(
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=5وإذ قال موسى لقومه يا قوم لم تؤذونني وقد تعلمون أني رسول الله إليكم فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم والله لا يهدي القوم الفاسقين nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=6وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=7ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب وهو يدعى إلى الإسلام والله لا يهدي القوم الظالمين ) ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=5وإذ قال موسى لقومه ياقوم لم تؤذونني وقد تعلمون أني رسول الله إليكم فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم والله لا يهدي القوم الفاسقين )
معناه اذكر هذه القصة ، وإذ منصوب بإضمار اذكر أي حين قال لهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=5تؤذونني ) وكانوا يؤذونه بأنواع الأذى قولا وفعلا ، فقالوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=153أرنا الله جهرة ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=61لن نصبر على طعام واحد ) وقيل : قد رموه بالأدرة ، وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=5وقد تعلمون أني رسول الله ) في موضع الحال ، أي تؤذونني عالمين علما قطعيا أني رسول الله وقضية علمكم بذلك موجبة للتعظيم والتوقير ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=5فلما زاغوا ) أي مالوا إلى غير الحق (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=5أزاغ الله قلوبهم ) أي أمالها عن الحق ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وقال
مقاتل : "
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=5زاغوا " أي عدلوا عن الحق بأبدانهم (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=5أزاغ الله ) أي أمال الله قلوبهم عن الحق وأضلهم جزاء ما عملوا ، ويدل عليه قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=5والله لا يهدي القوم الفاسقين ) قال
أبو إسحاق معناه : والله لا يهدي من سبق في عمله أنه فاسق ، وفي هذا تنبيه على عظم
nindex.php?page=treesubj&link=29284إيذاء الرسول صلى الله عليه وسلم حتى إنه يؤدي إلى الكفر وزيغ القلوب عن الهدى " وقد " معناه التوكيد كأنه قال : وتعلمون علما يقينيا لا شبهة لكم فيه .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=6وإذ قال عيسى ابن مريم يابني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=7ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب وهو يدعى إلى الإسلام والله لا يهدي القوم الظالمين )
قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=6إني رسول الله ) أي اذكروا أني رسول الله أرسلت إليكم بالوصف الذي وصفت به في التوراة ، ومصدقا بالتوراة ، وبكتب الله وبأنبيائه جميعا ممن تقدم وتأخر (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=6ومبشرا برسول ) يصدق بالتوراة على مثل
[ ص: 272 ] تصديقي ، فكأنه قيل له : ما اسمه ؟ فقال : اسمه
أحمد ، فقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=6يأتي من بعدي اسمه أحمد ) جملتان في موضع الجر لأنهما صفتان للنكرة التي هي رسول ، وفي (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=6بعدي اسمه ) قراءتان تحريك الياء بالفتح على الأصل ، وهو الاختيار عند
الخليل nindex.php?page=showalam&ids=16076وسيبويه في كل موضع تذهب فيه الياء لالتقاء ساكنين ، وإسكانها كما في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=28ولمن دخل بيتي ) [ نوح : 28 ] فمن أسكن في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=6من بعدي اسمه ) حذف الياء والسين من اسمه ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=15153المبرد وأبو علي ، وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=6أحمد ) يحتمل معنيين :
أحدهما : المبالغة في الفاعل ، يعني أنه أكثر حمدا لله من غيره .
وثانيهما : المبالغة من المفعول ، يعني أنه يحمد بما فيه من الإخلاص والأخلاق الحسنة أكثر ما يحمد غيره .
ولنذكر الآن بعض ما جاء به
nindex.php?page=treesubj&link=31992عيسى عليه السلام ، بمقدم سيدنا
محمد عليه السلام في الإنجيل في عدة مواضع :
أولها : في الإصحاح الرابع عشر من إنجيل
يوحنا هكذا : " وأنا أطلب لكم إلي أبي حتى يمنحكم ويعطيكم الفارقليط حتى يكون معكم إلى الأبد ، والفارقليط هو روح الحق اليقين " هذا لفظ الإنجيل المنقول إلى العربي ، وذكر في الإصحاح الخامس عشر هذا اللفظ : " وأما الفارقليط روح القدس يرسله أبي باسمي ، ويعلمكم ويمنحكم جميع الأشياء ، وهو يذكركم ما قلت لكم " ثم ذكر بعد ذلك بقليل : "وإني قد خبرتكم بهذا قبل أن يكون حتى إذا كان ذلك تؤمنون " .
وثانيها : ذكر في الإصحاح السادس عشر هكذا : " ولكن أقول لكم الآن حقا يقينا انطلاقي عنكم خير لكم ، فإن لم أنطلق عنكم إلى أبي لم يأتكم الفارقليط ، وإن انطلقت أرسلته إليكم ، فإذا جاء هو يفيد أهل العالم ، ويدينهم ويمنحهم ويوقفهم على الخطيئة والبر والدين " .
