ثم قال : ( ويعلم ما تفعلون ) قرأ حمزة والكسائي وحفص عن عاصم بالتاء على المخاطبة ، والباقون بالياء على المغايبة ، والمعنى : أنه تعالى يعلمه ، فيثيبه على حسناته ، ويعاقبه على سيئاته .
ثم قال : ( ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله ) وفيه قولان :
أحدهما : " الذين آمنوا وعملوا الصالحات " رفع على أنه فاعل ، تقديره : ويجيب المؤمنون الله فيما دعاهم إليه .
والثاني : محله نصب ، والفاعل مضمر ، وهو الله ، وتقديره : ويستجيب الله للمؤمنين ؛ إلا أنه حذف اللام كما حذف في قوله ( وإذا كالوهم ) [المطففين : 3] وهذا الثاني أولى ؛ لأن الخبر فيما قبل وبعد عن الله ؛ لأن ما قبل الآية قوله تعالى : ( وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ) وما بعدها قوله ( ويزيدهم من فضله ) فـ " يزيد " عطف على " ويستجيب " ، وعلى الأول : ويجيب العبد ويزيد الله من فضله .
أما من قال : إن الفعل للذين آمنوا ففيه وجهان :
أحدهما : ويجيب المؤمنون ربهم فيما دعاهم إليه .
والثاني : يطيعونه فيما أمرهم به ، والاستجابة الطاعة .
وأما من قال : إن الفعل لله - فقد اختلفوا ، فقيل : يجيب الله دعاء المؤمنين ويزيدهم ما طلبوه من فضله ، فإن قالوا : ؟ قلنا : قال بعضهم : لا يجوز ؛ لأن إجابة الدعاء تعظيم ، وذلك لا يليق بالكفار ، وقيل : يجوز على بعض الوجوه ، وفائدة التخصيص أن [ ص: 146 ] تخصيص المؤمنين بإجابة الدعاء هل يدل على أنه تعالى لا يجيب دعاء الكفار ، إجابة دعاء المؤمنين تكون على سبيل التشريف ، ثم قال : ( وإجابة دعاء الكافرين تكون على سبيل الاستدراج ويزيدهم من فضله ) أي : يزيدهم على ما طلبوه بالدعاء ( والكافرون لهم عذاب شديد ) والمقصود التهديد .