(
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=5حكمة بالغة فما تغن النذر nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=6فتول عنهم يوم يدعو الداعي إلى شيء نكر ) ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=5حكمة بالغة ) وفيه وجوه :
الأول : على قول من قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=4ولقد جاءهم من الأنباء ) المراد منه القرآن ، قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=5حكمة بالغة ) بدل كأنه قال : ولقد جاءهم
nindex.php?page=treesubj&link=29568حكمة بالغة .
ثانيها : أن يكون بدلا عن " ما " في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=4ما فيه مزدجر ) .
الثاني : " حكمة بالغة " خبر مبتدأ محذوف تقديره هذه حكمة بالغة ، والإشارة حينئذ تحتمل وجوها .
أحدها : هذا الترتيب الذي في إرسال الرسول وإيضاح الدليل والإنذار بمن مضى من القرون وانقضى حكمة بالغة .
ثانيها : إنزال ما فيه الأنباء : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=5حكمة بالغة ) .
ثالثها : هذه الساعة المقتربة والآية الدالة عليها حكمة .
الثالث : قرئ بالنصب فيكون حالا وذو الحال " ما " في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=4ما فيه مزدجر ) أي جاءكم ذلك حكمة ، فإن قيل : إن كان " ما " موصولة تكون معرفة فيحسن كونه ذا الحال ، فأما إن كانت بمعنى جاءهم من الأنباء شيء فيه ازدجار يكون منكرا وتنكير ذي الحال قبيح نقول : كونه موصوفا يحسن ذلك .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=5فما تغن النذر ) فيه وجهان .
أحدهما : أن " ما " نافية ، ومعناه أن
nindex.php?page=treesubj&link=32019_32026_28745النذر لم يبعثوا ليغنوا ويلجئوا قومهم إلى الحق ، وإنما أرسلوا مبلغين وهو كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=48فإن أعرضوا فما أرسلناك عليهم حفيظا ) [ الشورى : 48 ] ويؤيد هذا قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=6فتول عنهم ) أي ليس عليك ولا على الأنبياء الإغناء والإلجاء ، فإذا بلغت فقد
[ ص: 30 ] أتيت بما عليك من الحكمة البالغة التي أمرت بها بقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=125ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة ) [ النحل : 125 ] وتول إذا لم تقدر .
ثانيهما : " ما " استفهامية ، ومعنى الآيات حينئذ أنك أتيت بما عليك من الدعوى وإظهار الآية عليها ، وكذبوا فأنذرتهم بما جرى على المكذبين فلم يفدهم ، فهذه حكمة بالغة وما الذي تغني النذر غير هذا فلم يبق عليك شيء آخر .
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=6فتول عنهم ) قد ذكرنا أن المفسرين يقولون إن قوله : ( تول) منسوخ وليس كذلك ، بل المراد منه لا تناظرهم بالكلام .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=6يوم يدعو الداعي إلى شيء نكر ) قد ذكرنا أيضا أن من ينصح شخصا ولا يؤثر فيه النصح يعرض عنه ، ويقول مع غيره ما فيه نصح المعرض عنه ، ويكون فيه قصد إرشاده أيضا فقال بعدما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=6فتول عنهم يوم يدعو الداعي ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=7يخرجون من الأجداث ) [ القمر : 7 ] للتخويف ، والعامل في : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=6يوم ) هو ما بعده ، وهو قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=7يخرجون من الأجداث ) والداعي معرف كالمنادي في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=41يوم ينادي المنادي ) [ ق : 41 ] لأنه معلوم قد أخبر عنه ، فقيل : إن مناديا ينادي وداعيا يدعو ، وفي الداعي وجوه :
أحدها أنه
إسرافيل .
وثانيها : أنه
جبريل .
وثالثها : أنه ملك موكل بذلك ، والتعريف حينئذ لا يقطع حد العلمية ، وإنما يكون ذلك كقولنا : جاء رجل فقال : الرجل ، وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=6إلى شيء نكر ) أي : منكر وهو يحتمل وجوها :
أحدها : إلى شيء نكر في يومنا هذا لأنهم أنكروه أي : يوم يدعو الداعي إلى الشيء الذي أنكروه يخرجون .
