المسألة الثالثة : ذكروا في
nindex.php?page=treesubj&link=32298_28861سبب النزول وجوها .
قيل : إنها نزلت في
أهل مكة فإنهم قالوا : يزعم
محمد أن من عبد الأوثان وقتل النفس لم يغفر له ، وقد عبدنا وقتلنا فكيف نسلم؟ .
وقيل : نزلت في
وحشي قاتل
حمزة لما أراد أن يسلم وخاف أن لا تقبل توبته ، فلما نزلت الآية أسلم ، فقيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم : هذه له خاصة أم للمسلمين عامة؟ فقال :
بل للمسلمين عامة .
وقيل : نزلت في أناس أصابوا ذنوبا عظاما في الجاهلية ، فلما جاء الإسلام أشفقوا أن لا يقبل الله توبتهم .
وقيل : نزلت في
عياش بن أبي ربيعة والوليد بن الوليد ونفر من المسلمين أسلموا ثم فتنوا فافتتنوا ، وكان المسلمون يقولون فيهم : لا يقبل الله منهم توبتهم . فنزلت هذه الآيات ، فكتبها
عمر وبعث بها إليهم فأسلموا وهاجروا ، واعلم أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، فنزول هذه الآيات في هذه الوقائع لا يمنع من عمومها .
المسألة الرابعة : قرأ
نافع وابن كثير وابن عامر وعاصم (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=53ياعبادي ) بفتح الياء والباقون ،
وعاصم في بعض الروايات بغير فتح ، وكلهم يقفون عليه بإثبات الياء ; لأنها ثابتة في المصحف ، إلا في بعض رواية
أبي بكر عن
عاصم فإنه يقف بغير ياء ، وقرأ
أبو عمرو والكسائي "تقنطوا" بكسر النون والباقون بفتحها وهما لغتان ، قال صاحب "الكشاف" : وفي قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود " يغفر الذنوب جميعا لمن يشاء "
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=54وأنيبوا إلى ربكم ) قال صاحب "الكشاف" : أي وتوبوا إليه (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=54وأسلموا له ) أي وأخلصوا له العمل ، وإنما ذكر الإنابة على أثر المغفرة ; لئلا يطمع طامع في حصولها بغير توبة ، وللدلالة على أنها شرط فيها لازم لا تحصل بدونه ، وأقول : هذا الكلام ضعيف جدا ; لأن عندنا
nindex.php?page=treesubj&link=19706التوبة عن المعاصي واجبة ، فلم يلزم من ورود الأمر بها طعن في الوعد بالمغفرة ، فإن قالوا : لو كان الوعد بالمغفرة حاصلا قطعا لما احتيج إلى التوبة ; لأن التوبة إنما تراد لإسقاط العقاب ، فإذا سقط العقاب بعفو الله عنه فلا حاجة إلى التوبة ، فنقول : هذا ضعيف لأن
[ ص: 6 ] مذهبنا أنه تعالى وإن كان يغفر الذنوب قطعا ويعفو عنها قطعا إلا أن هذا العفو والغفران يقع على وجهين : تارة يقع ابتداء وتارة يعذب مدة في النار ثم يخرجه من النار ويعفو عنه ، ففائدة التوبة إزالة هذا العقاب ، فثبت أن الذي قاله صاحب "الكشاف" ضعيف ولا فائدة فيه .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : ذَكَرُوا فِي
nindex.php?page=treesubj&link=32298_28861سَبَبِ النُّزُولِ وُجُوهًا .
قِيلَ : إِنَّهَا نَزَلَتْ فِي
أَهْلِ مَكَّةَ فَإِنَّهُمْ قَالُوا : يَزْعُمُ
مُحَمَّدٌ أَنَّ مَنْ عَبَدَ الْأَوْثَانَ وَقَتَلَ النَّفْسَ لَمْ يُغْفَرْ لَهُ ، وَقَدْ عَبَدْنَا وَقَتَلْنَا فَكَيْفَ نُسْلِمُ؟ .
وَقِيلَ : نَزَلَتْ فِي
وَحْشِيٍّ قَاتِلِ
حَمْزَةَ لَمَّا أَرَادَ أَنْ يُسْلِمَ وَخَافَ أَنْ لَا تُقْبَلَ تَوْبَتُهُ ، فَلَمَّا نَزَلَتِ الْآيَةُ أَسْلَمَ ، فَقِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : هَذِهِ لَهُ خَاصَّةً أَمْ لِلْمُسْلِمِينَ عَامَّةً؟ فَقَالَ :
بَلْ لِلْمُسْلِمِينَ عَامَّةً .
وَقِيلَ : نَزَلَتْ فِي أُنَاسٍ أَصَابُوا ذُنُوبًا عِظَامًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ أَشْفَقُوا أَنْ لَا يَقْبَلَ اللَّهُ تَوْبَتَهُمْ .
