(
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=20من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=21أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ولولا كلمة الفصل لقضي بينهم وإن الظالمين لهم عذاب أليم nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=22ترى الظالمين مشفقين مما كسبوا وهو واقع بهم والذين آمنوا وعملوا الصالحات في روضات الجنات لهم ما يشاءون عند ربهم ذلك هو الفضل الكبير nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=23ذلك الذي يبشر الله عباده الذين آمنوا وعملوا الصالحات قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا إن الله غفور شكور nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=24أم يقولون افترى على الله كذبا فإن يشأ الله يختم على قلبك ويمح الله الباطل ويحق الحق بكلماته إنه عليم بذات الصدور nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=25وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=26ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله والكافرون لهم عذاب شديد )
قوله تعالى (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=20من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=21أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ولولا كلمة الفصل لقضي بينهم وإن الظالمين لهم عذاب أليم nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=22ترى الظالمين مشفقين مما كسبوا وهو واقع بهم والذين آمنوا وعملوا الصالحات في روضات الجنات لهم ما يشاءون عند ربهم ذلك هو الفضل الكبير [ ص: 139 ] nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=23ذلك الذي يبشر الله عباده الذين آمنوا وعملوا الصالحات قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا إن الله غفور شكور nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=24أم يقولون افترى على الله كذبا فإن يشأ الله يختم على قلبك ويمح الله الباطل ويحق الحق بكلماته إنه عليم بذات الصدور nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=25وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=26ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله والكافرون لهم عذاب شديد )
اعلم أنه تعالى لما بين كونه لطيفا بعباده كثير الإحسان إليهم بين أنه لا بد لهم من أن يسعوا في
nindex.php?page=treesubj&link=30494_30495طلب الخيرات وفي الاحتراز عن القبائح فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=20من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ) ، قال صاحب "الكشاف" : إنه تعالى سمى ما يعمله العامل مما يطلب به الفائدة حرثا على سبيل المجاز ، وفي الآية مسائل :
المسألة الأولى : أنه تعالى أظهر الفرق في هذه الآية
nindex.php?page=treesubj&link=30502_30514_30483_29497بين من أراد الآخرة وبين من أراد الدنيا من وجوه :
الأول : أنه قدم مريد حرث الآخرة في الذكر على مريد حرث الدنيا ، وذلك يدل على التفضيل ، لأنه وصفه بكونه آخرة ، ثم قدمه في الذكر تنبيها على قوله "نحن الآخرون السابقون" .
الثاني : أنه قال في مريد حرث الآخرة (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=20نزد له في حرثه ) وقال في مريد حرث الدنيا (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=20نؤته منها ) ، وكلمة "من" للتبعيض ، فالمعنى أنه يعطيه بعض ما يطلبه ولا يؤتيه كله ، وقال في سورة بني إسرائيل (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=18عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ) [الإسراء : 18] وأقول : البرهان العقلي مساعد على البابين ، وذلك لأن كل من عمل للآخرة وواظب على ذلك العمل
nindex.php?page=treesubj&link=30494_30495فكثرة الأعمال سبب لحصول الملكات ، فكل من كانت مواظبته على تلك الأعمال أكثر كان ميل قلبه إلى طلب الآخرة أكثر ، وكلما كان الأمر كذلك كان الابتهاج أعظم والسعادات أكثر ، وذلك هو المراد بقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=20نزد له في حرثه ) ، وأما طالب الدنيا فكلما كانت مواظبته على أعمال ذلك الطلب أكثر - كانت رغبته في الفوز بالدنيا أكثر ، وميله إليها أشد ، وإذا كان الميل أبدا في التزايد ، وكان حصول المطلوب باقيا على حالة واحدة كان الحرمان لازما لا محالة .
الثالث : أنه تعالى قال في طالب حرث الآخرة (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=20نزد له في حرثه ) ولم يذكر أنه تعالى يعطيه الدنيا أم لا ، بل بقي الكلام ساكتا عنه نفيا وإثباتا ، وأما طالب حرث الدنيا فإنه تعالى بين أنه لا يعطيه شيئا من نصيب الآخرة على التنصيص ، وهذا يدل على التفاوت العظيم ؛ كأنه يقول : الآخرة أصل والدنيا تبع ، فواجد الأصل يكون واجدا للتبع بقدر الحاجة ، إلا أنه لم يذكر ذلك تنبيها على أن الدنيا أخس من أن يقرن ذكرها بذكر الآخرة .