وثالثها : ذكر بعد ذلك بقليل هكذا : " فإن لي كلاما كثيرا أريد أن أقوله لكم ، ولكن لا تقدرون على قبوله والاحتفاظ به ، ولكن إذا جاء روح الحق إليكم يلهمكم ويؤيدكم بجميع الحق ، لأنه ليس يتكلم بدعة من تلقاء نفسه " هذا ما في الإنجيل ، فإن قيل : المراد بفارقليط إذا جاء يرشدهم إلى الحق ويعلمهم الشريعة ، وهو
عيسى يجيء بعد الصلب ؟ نقول : ذكر الحواريون في آخر الإنجيل أن
عيسى لما جاء بعد الصلب ما ذكر شيئا من الشريعة ، وما علمهم شيئا من الأحكام ، وما لبث عندهم إلا لحظة ، وما تكلم إلا قليلا ، مثل أنه قال : " أنا
المسيح فلا تظنوني ميتا ، بل أنا ناج عند الله ناظر إليكم ، وإني ما أوحي بعد ذلك إليكم " فهذا تمام الكلام ، وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=6فلما جاءهم بالبينات ) قيل : هو
عيسى ، وقيل : هو
محمد ، ويدل على أن الذي جاءهم بالبينات جاءهم بالمعجزات والبينات التي تبين أن الذي جاء به من عند الله ، وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=6هذا سحر مبين ) أي ساحر مبين . وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=7ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب ) أي من أقبح ظلما ممن بلغ افتراؤه المبلغ الذي
nindex.php?page=treesubj&link=18984_29706يفتري على الله الكذب وأنهم قد علموا أن ما نالوه من نعمة وكرامة فإنما نالوه من الله تعالى ، ثم كفروا به وكذبوا على الله وعلى رسوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=7والله لا يهدي القوم الظالمين ) أي لا يوفقهم الله للطاعة عقوبة لهم .
وفي الآية بحث : وهو أن يقال : بم انتصب مصدقا ومبشرا أبما في الرسول من معنى الإرسال أم إليكم ؟ نقول : بل بمعنى الإرسال لأن إليكم صلة للرسول .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=5وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=6وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=7وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الْإِسْلَامِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=5وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ )
مَعْنَاهُ اذْكُرْ هَذِهِ الْقِصَّةَ ، وَإِذْ مَنْصُوبٌ بِإِضْمَارِ اذْكُرْ أَيْ حِينِ قَالَ لَهُمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=5تُؤْذُونَنِي ) وَكَانُوا يُؤْذُونَهُ بِأَنْوَاعِ الْأَذَى قَوْلًا وَفِعْلًا ، فَقَالُوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=153أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=61لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ ) وَقِيلَ : قَدْ رَمَوْهُ بِالْأُدْرَةِ ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=5وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ ) فِي مَوْضِعِ الْحَالِ ، أَيْ تُؤْذُونَنِي عَالِمِينَ عِلْمًا قَطْعِيًّا أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ وَقَضِيَّةُ عِلْمِكُمْ بِذَلِكَ مُوجِبَةٌ لِلتَّعْظِيمِ وَالتَّوْقِيرِ ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=5فَلَمَّا زَاغُوا ) أَيْ مَالُوا إِلَى غَيْرِ الْحَقِّ (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=5أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ ) أَيْ أَمَالَهَا عَنِ الْحَقِّ ، وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَالَ
مُقَاتِلٌ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=5زَاغُوا " أَيْ عَدَلُوا عَنِ الْحَقِّ بِأَبْدَانِهِمْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=5أَزَاغَ اللَّهُ ) أَيْ أَمَالَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ عَنِ الْحَقِّ وَأَضَلَّهُمْ جَزَاءَ مَا عَمِلُوا ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=5وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ) قَالَ
أَبُو إِسْحَاقَ مَعْنَاهُ : وَاللَّهُ لَا يَهْدِي مَنْ سَبَقَ فِي عَمَلِهِ أَنَّهُ فَاسِقٌ ، وَفِي هَذَا تَنْبِيهٌ عَلَى عِظَمِ