وَقِيلَ : نَزَلَتْ فِي
عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ وَالْوَلِيدِ بْنِ الْوَلِيدِ وَنَفَرٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَسْلَمُوا ثُمَّ فُتِنُوا فَافْتُتِنُوا ، وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ يَقُولُونَ فِيهِمْ : لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُمْ تَوْبَتَهُمْ . فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَاتُ ، فَكَتَبَهَا
عُمَرُ وَبَعَثَ بِهَا إِلَيْهِمْ فَأَسْلَمُوا وَهَاجَرُوا ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ ، فَنُزُولُ هَذِهِ الْآيَاتِ فِي هَذِهِ الْوَقَائِعِ لَا يَمْنَعُ مِنْ عُمُومِهَا .
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ : قَرَأَ
نَافِعٌ وَابْنُ كَثِيرٍ وَابْنُ عَامِرٍ وَعَاصِمٌ (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=53يَاعِبَادِيَ ) بِفَتْحِ الْيَاءِ وَالْبَاقُونَ ،
وَعَاصِمٌ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ بِغَيْرِ فَتْحٍ ، وَكُلُّهُمْ يَقِفُونَ عَلَيْهِ بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ ; لِأَنَّهَا ثَابِتَةٌ فِي الْمُصْحَفِ ، إِلَّا فِي بَعْضِ رِوَايَةِ
أَبِي بَكْرٍ عَنْ
عَاصِمٍ فَإِنَّهُ يَقِفُ بِغَيْرِ يَاءٍ ، وَقَرَأَ
أَبُو عَمْرٍو وَالْكِسَائِيُّ "تَقْنِطُوا" بِكَسْرِ النُّونِ وَالْبَاقُونَ بِفَتْحِهَا وَهُمَا لُغَتَانِ ، قَالَ صَاحِبُ "الْكَشَّافِ" : وَفِي قِرَاءَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ nindex.php?page=showalam&ids=10وَابْنِ مَسْعُودٍ " يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا لِمَنْ يَشَاءُ "
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=54وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ ) قَالَ صَاحِبُ "الْكَشَّافِ" : أَيْ وَتُوبُوا إِلَيْهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=54وَأَسْلِمُوا لَهُ ) أَيْ وَأَخْلِصُوا لَهُ الْعَمَلَ ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْإِنَابَةَ عَلَى أَثَرِ الْمَغْفِرَةِ ; لِئَلَّا يَطْمَعَ طَامِعٌ فِي حُصُولِهَا بِغَيْرِ تَوْبَةٍ ، وَلِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّهَا شَرْطٌ فِيهَا لَازِمٌ لَا تَحْصُلُ بِدُونِهِ ، وَأَقُولُ : هَذَا الْكَلَامُ ضَعِيفٌ جِدًّا ; لِأَنَّ عِنْدَنَا
nindex.php?page=treesubj&link=19706التَّوْبَةَ عَنِ الْمَعَاصِي وَاجِبَةٌ ، فَلَمْ يَلْزَمْ مِنْ وُرُودِ الْأَمْرِ بِهَا طَعْنٌ فِي الْوَعْدِ بِالْمَغْفِرَةِ ، فَإِنْ قَالُوا : لَوْ كَانَ الْوَعْدُ بِالْمَغْفِرَةِ حَاصِلًا قَطْعًا لَمَا احْتِيجَ إِلَى التَّوْبَةِ ; لِأَنَّ التَّوْبَةَ إِنَّمَا تُرَادُ لِإِسْقَاطِ الْعِقَابِ ، فَإِذَا سَقَطَ الْعِقَابُ بِعَفْوِ اللَّهِ عَنْهُ فَلَا حَاجَةَ إِلَى التَّوْبَةِ ، فَنَقُولُ : هَذَا ضَعِيفٌ لِأَنَّ
[ ص: 6 ] مَذْهَبَنَا أَنَّهُ تَعَالَى وَإِنْ كَانَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ قَطْعًا وَيَعْفُو عَنْهَا قَطْعًا إِلَّا أَنَّ هَذَا الْعَفْوَ وَالْغُفْرَانَ يَقَعُ عَلَى وَجْهَيْنِ : تَارَةً يَقَعُ ابْتِدَاءً وَتَارَةً يُعَذِّبُ مُدَّةً فِي النَّارِ ثُمَّ يُخْرِجُهُ مِنَ النَّارِ وَيَعْفُو عَنْهُ ، فَفَائِدَةُ التَّوْبَةِ إِزَالَةُ هَذَا الْعِقَابِ ، فَثَبَتَ أَنَّ الَّذِي قَالَهُ صَاحِبُ "الْكَشَّافِ" ضَعِيفٌ وَلَا فَائِدَةَ فِيهِ .