والرابع : أنه تعالى بين أن
nindex.php?page=treesubj&link=29680_19962_30503طالب الآخرة يزاد في مطلوبه ، وبين أن طالب الدنيا يعطى بعض مطلوبه من الدنيا ، وأما في الآخرة فإنه لا يحصل له نصيب البتة ، فبين بالكلام الأول أن طالب الآخرة يكون حاله أبدا في الترقي والتزايد ، وبين بالكلام الثاني أن طالب الدنيا يكون حاله في المقام الأول في النقصان ، وفي المقام الثاني في البطلان التام .
الخامس : أن
nindex.php?page=treesubj&link=29497_30502الآخرة نسيئة ، والدنيا نقد ، والنسيئة مرجوحة بالنسبة إلى النقد؛ لأن الناس يقولون : النقد خير من النسيئة فبين تعالى أن هذه القضية انعكست بالنسبة إلى أحوال الآخرة والدنيا ، فالآخرة وإن كانت نسيئة إلا أنها متوجهة للزيادة والدوام ، فكانت أفضل وأكمل ، والدنيا وإن كانت نقدا إلا أنها متوجهة إلى النقصان ، ثم إلى البطلان ، فكانت أخس وأرذل ، فهذا يدل على أن حال الآخرة لا يناسب حال الدنيا البتة ، وأنه ليس في الدنيا من أحوال الآخرة إلا مجرد الاسم ؛ كما هو مروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
السادس : الآية دالة على أن منافع الآخرة والدنيا ليست حاضرة ، بل لا بد في البابين من الحرث ، والحرث لا يتأتى إلا بتحمل المشاق في البذر ، ثم التسقية والتنمية والحصد ، ثم التنقية ، فلما سمى الله كلا القسمين حرثا علمنا أن كل واحد منهما لا يحصل إلا بتحمل المتاعب والمشاق ، ثم بين تعالى أن مصير الآخرة إلى الزيادة والكمال ، وأن مصير الدنيا
[ ص: 140 ] إلى النقصان ثم الفناء ، فكأنه قيل : إذا كان لا بد في القسمين جميعا من تحمل متاعب الحراثة والتسقية والتنمية والحصد والتنقية ، فلأن تصرف هذه المتاعب إلى ما يكون في التزايد والبقاء أولى من صرفها إلى ما يكون في النقصان والانقضاء والفناء .
المسألة الثانية : في تفسير قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=20نزد له في حرثه ) قولان :
الأول : المعنى أنا نزيد في توفيقه وإعانته وتسهيل سبل الخيرات والطاعات عليه ، وقال
مقاتل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=20نزد له في حرثه ) بتضعيف الثواب ، قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=30ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله ) [فاطر : 30] وعن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013674من أصبح ، وهمه الدنيا - شتت الله تعالى عليه همه ، وجعل فقره بين عينيه ، ولم يأته من الدنيا إلى ما كتب له ، ومن أصبح همه الآخرة جمع الله همه وجعل غناه في قلبه وأتته الدنيا وهي راغمة عن أنفها أو لفظ يقرب من أن يكون هذا معناه .
المسألة الثالثة : ظاهر اللفظ يدل على أن من
nindex.php?page=treesubj&link=30513_30502_19496_19696_29534صلى لأجل طلب الثواب أو لأجل دفع العقاب فإنه تصح صلاته ، وأجمعوا على أنها لا تصح . والجواب : أنه تعالى قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=20من كان يريد حرث الآخرة ) والحرث لا يتأتى إلا بإلقاء البذر الصحيح في الأرض ، والبذر الصحيح لجميع الخيرات والسعادات ليس إلا عبودية الله تعالى .
المسألة الرابعة : قال أصحابنا : إذا
nindex.php?page=treesubj&link=32توضأ بغير نية لم يصح ، قالوا : لأن هذا الإنسان ما أراد حرث الآخرة ، لأن الكلام فيما إذا كان غافلا عن ذكر الله وعن الآخرة ، فوجب أن لا يحصل له نصيب فيما يتعلق بالآخرة ، والخروج عن عهدة الصلاة من باب منافع الآخرة ، فوجب أن لا يحصل في الوضوء العاري عن النية .
