
nindex.php?page=treesubj&link=30296فالفزع الأكبر هو عذاب الكفار ، وهذا بطريق المفهوم يقتضي أنهم يحزنهم الفزع الأصغر ، فإن لم يدل عليه فلا أقل من أن لا يدل على ثبوته ولا على عدمه .
الوجه الثاني : في تفسير قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=101أولئك عنها مبعدون ) أن المراد الذين سبقت لهم منا الحسنى لا يدخلون النار ولا يقربونها البتة ، وعلى هذا القول بطل
nindex.php?page=treesubj&link=30368_30369قول من يقول : إن جميع الناس يردون النار ثم يخرجون إلى الجنة ؛ لأن هذه الآية مانعة منه ، وحينئذ يجب التوفيق بينه وبين قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=71وإن منكم إلا واردها ) وقد تقدم .
الصفة الثانية : قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=102لا يسمعون حسيسها ) والحسيس الصوت الذي يحس ، وفيه سؤالان :
الأول : أي وجه في أن لا يسمعوا حسيسها من البشارة ، ولو سمعوه لم يتغير حالهم ؟
قلنا : المراد تأكيد بعدهم عنها ؛ لأن من لم يدخلها وقرب منها قد يسمع حسيسها .
السؤال الثاني : أليس أن أهل الجنة يرون أهل النار ، فكيف لا يسمعون حسيس النار ؟
الجواب : إذا حملناه على التأكيد زال هذا السؤال .
الصفة الثالثة : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=102وهم في ما اشتهت أنفسهم خالدون ) والشهوة طلب النفس للذة ، يعني : نعيمها مؤبد ، قال العارفون : للنفوس شهوة ، وللقلوب شهوة ، وللأرواح شهوة ، وقال
الجنيد : سبقت العناية في البداية ، فظهرت الولاية في النهاية .
الصفة الرابعة : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=103لا يحزنهم الفزع الأكبر ) وفيه وجوه :
أحدها : أنها النفخة الأخيرة لقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=87ويوم ينفخ في الصور ففزع من في السماوات ومن في الأرض ) [ النمل : 87 ] .
وثانيها : أنه الموت ، قالوا : إذا استقر أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار ، بعث الله تعالى
جبريل عليه السلام ومعه الموت في صورة كبش أملح فيقول : لأهل الدارين أتعرفون هذا ؟ فيقولون : لا ، فيقول : هذا الموت ، ثم يذبحه ؛ ثم ينادي يا أهل الجنة ، خلود ولا موت أبدا ، وكذلك لأهل النار ،
[ ص: 197 ] واحتج هذا القائل بأن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=103لا يحزنهم الفزع الأكبر ) إنما ذكر بعد قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=25وهم فيها خالدون ) فلا بد وأن يكون لأحدهما تعلق بالآخر ، والفزع الأكبر الذي هو ينافي الخلود هو الموت .
وثالثها : قال
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير : هو إطباق النار على أهلها فيفزعون لذلك فزعة عظيمة ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=14959القاضي عبد الجبار : الأولى في ذلك أنه الفزع من النار عند مشاهدتها ؛ لأنه لا فزع أكبر من ذلك ، فإذا بين تعالى أن ذلك لا يحزنهم فقد صح أن المؤمن آمن من أهوال يوم القيامة ، وهذا ضعيف ؛ لأن
nindex.php?page=treesubj&link=30438عذاب النار على مراتب فعذاب الكفار أشد من عذاب الفساق ، وإذا كانت مراتب التعذيب بالنار متفاوتة كانت مراتب الفزع منها متفاوتة ، فلا يلزم من نفي الفزع الأكبر نفي الفزع من النار .