ثانيها : " نكر " أي : منكر يقول : ذلك القائل كان ينبغي أن لا يكون أي : من شأنه أن لا يوجد ، يقال : فلان ينهى عن المنكر ، وعلى هذا فهو عندهم كان ينبغي أن لا يقع ؛ لأنه يرديهم في الهاوية ، فإن قيل : ما ذلك الشيء النكر ؟ نقول : الحساب أو الجمع له أو النشر للجمع ، وهذا أقرب ، فإن قيل : النشر لا يكون منكرا فإنه إحياء ؛ ولأن الكافر من أين يعرف وقت النشر وما يجري عليه لينكره ؟ نقول : يعرف ويعلم بدليل قوله تعالى عنهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=52ياويلنا من بعثنا من مرقدنا ) [ يس : 52 ] .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=5حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=6فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُو الدَّاعِي إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ ) ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=5حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ ) وَفِيهِ وُجُوهٌ :
الْأَوَّلُ : عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=4وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الْأَنْبَاءِ ) الْمُرَادُ مِنْهُ الْقُرْآنُ ، قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=5حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ ) بَدَلٌ كَأَنَّهُ قَالَ : وَلَقَدْ جَاءَهُمْ
nindex.php?page=treesubj&link=29568حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ .
ثَانِيهَا : أَنْ يَكُونَ بَدَلًا عَنْ " مَا " فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=4مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ ) .
الثَّانِي : " حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ " خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ هَذِهِ حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ ، وَالْإِشَارَةُ حِينَئِذٍ تَحْتَمِلُ وُجُوهًا .
أَحَدُهَا : هَذَا التَّرْتِيبُ الَّذِي فِي إِرْسَالِ الرَّسُولِ وَإِيضَاحِ الدَّلِيلِ وَالْإِنْذَارِ بِمَنْ مَضَى مِنَ الْقُرُونِ وَانْقَضَى حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ .
ثَانِيهَا : إِنْزَالُ مَا فِيهِ الْأَنْبَاءُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=5حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ ) .
ثَالِثُهَا : هَذِهِ السَّاعَةُ الْمُقْتَرِبَةُ وَالْآيَةُ الدَّالَّةُ عَلَيْهَا حِكْمَةٌ .
الثَّالِثُ : قُرِئَ بِالنَّصْبِ فَيَكُونُ حَالًا وَذُو الْحَالِ " مَا " فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=4مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ ) أَيْ جَاءَكُمْ ذَلِكَ حِكْمَةً ، فَإِنْ قِيلَ : إِنْ كَانَ " مَا " مَوْصُولَةً تَكُونُ مُعَرَّفَةً فَيَحْسُنُ كَوْنُهُ ذَا الْحَالِ ، فَأَمَّا إِنْ كَانَتْ بِمَعْنَى جَاءَهُمْ مِنَ الْأَنْبَاءِ شَيْءٌ فِيهِ ازْدِجَارٌ يَكُونُ مُنَكَّرًا وَتَنْكِيرُ ذِي الْحَالِ قَبِيحٌ نَقُولُ : كَوْنُهُ مَوْصُوفًا يَحْسُنُ ذَلِكَ .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=5فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ ) فِيهِ وَجْهَانِ .
أَحَدُهُمَا : أَنْ " مَا " نَافِيَةٌ ، وَمَعْنَاهُ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=32019_32026_28745النُّذُرَ لَمْ يُبْعَثُوا لِيُغْنُوا وَيُلْجِئُوا قَوْمَهُمْ إِلَى الْحَقِّ ، وَإِنَّمَا أُرْسِلُوا مُبَلِّغِينَ وَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=48فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ) [ الشُّورَى : 48 ] وَيُؤَيِّدُ هَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=6فَتَوَلَّ عَنْهُمْ ) أَيْ لَيْسَ عَلَيْكَ وَلَا عَلَى الْأَنْبِيَاءِ الْإِغْنَاءُ وَالْإِلْجَاءُ ، فَإِذَا بَلَّغَتْ فَقَدْ
[ ص: 30 ] أَتَيْتَ بِمَا عَلَيْكَ مِنَ الْحِكْمَةِ الْبَالِغَةِ الَّتِي أُمِرْتَ بِهَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=125ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ) [ النَّحْلِ : 125 ] وَتَوَلَّ إِذَا لَمْ تَقْدِرْ .