واعلم أن الله تعالى لما بين القانون الأعظم والقسطاس الأقوم في أعمال الآخرة والدنيا - أردفه بالتنبيه على ما هو الأصل في باب الضلالة والشقاوة ، فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=21أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ) ، ومعنى الهمزة في " أم " التقرير والتقريع ، و ( شركاؤهم ) شياطينهم الذين زينوا الشرك وإنكار البعث والعمل للدنيا ؛ لأنهم لا يعلمون غيرها ، وقيل : ( شركاؤهم ) أوثانهم ، وإنما أضيفت إليهم لأنهم هم الذين اتخذوها شركاء لله ، ولما كان سببا لضلالتهم جعلت شارعة لدين الضلالة ؛ كما قال
إبراهيم صلى الله عليه وسلم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=36رب إنهن أضللن كثيرا من الناس ) [إبراهيم : 36] ، وقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=21شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ) يعني أن تلك الشرائع بأسرها على ضدين لله ، ثم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=21ولولا كلمة الفصل ) أي القضاء السابق بتأخير الجزاء ، أو يقال : ولولا الوعد بأن الفصل أن يكون يوم القيامة (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=21لقضي بينهم ) أي بين الكافرين والمؤمنين ، أو بين المشركين وشركائهم (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=21وإن الظالمين لهم عذاب أليم ) وقرأ بعضهم : "وأن " بفتح الهمزة في " إن " ؛ عطفا له على " كلمة الفصل " ، يعني : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=21ولولا كلمة الفصل ) وأن تقريره تعذيب الظالمين - في الآخرة (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=21لقضي بينهم ) في الدنيا ، ثم إنه تعالى ذكر أحوال أهل العقاب وأحوال أهل الثواب .
فالأول : فهو قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=22ترى الظالمين مشفقين ) خائفين خوفا شديدا (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=22مما كسبوا ) من السيئات (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=22وهو واقع بهم ) يريد أن وباله واقع بهم ، سواء أشفقوا أو لم يشفقوا .
وأما الثاني : فهو أحوال أهل الثواب ، وهو قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=22والذين آمنوا وعملوا الصالحات في روضات الجنات ) لأن روضة الجنة أطيب بقعة فيها ، وفي الآية تنبيه على أن
nindex.php?page=treesubj&link=30394الفساق من أهل الصلاة كلهم في الجنة ، إلا أنه خص الذين آمنوا وعملوا الصالحات بروضات الجنات ، وهي البقاع الشريفة من الجنة ، فالبقاع التي دون تلك الروضات لا بد وأن تكون مخصوصة بمن كان دون أولئك الذين آمنوا وعملوا الصالحات ، ثم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=22لهم ما يشاءون عند ربهم )
[ ص: 141 ] وهذا يدل على أن كل الأشياء حاضرة عنده مهيأة ، ثم قال تعالى في تعظيم هذه الدرجة (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=22ذلك هو الفضل الكبير ) ، وأصحابنا استدلوا بهذه الآية على أن
nindex.php?page=treesubj&link=29468الثواب غير واجب على الله ، وإنما يحصل بطريق الفضل من الله تعالى ، قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=22والذين آمنوا وعملوا الصالحات في روضات الجنات لهم ما يشاءون عند ربهم ) فهذا يدل على أن روضات الجنات ووجدان كل ما يريدونه إنما كان جزاء على الإيمان والأعمال الصالحات .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=20مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=21أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=22تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=23ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=24أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَإِنْ يَشَأِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=25وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=26وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ )
قَوْلُهُ تَعَالَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=20مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=21أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=22تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ [ ص: 139 ] nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=23ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=24أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَإِنْ يَشَأِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=25وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=26وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ )
اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا بَيَّنَ كَوْنَهُ لَطِيفًا بِعِبَادِهِ كَثِيرَ الْإِحْسَانِ إِلَيْهِمْ بَيَّنَ أَنَّهُ لَا بُدَّ لَهُمْ مِنْ أَنْ يَسْعَوْا فِي
nindex.php?page=treesubj&link=30494_30495طَلَبِ الْخَيْرَاتِ وَفِي الِاحْتِرَازِ عَنِ الْقَبَائِحِ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=20مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ ) ، قَالَ صَاحِبُ "الْكَشَّافِ" : إِنَّهُ تَعَالَى سَمَّى مَا يَعْمَلُهُ الْعَامِلُ مِمَّا يَطْلُبُ بِهِ الْفَائِدَةَ حَرْثًا عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ ، وَفِي الْآيَةِ مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : أَنَّهُ تَعَالَى أَظْهَرَ الْفَرْقَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ
nindex.php?page=treesubj&link=30502_30514_30483_29497بَيْنَ مَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَبَيْنَ مَنْ أَرَادَ الدُّنْيَا مِنْ وُجُوهٍ :
الْأَوَّلُ : أَنَّهُ قَدَّمَ مُرِيدَ حَرْثِ الْآخِرَةِ فِي الذِّكْرِ عَلَى مُرِيدِ حَرْثِ الدُّنْيَا ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى التَّفْضِيلِ ، لِأَنَّهُ وَصَفَهُ بِكَوْنِهِ آخِرَةً ، ثُمَّ قَدَّمَهُ فِي الذِّكْرِ تَنْبِيهًا عَلَى قَوْلِهِ "نَحْنُ الْآخِرُونَ السَّابِقُونَ" .