الصفة الخامسة : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=103nindex.php?page=treesubj&link=29747وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون ) قال
الضحاك : هم الحفظة الذين كتبوا أعمالهم وأقوالهم ، ويقولون لهم مبشرين : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=103هذا يومكم الذي كنتم توعدون ) .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=101إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=102لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=103لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ )
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=101إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=102لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=103لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ )
اعْلَمْ أَنَّ مِنَ النَّاسِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ
ابْنَ الزِّبَعْرَى لَمَّا أَوْرَدَ ذَلِكَ السُّؤَالَ عَلَى الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَقِيَ سَاكِتًا حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ جَوَابًا عَنْ سُؤَالِهِ ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ كَالِاسْتِثْنَاءِ مِنْ تِلْكَ الْآيَةِ ، وَأَمَّا نَحْنُ فَقَدَ بَيَّنَّا فَسَادَ هَذَا الْقَوْلِ ، وَذَكَرْنَا أَنَّ سُؤَالَهُ لَمْ يَكُنْ وَارِدًا ، وَأَنَّهُ لَا حَاجَةَ فِي دَفْعِ سُؤَالِهِ إِلَى نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ ، وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا لَمْ يَبْقَ هَاهُنَا إِلَّا أَحَدُ أَمْرَيْنِ :
الْأَوَّلُ : أَنْ يُقَالَ : إِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=29680_30539عَادَةَ اللَّهِ تَعَالَى أَنَّهُ مَتَى شَرَحَ عِقَابَ الْكُفَّارِ أَرْدَفَهُ بِشَرْحِ ثَوَابِ الْأَبْرَارِ ، فَلِهَذَا السَّبَبِ ذَكَرَ هَذِهِ الْآيَةَ عَقِيبَ تِلْكَ فَهِيَ عَامَّةٌ فِي حَقِّ كُلِّ الْمُؤْمِنِينَ .
الثَّانِي : أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي تِلْكَ الْوَاقِعَةِ لِتَكُونَ كَالتَّأْكِيدِ فِي دَفْعِ سُؤَالِ
ابْنِ الزِّبَعْرَى ، ثُمَّ مَنْ قَالَ : الْعِبْرَةُ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ ، وَهُوَ الْحَقُّ ، أَجْرَاهَا عَلَى عُمُومِهَا ؛ فَتَكُونُ الْمَلَائِكَةُ
وَالْمَسِيحُ وَعُزَيْرٌ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ دَاخِلِينَ فِيهَا ، لَا أَنَّ
[ ص: 196 ] الْآيَةَ مُخْتَصَّةٌ بِهِمْ ، وَمَنْ قَالَ : الْعِبْرَةُ بِخُصُوصِ السَّبَبِ خَصَّصَ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=101إِنَّ الَّذِينَ ) بِهَؤُلَاءِ فَقَطْ .
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=101nindex.php?page=treesubj&link=29468_29680_29679_19888سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى ) فَقَالَ صَاحِبُ " الْكَشَّافِ " : الْحُسْنَى الْخَصْلَةُ الْمُفَضَّلَةُ ، وَالْحُسْنَى تَأْنِيثُ الْأَحْسَنِ ، وَهِيَ إِمَّا السَّعَادَةُ وَإِمَّا الْبُشْرَى بِالثَّوَابِ ، وَإِمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=29680_19881التَّوْفِيقُ لِلطَّاعَةِ ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مُثْبِتِي الْعَفْوِ حَمَلُوا الْحُسْنَى عَلَى وَعْدِ الْعَفْوِ ، وَمُنْكِرِي الْعَفْوِ حَمَلُوهُ عَلَى وَعْدِ الثَّوَابِ ، ثُمَّ إِنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى شَرَحَ مِنْ أَحْوَالِ ثَوَابِهِمْ أُمُورًا خَمْسَةً :
أَحَدُهَا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=101أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ ) فَقَالَ أَهْلُ الْعَفْوِ : مَعْنَاهُ أُولَئِكَ عَنْهَا مُخْرَجُونَ ، وَاحْتَجُّوا عَلَيْهِ بِوَجْهَيْنِ :
الْأَوَّلُ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=71وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا ) أَثْبَتَ الْوُرُودَ وَهُوَ الدُّخُولُ ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ هَذَا الْإِبْعَادَ هُوَ الْإِخْرَاجُ .
الثَّانِي : أَنَّ إِبْعَادَ الشَّيْءِ عَنِ الشَّيْءِ لَا يَصِحُّ إِلَّا إِذَا كَانَا مُتَقَارِبَيْنِ ؛ لِأَنَّهُمَا لَوْ كَانَا مُتَبَاعِدَيْنِ اسْتَحَالَ إِبْعَادُ أَحَدِهِمَا عَنِ الْآخَرِ ؛ لَأَنَّ تَحْصِيلَ الْحَاصِلِ مُحَالٌ .