ثَانِيهِمَا : " مَا " اسْتِفْهَامِيَّةٌ ، وَمَعْنَى الْآيَاتِ حِينَئِذٍ أَنَّكَ أَتَيْتَ بِمَا عَلَيْكَ مِنَ الدَّعْوَى وَإِظْهَارِ الْآيَةِ عَلَيْهَا ، وَكَذَّبُوا فَأَنْذَرْتَهُمْ بِمَا جَرَى عَلَى الْمُكَذِّبِينَ فَلَمْ يُفِدْهُمْ ، فَهَذِهِ حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ وَمَا الَّذِي تُغْنِي النُّذُرُ غَيْرَ هَذَا فَلَمْ يَبْقَ عَلَيْكَ شَيْءٌ آخَرُ .
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=6فَتَوَلَّ عَنْهُمْ ) قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الْمُفَسِّرِينَ يَقُولُونَ إِنَّ قَوْلَهُ : ( تَوَلَّ) مَنْسُوخٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، بَلِ الْمُرَادُ مِنْهُ لَا تُنَاظِرْهُمْ بِالْكَلَامِ .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=6يَوْمَ يَدْعُو الدَّاعِي إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ ) قَدْ ذَكَرْنَا أَيْضًا أَنَّ مَنْ يَنْصَحْ شَخْصًا وَلَا يُؤَثِّرْ فِيهِ النُّصْحُ يُعْرِضْ عَنْهُ ، وَيَقُولُ مَعَ غَيْرِهِ مَا فِيهِ نُصْحُ الْمُعْرِضِ عَنْهُ ، وَيَكُونُ فِيهِ قَصْدُ إِرْشَادِهِ أَيْضًا فَقَالَ بَعْدَمَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=6فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُو الدَّاعِي ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=7يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ ) [ الْقَمَرِ : 7 ] لِلتَّخْوِيفِ ، وَالْعَامِلُ فِي : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=6يَوْمَ ) هُوَ مَا بَعْدَهُ ، وَهُوَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=7يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ ) وَالدَّاعِي مُعَرَّفٌ كَالْمُنَادِي فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=41يَوْمَ يُنَادِي الْمُنَادِي ) [ ق : 41 ] لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ قَدْ أَخْبَرَ عَنْهُ ، فَقِيلَ : إِنَّ مُنَادِيًا يُنَادِي وَدَاعِيًا يَدْعُو ، وَفِي الدَّاعِي وُجُوهٌ :
أَحَدُهَا أَنَّهُ
إِسْرَافِيلُ .
وَثَانِيهَا : أَنَّهُ
جِبْرِيلُ .
وَثَالِثُهَا : أَنَّهُ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ بِذَلِكَ ، وَالتَّعْرِيفُ حِينَئِذٍ لَا يَقْطَعُ حَدَّ الْعِلْمِيَّةِ ، وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ كَقَوْلِنَا : جَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ : الرَّجُلُ ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=6إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ ) أَيْ : مُنْكَرٍ وَهُوَ يَحْتَمِلُ وُجُوهًا :
أَحَدُهَا : إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ فِي يَوْمِنَا هَذَا لِأَنَّهُمْ أَنْكَرُوهُ أَيْ : يَوْمَ يَدْعُو الدَّاعِي إِلَى الشَّيْءِ الَّذِي أَنْكَرُوهُ يَخْرُجُونَ .
ثَانِيهَا : " نُكُرٍ " أَيْ : مُنْكَرٍ يَقُولُ : ذَلِكَ الْقَائِلُ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ أَيْ : مِنْ شَأْنِهِ أَنْ لَا يُوجَدَ ، يُقَالُ : فُلَانٌ يَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ ، وَعَلَى هَذَا فَهُوَ عِنْدَهُمْ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَقَعَ ؛ لِأَنَّهُ يُرْدِيهِمْ فِي الْهَاوِيَةِ ، فَإِنْ قِيلَ : مَا ذَلِكَ الشَّيْءُ النُّكُرُ ؟ نَقُولُ : الْحِسَابُ أَوِ الْجَمْعُ لَهُ أَوِ النَّشْرُ لِلْجَمْعِ ، وَهَذَا أَقْرَبُ ، فَإِنْ قِيلَ : النَّشْرُ لَا يَكُونُ مُنْكَرًا فَإِنَّهُ إِحْيَاءٌ ؛ وَلِأَنَّ الْكَافِرَ مِنْ أَيْنَ يَعْرِفُ وَقْتَ النَّشْرِ وَمَا يَجْرِي عَلَيْهِ لِيُنْكِرَهُ ؟ نَقُولُ : يَعْرِفُ وَيَعْلَمُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى عَنْهُمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=52يَاوَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا ) [ يس : 52 ] .