الثَّانِي : أَنَّهُ قَالَ فِي مُرِيدِ حَرْثِ الْآخِرَةِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=20نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ ) وَقَالَ فِي مُرِيدِ حَرْثِ الدُّنْيَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=20نُؤْتِهِ مِنْهَا ) ، وَكَلِمَةُ "مِنْ" لِلتَّبْعِيضِ ، فَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُعْطِيهِ بَعْضَ مَا يَطْلُبُهُ وَلَا يُؤْتِيهِ كُلَّهُ ، وَقَالَ فِي سُورَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=18عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ) [الْإِسْرَاءِ : 18] وَأَقُولُ : الْبُرْهَانُ الْعَقْلِيُّ مُسَاعِدٌ عَلَى الْبَابَيْنِ ، وَذَلِكَ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ عَمِلَ لِلْآخِرَةِ وَوَاظَبَ عَلَى ذَلِكَ الْعَمَلِ
nindex.php?page=treesubj&link=30494_30495فَكَثْرَةُ الْأَعْمَالِ سَبَبٌ لِحُصُولِ الْمَلَكَاتِ ، فَكُلُّ مَنْ كَانَتْ مُوَاظَبَتُهُ عَلَى تِلْكَ الْأَعْمَالِ أَكْثَرَ كَانَ مَيْلُ قَلْبِهِ إِلَى طَلَبِ الْآخِرَةِ أَكْثَرَ ، وَكُلَّمَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ كَانَ الِابْتِهَاجُ أَعْظَمَ وَالسَّعَادَاتُ أَكْثَرَ ، وَذَلِكَ هُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=20نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ ) ، وَأَمَّا طَالِبُ الدُّنْيَا فَكُلَّمَا كَانَتْ مُوَاظَبَتُهُ عَلَى أَعْمَالِ ذَلِكَ الطَّلَبِ أَكْثَرَ - كَانَتْ رَغْبَتُهُ فِي الْفَوْزِ بِالدُّنْيَا أَكْثَرَ ، وَمَيْلُهُ إِلَيْهَا أَشَدَّ ، وَإِذَا كَانَ الْمَيْلُ أَبَدًا فِي التَّزَايُدِ ، وَكَانَ حُصُولُ الْمَطْلُوبِ بَاقِيًا عَلَى حَالَةٍ وَاحِدَةٍ كَانَ الْحِرْمَانُ لَازِمًا لَا مَحَالَةَ .
الثَّالِثُ : أَنَّهُ تَعَالَى قَالَ فِي طَالِبِ حَرْثِ الْآخِرَةِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=20نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ ) وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ تَعَالَى يُعْطِيهِ الدُّنْيَا أَمْ لَا ، بَلْ بَقِيَ الْكَلَامُ سَاكِتًا عَنْهُ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا ، وَأَمَّا طَالِبُ حَرْثِ الدُّنْيَا فَإِنَّهُ تَعَالَى بَيَّنَ أَنَّهُ لَا يُعْطِيهِ شَيْئًا مِنْ نَصِيبِ الْآخِرَةِ عَلَى التَّنْصِيصِ ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى التَّفَاوُتِ الْعَظِيمِ ؛ كَأَنَّهُ يَقُولُ : الْآخِرَةُ أَصْلٌ وَالدُّنْيَا تَبَعٌ ، فَوَاجِدُ الْأَصْلِ يَكُونُ وَاجِدًا لِلتَّبَعِ بِقَدَرِ الْحَاجَةِ ، إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ الدُّنْيَا أَخَسُّ مِنْ أَنْ يَقْرِنَ ذِكْرَهَا بِذِكْرِ الْآخِرَةِ .