وَاحْتَجَّ
nindex.php?page=showalam&ids=14959الْقَاضِي عَبْدُ الْجَبَّارِ عَلَى فَسَادِ هَذَا الْقَوْلِ الْأَوَّلِ بِأُمُورٍ :
أَحَدُهَا : أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=101إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى ) يَقْتَضِي أَنَّ الْوَعْدَ بِثَوَابِهِمْ قَدْ تَقَدَّمَ فِي الدُّنْيَا وَلَيْسَ هَذَا حَالُ مَنْ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ لَوْ صَحَّ ذَلِكَ .
وَثَانِيهَا : أَنَّهُ تَعَالَى قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=101أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ ) وَكَيْفَ يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مَنْ وَقَعَ فِيهَا .
وَثَالِثُهَا : قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=102لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا ) وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=103لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ ) يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ .
وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ : لَا نُسَلِّمُ أَنْ [ يُقَالَ ] الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=101إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى ) هُوَ أَنَّ الْوَعْدَ بِثَوَابِهِمْ قَدْ تَقَدَّمَ ، وَلِمَ لَا يَجُوزُ أَنَّ الْمُرَادَ مِنَ الْحُسْنَى تَقَدُّمُ الْوَعْدِ بِالْعَفْوِ ؟ سَلَّمْنَا أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=30383_30384الْمُرَادَ مِنَ الْحُسْنَى تَقَدُّمُ الْوَعْدِ بِالثَّوَابِ ، لَكِنْ لِمَ قُلْتُمْ : إِنَّ الْوَعْدَ بِالثَّوَابِ لَا يَلِيقُ بِحَالِ مَنْ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ ، فَإِنَّ عِنْدَنَا الْمُحَابَطَةَ بَاطِلَةٌ ، وَيَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ اسْتِحْقَاقِ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ ، وَعَنِ الثَّانِي : أَنَّا بَيَّنَّا أَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=101أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ ) لَا يُمْكِنُ إِجْرَاؤُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ إِلَّا فِي حَقِّ مَنْ كَانَ فِي النَّارِ ، وَعَنِ الثَّالِثِ : أَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=102لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا ) مَخْصُوصٌ بِمَا بَعْدَ الْخُرُوجِ .
أَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=103لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ )
nindex.php?page=treesubj&link=30296فَالْفَزَعُ الْأَكْبَرُ هُوَ عَذَابُ الْكُفَّارِ ، وَهَذَا بِطَرِيقِ الْمَفْهُومِ يَقْتَضِي أَنَّهُمْ يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَصْغَرُ ، فَإِنْ لَمْ يَدُلَّ عَلَيْهِ فَلَا أَقَلَّ مِنْ أَنْ لَا يَدُلَّ عَلَى ثُبُوتِهِ وَلَا عَلَى عَدَمِهِ .
الْوَجْهُ الثَّانِي : فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=101أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ ) أَنَّ الْمُرَادَ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى لَا يَدْخُلُونَ النَّارَ وَلَا يَقْرَبُونَهَا الْبَتَّةَ ، وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ بَطَلَ
nindex.php?page=treesubj&link=30368_30369قَوْلُ مَنْ يَقُولُ : إِنَّ جَمِيعَ النَّاسِ يَرِدُونَ النَّارَ ثُمَّ يَخْرُجُونَ إِلَى الْجَنَّةِ ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مَانِعَةٌ مِنْهُ ، وَحِينَئِذٍ يَجِبُ التَّوْفِيقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=71وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا ) وَقَدْ تَقَدَّمَ .
الصِّفَةُ الثَّانِيَةُ : قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=102لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا ) وَالْحَسِيسُ الصَّوْتُ الَّذِي يُحَسُّ ، وَفِيهِ سُؤَالَانِ :
الْأَوَّلُ : أَيُّ وَجْهٍ فِي أَنْ لَا يَسْمَعُوا حَسِيسَهَا مِنَ الْبِشَارَةِ ، وَلَوْ سَمِعُوهُ لَمْ يَتَغَيَّرْ حَالُهُمْ ؟
قُلْنَا : الْمُرَادُ تَأْكِيدُ بُعْدِهِمْ عَنْهَا ؛ لِأَنَّ مَنْ لَمْ يَدْخُلْهَا وَقَرُبَ مِنْهَا قَدْ يَسْمَعُ حَسِيسَهَا .
السُّؤَالُ الثَّانِي : أَلَيْسَ أَنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ يَرَوْنَ أَهْلَ النَّارِ ، فَكَيْفَ لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَ النَّارِ ؟
الْجَوَابُ : إِذَا حَمَلْنَاهُ عَلَى التَّأْكِيدِ زَالَ هَذَا السُّؤَالُ .