وَالرَّابِعُ : أَنَّهُ تَعَالَى بَيَّنَ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=29680_19962_30503طَالِبَ الْآخِرَةِ يُزَادُ فِي مَطْلُوبِهِ ، وَبَيَّنَ أَنَّ طَالِبَ الدُّنْيَا يُعْطَى بَعْضَ مَطْلُوبِهِ مِنَ الدُّنْيَا ، وَأَمَّا فِي الْآخِرَةِ فَإِنَّهُ لَا يَحْصُلُ لَهُ نُصِيبٌ الْبَتَّةَ ، فَبَيَّنَ بِالْكَلَامِ الْأَوَّلِ أَنَّ طَالِبَ الْآخِرَةِ يَكُونُ حَالُهُ أَبَدًا فِي التَّرَقِّي وَالتَّزَايُدِ ، وَبَيَّنَ بِالْكَلَامِ الثَّانِي أَنَّ طَالِبَ الدُّنْيَا يَكُونُ حَالُهُ فِي الْمَقَامِ الْأَوَّلِ فِي النُّقْصَانِ ، وَفِي الْمَقَامِ الثَّانِي فِي الْبُطْلَانِ التَّامِّ .
الْخَامِسُ : أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=29497_30502الْآخِرَةَ نَسِيئَةٌ ، وَالدُّنْيَا نَقْدٌ ، وَالنَّسِيئَةُ مَرْجُوحَةٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى النَّقْدِ؛ لِأَنَّ النَّاسَ يَقُولُونَ : النَّقْدُ خَيْرٌ مِنَ النَّسِيئَةِ فَبَيَّنَ تَعَالَى أَنَّ هَذِهِ الْقَضِيَّةَ انْعَكَسَتْ بِالنِّسْبَةِ إِلَى أَحْوَالِ الْآخِرَةِ وَالدُّنْيَا ، فَالْآخِرَةُ وَإِنْ كَانَتْ نَسِيئَةً إِلَّا أَنَّهَا مُتَوَجِّهَةٌ لِلزِّيَادَةِ وَالدَّوَامِ ، فَكَانَتْ أَفْضَلَ وَأَكْمَلَ ، وَالدُّنْيَا وَإِنْ كَانَتْ نَقْدًا إِلَّا أَنَّهَا مُتَوَجِّهَةٌ إِلَى النُّقْصَانِ ، ثُمَّ إِلَى الْبُطْلَانِ ، فَكَانَتْ أَخَسَّ وَأَرْذَلَ ، فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ حَالَ الْآخِرَةِ لَا يُنَاسِبُ حَالَ الدُّنْيَا الْبَتَّةَ ، وَأَنَّهُ لَيْسَ فِي الدُّنْيَا مِنْ أَحْوَالِ الْآخِرَةِ إِلَّا مُجَرَّدُ الِاسْمِ ؛ كَمَا هُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ .
السَّادِسُ : الْآيَةُ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ مَنَافِعَ الْآخِرَةِ وَالدُّنْيَا لَيْسَتْ حَاضِرَةً ، بَلْ لَا بُدَّ فِي الْبَابَيْنِ مِنَ الْحَرْثِ ، وَالْحَرْثُ لَا يَتَأَتَّى إِلَّا بِتَحَمُّلِ الْمَشَاقِّ فِي الْبَذْرِ ، ثُمَّ التَّسْقِيَةِ وَالتَّنْمِيَةِ وَالْحَصْدِ ، ثُمَّ التَّنْقِيَةِ ، فَلَمَّا سَمَّى اللَّهُ كِلَا الْقِسْمَيْنِ حَرْثًا عَلِمْنَا أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَا يَحْصُلُ إِلَّا بِتَحَمُّلِ الْمَتَاعِبِ وَالْمَشَاقِّ ، ثُمَّ بَيَّنَ تَعَالَى أَنَّ مَصِيرَ الْآخِرَةِ إِلَى الزِّيَادَةِ وَالْكَمَالِ ، وَأَنَّ مَصِيرَ الدُّنْيَا
[ ص: 140 ] إِلَى النُّقْصَانِ ثُمَّ الْفَنَاءِ ، فَكَأَنَّهُ قِيلَ : إِذَا كَانَ لَا بُدَّ فِي الْقِسْمَيْنِ جَمِيعًا مِنْ تَحَمُّلِ مَتَاعِبِ الْحِرَاثَةِ وَالتَّسْقِيَةِ وَالتَّنْمِيَةِ وَالْحَصْدِ وَالتَّنْقِيَةِ ، فَلِأَنْ تُصْرَفَ هَذِهِ الْمَتَاعِبُ إِلَى مَا يَكُونُ فِي التَّزَايُدِ وَالْبَقَاءِ أَوْلَى مِنْ صَرْفِهَا إِلَى مَا يَكُونُ فِي النُّقْصَانِ وَالِانْقِضَاءِ وَالْفَنَاءِ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=20نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ ) قَوْلَانِ :
الْأَوَّلُ : الْمَعْنَى أَنَّا نَزِيدُ فِي تَوْفِيقِهِ وَإِعَانَتِهِ وَتَسْهِيلِ سُبُلِ الْخَيْرَاتِ وَالطَّاعَاتِ عَلَيْهِ ، وَقَالَ
مُقَاتِلٌ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=20نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ ) بِتَضْعِيفِ الثَّوَابِ ، قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=30لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ ) [فَاطِرٍ : 30] وَعَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013674مَنْ أَصْبَحَ ، وَهَمُّهُ الدُّنْيَا - شَتَّتَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ هَمَّهُ ، وَجَعَلَ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ ، وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلَى مَا كُتِبَ لَهُ ، وَمَنْ أَصْبَحَ هَمُّهُ الْآخِرَةَ جَمَعَ اللَّهُ هَمَّهُ وَجَعَلَ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ عَنْ أَنْفِهَا أَوْ لَفْظٌ يَقْرُبُ مِنْ أَنْ يَكُونَ هَذَا مَعْنَاهُ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : ظَاهِرُ اللَّفْظِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=30513_30502_19496_19696_29534صَلَّى لِأَجْلِ طَلَبِ الثَّوَابِ أَوْ لِأَجْلِ دَفْعِ الْعِقَابِ فَإِنَّهُ تَصِحُّ صَلَاتُهُ ، وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهَا لَا تَصِحُّ . وَالْجَوَابُ : أَنَّهُ تَعَالَى قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=20مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ ) وَالْحَرْثُ لَا يَتَأَتَّى إِلَّا بِإِلْقَاءِ الْبَذْرِ الصَّحِيحِ فِي الْأَرْضِ ، وَالْبَذْرُ الصَّحِيحُ لِجَمِيعِ الْخَيْرَاتِ وَالسَّعَادَاتِ لَيْسَ إِلَّا عُبُودِيَّةَ اللَّهِ تَعَالَى .
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ : قَالَ أَصْحَابُنَا : إِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=32تَوَضَّأَ بِغَيْرِ نِيَّةٍ لَمْ يَصِحَّ ، قَالُوا : لِأَنَّ هَذَا الْإِنْسَانَ مَا أَرَادَ حَرْثَ الْآخِرَةِ ، لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا إِذَا كَانَ غَافِلًا عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الْآخِرَةِ ، فَوَجَبَ أَنْ لَا يَحْصُلَ لَهُ نُصِيبٌ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْآخِرَةِ ، وَالْخُرُوجُ عَنْ عُهْدَةِ الصَّلَاةِ مِنْ بَابِ مَنَافِعِ الْآخِرَةِ ، فَوَجَبَ أَنْ لَا يَحْصُلَ فِي الْوُضُوءِ الْعَارِي عَنِ النِّيَّةِ .
وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا بَيَّنَ الْقَانُونَ الْأَعْظَمَ وَالْقِسْطَاسَ الْأَقْوَمَ فِي أَعْمَالِ الْآخِرَةِ وَالدُّنْيَا - أَرْدَفَهُ بِالتَّنْبِيهِ عَلَى مَا هُوَ الْأَصْلُ فِي بَابِ الضَّلَالَةِ وَالشَّقَاوَةِ ، فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=21أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ ) ، وَمَعْنَى الْهَمْزَةِ فِي " أَمْ " التَّقْرِيرُ وَالتَّقْرِيعُ ، وَ ( شُرَكَاؤُهُمْ ) شَيَاطِينُهُمُ الَّذِينَ زَيَّنُوا الشِّرْكَ وَإِنْكَارَ الْبَعْثِ وَالْعَمَلَ لِلدُّنْيَا ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ غَيْرَهَا ، وَقِيلَ : ( شُرَكَاؤُهُمْ ) أَوْثَانُهُمْ ، وَإِنَّمَا أُضِيفَتْ إِلَيْهِمْ لِأَنَّهُمْ هُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوهَا شُرَكَاءَ لِلَّهِ ، وَلَمَّا كَانَ سَبَبًا لِضَلَالَتِهِمْ جُعِلَتْ شَارِعَةً لِدِينِ الضَّلَالَةِ ؛ كَمَا قَالَ
إِبْرَاهِيمُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=36رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ ) [إِبْرَاهِيمَ : 36] ، وَقَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=21شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ ) يَعْنِي أَنَّ تِلْكَ الشَّرَائِعَ بِأَسْرِهَا عَلَى ضِدَّيْنِ لِلَّهِ ، ثُمَّ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=21وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ ) أَيِ الْقَضَاءُ السَّابِقُ بِتَأْخِيرِ الْجَزَاءِ ، أَوْ يُقَالُ : وَلَوْلَا الْوَعْدُ بِأَنَّ الْفَصْلَ أَنْ يَكُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=21لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ ) أَيْ بَيْنَ الْكَافِرِينَ وَالْمُؤْمِنِينَ ، أَوْ بَيْنَ الْمُشْرِكِينَ وَشُرَكَائِهِمْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=21وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) وَقَرَأَ بَعْضُهُمْ : "وَأَنَّ " بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ فِي " إِنَّ " ؛ عَطْفًا لَهُ عَلَى " كَلِمَةُ الْفَصْلِ " ، يَعْنِي : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=21وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ ) وَأَنَّ تَقْرِيرَهُ تَعْذِيبَ الظَّالِمِينَ - فِي الْآخِرَةِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=21لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ ) فِي الدُّنْيَا ، ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ أَحْوَالَ أَهْلِ الْعِقَابِ وَأَحْوَالَ أَهْلِ الثَّوَابِ .
فَالْأَوَّلُ : فَهُوَ قَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=22تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ ) خَائِفِينَ خَوْفًا شَدِيدًا (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=22مِمَّا كَسَبُوا ) مِنَ السَّيِّئَاتِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=22وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ ) يُرِيدُ أَنَّ وَبَالَهُ وَاقِعٌ بِهِمْ ، سَوَاءٌ أَشْفَقُوا أَوْ لَمْ يُشْفِقُوا .
وَأَمَّا الثَّانِي : فَهُوَ أَحْوَالُ أَهْلِ الثَّوَابِ ، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=22وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ ) لِأَنَّ رَوْضَةَ الْجَنَّةِ أَطْيَبُ بُقْعَةٍ فِيهَا ، وَفِي الْآيَةِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=30394الْفُسَّاقَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ كُلُّهُمْ فِي الْجَنَّةِ ، إِلَّا أَنَّهُ خَصَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِرَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ ، وَهِيَ الْبِقَاعُ الشَّرِيفَةُ مِنَ الْجَنَّةِ ، فَالْبِقَاعُ الَّتِي دُونَ تِلْكَ الرَّوْضَاتِ لَا بُدَّ وَأَنْ تَكُونَ مَخْصُوصَةً بِمَنْ كَانَ دُونَ أُولَئِكَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ، ثُمَّ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=22لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ )
[ ص: 141 ] وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلَّ الْأَشْيَاءِ حَاضِرَةٌ عِنْدَهُ مُهَيَّأَةٌ ، ثُمَّ قَالَ تَعَالَى فِي تَعْظِيمِ هَذِهِ الدَّرَجَةِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=22ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ) ، وَأَصْحَابُنَا اسْتَدَلُّوا بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=29468الثَّوَابَ غَيْرُ وَاجِبٍ عَلَى اللَّهِ ، وَإِنَّمَا يَحْصُلُ بِطَرِيقِ الْفَضْلِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ، قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=22وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ) فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ وَوِجْدَانَ كُلِّ مَا يُرِيدُونَهُ إِنَّمَا كَانَ جَزَاءً عَلَى الْإِيمَانِ وَالْأَعْمَالِ الصَّالِحَاتِ .