الصِّفَةُ الثَّالِثَةُ : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=102وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ ) وَالشَّهْوَةُ طَلَبُ النَّفْسِ لِلَذَّةٍ ، يَعْنِي : نَعِيمُهَا مُؤَبَّدٌ ، قَالَ الْعَارِفُونَ : لِلنُّفُوسِ شَهْوَةٌ ، وَلِلْقُلُوبِ شَهْوَةٌ ، وَلِلْأَرْوَاحِ شَهْوَةٌ ، وَقَالَ
الْجُنَيْدُ : سَبَقَتِ الْعِنَايَةُ فِي الْبِدَايَةِ ، فَظَهَرَتِ الْوِلَايَةُ فِي النِّهَايَةِ .
الصِّفَةُ الرَّابِعَةُ : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=103لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ ) وَفِيهِ وُجُوهٌ :
أَحَدُهَا : أَنَّهَا النَّفْخَةُ الْأَخِيرَةُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=87وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ ) [ النَّمْلِ : 87 ] .
وَثَانِيهَا : أَنَّهُ الْمَوْتُ ، قَالُوا : إِذَا اسْتَقَرَّ أَهْلُ الْجَنَّةِ فِي الْجَنَّةِ وَأَهْلُ النَّارِ فِي النَّارِ ، بَعَثَ اللَّهُ تَعَالَى
جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَمَعَهُ الْمَوْتُ فِي صُورَةِ كَبْشٍ أَمْلَحَ فَيَقُولُ : لِأَهْلِ الدَّارَيْنِ أَتَعْرِفُونَ هَذَا ؟ فَيَقُولُونَ : لَا ، فَيَقُولُ : هَذَا الْمَوْتُ ، ثُمَّ يَذْبَحُهُ ؛ ثُمَّ يُنَادِي يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ ، خُلُودٌ وَلَا مَوْتَ أَبَدًا ، وَكَذَلِكَ لِأَهْلِ النَّارِ ،
[ ص: 197 ] وَاحْتَجَّ هَذَا الْقَائِلُ بِأَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=103لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ ) إِنَّمَا ذُكِرَ بَعْدَ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=25وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) فَلَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ لِأَحَدِهِمَا تَعَلُّقٌ بِالْآخَرِ ، وَالْفَزَعُ الْأَكْبَرُ الَّذِي هُوَ يُنَافِي الْخُلُودَ هُوَ الْمَوْتُ .
وَثَالِثُهَا : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15992سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ : هُوَ إِطْبَاقُ النَّارِ عَلَى أَهْلِهَا فَيَفْزَعُونَ لِذَلِكَ فَزْعَةً عَظِيمَةً ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14959الْقَاضِي عَبْدُ الْجَبَّارِ : الْأَوْلَى فِي ذَلِكَ أَنَّهُ الْفَزَعُ مِنَ النَّارِ عِنْدَ مُشَاهَدَتِهَا ؛ لِأَنَّهُ لَا فَزَعَ أَكْبَرُ مِنْ ذَلِكَ ، فَإِذَا بَيَّنَ تَعَالَى أَنَّ ذَلِكَ لَا يَحْزُنُهُمْ فَقَدْ صَحَّ أَنَّ الْمُؤْمِنَ آمِنٌ مِنْ أَهْوَالِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَهَذَا ضَعِيفٌ ؛ لِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=30438عَذَابَ النَّارِ عَلَى مَرَاتِبَ فَعَذَابُ الْكُفَّارِ أَشَدُّ مِنْ عَذَابِ الْفُسَّاقِ ، وَإِذَا كَانَتْ مَرَاتِبُ التَّعْذِيبِ بِالنَّارِ مُتَفَاوِتَةً كَانَتْ مَرَاتِبُ الْفَزَعِ مِنْهَا مُتَفَاوِتَةً ، فَلَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ الْفَزَعِ الْأَكْبَرِ نَفْيُ الْفَزَعِ مِنَ النَّارِ .
الصِّفَةُ الْخَامِسَةُ : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=103nindex.php?page=treesubj&link=29747وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ) قَالَ
الضَّحَّاكُ : هُمُ الْحَفَظَةُ الَّذِينَ كَتَبُوا أَعْمَالَهُمْ وَأَقْوَالَهُمْ ، وَيَقُولُونَ لَهُمْ مُبَشِّرِينَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=103هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ) .