nindex.php?page=treesubj&link=29284إِيذَاءِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى الْكُفْرِ وَزَيْغِ الْقُلُوبِ عَنِ الْهُدَى " وَقَدْ " مَعْنَاهُ التَّوْكِيدُ كَأَنَّهُ قَالَ : وَتَعْلَمُونَ عِلْمًا يَقِينِيًّا لَا شُبْهَةَ لَكُمْ فِيهِ .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=6وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=7وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الْإِسْلَامِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ )
قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=6إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ ) أَيِ اذْكُرُوا أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ أُرْسِلْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَصْفِ الَّذِي وُصِفْتُ بِهِ فِي التَّوْرَاةِ ، وَمُصَدِّقًا بِالتَّوْرَاةِ ، وَبِكُتُبِ اللَّهِ وَبِأَنْبِيَائِهِ جَمِيعًا مِمَّنْ تَقَدَّمَ وَتَأَخَّرَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=6وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ ) يُصَدِّقُ بِالتَّوْرَاةِ عَلَى مِثْلِ
[ ص: 272 ] تَصْدِيقِي ، فَكَأَنَّهُ قِيلَ لَهُ : مَا اسْمُهُ ؟ فَقَالَ : اسْمُهُ
أَحْمَدُ ، فَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=6يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ) جُمْلَتَانِ فِي مَوْضِعِ الْجَرِّ لِأَنَّهُمَا صِفَتَانِ لِلنَّكِرَةِ الَّتِي هِيَ رَسُولٌ ، وَفِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=6بَعْدِي اسْمُهُ ) قِرَاءَتَانِ تَحْرِيكُ الْيَاءِ بِالْفَتْحِ عَلَى الْأَصْلِ ، وَهُوَ الِاخْتِيَارُ عِنْدَ
الْخَلِيلِ nindex.php?page=showalam&ids=16076وَسِيبَوَيْهِ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ تَذْهَبُ فِيهِ الْيَاءُ لِالْتِقَاءِ سَاكِنَيْنِ ، وَإِسْكَانُهَا كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=28وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ ) [ نُوحٍ : 28 ] فَمَنْ أَسْكَنَ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=6مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ ) حَذَفَ الْيَاءَ وَالسِّينَ مِنَ اسْمِهِ ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15153الْمُبَرِّدُ وَأَبُو عَلِيٍّ ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=6أَحْمَدُ ) يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : الْمُبَالَغَةُ فِي الْفَاعِلِ ، يَعْنِي أَنَّهُ أَكْثَرُ حَمْدًا لِلَّهِ مِنْ غَيْرِهِ .
وَثَانِيهِمَا : الْمُبَالَغَةُ مِنَ الْمَفْعُولِ ، يَعْنِي أَنَّهُ يُحْمَدُ بِمَا فِيهِ مِنَ الْإِخْلَاصِ وَالْأَخْلَاقِ الْحَسَنَةِ أَكْثَرَ مَا يُحْمَدُ غَيْرُهُ .
وَلْنَذْكُرِ الْآنَ بَعْضَ مَا جَاءَ بِهِ
nindex.php?page=treesubj&link=31992عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ ، بِمَقْدَمِ سَيِّدِنَا
مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْإِنْجِيلِ فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ :
أَوَّلُهَا : فِي الْإِصْحَاحِ الرَّابِعَ عَشَرَ مِنْ إِنْجِيلِ
يُوحَنَّا هَكَذَا : " وَأَنَا أَطْلُبُ لَكُمْ إِلَيَّ أَبِي حَتَّى يَمْنَحَكُمْ وَيُعْطِيَكُمُ الْفَارَقَلِيطَ حَتَّى يَكُونَ مَعَكُمْ إِلَى الْأَبَدِ ، وَالْفَارَقَلِيطُ هُوَ رُوحُ الْحَقِّ الْيَقِينِ " هَذَا لَفْظُ الْإِنْجِيلِ الْمَنْقُولِ إِلَى الْعَرَبِيِّ ، وَذَكَرَ فِي الْإِصْحَاحِ الْخَامِسَ عَشَرَ هَذَا اللَّفْظَ : " وَأَمَّا الْفَارَقَلِيطُ رُوحُ الْقُدُسِ يُرْسِلُهُ أَبِي بَاسِمِي ، وَيُعَلِّمُكُمْ وَيَمْنَحُكُمْ جَمِيعَ الْأَشْيَاءِ ، وَهُوَ يُذَكِّرُكُمْ مَا قَلْتُ لَكُمْ " ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَ ذَلِكَ بِقَلِيلٍ : "وَإِنِّي قَدْ خَبَّرْتُكُمْ بِهَذَا قَبْلَ أَنْ يَكُونَ حَتَّى إِذَا كَانَ ذَلِكَ تُؤْمِنُونَ " .
وَثَانِيهَا : ذَكَرَ فِي الْإِصْحَاحِ السَّادِسَ عَشَرَ هَكَذَا : " وَلَكِنْ أَقُولُ لَكُمُ الْآنَ حَقًّا يَقِينًا انْطِلَاقِي عَنْكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ ، فَإِنْ لَمْ أَنْطَلِقْ عَنْكُمْ إِلَى أَبِي لَمْ يَأْتِكُمُ الْفَارَقِلِيطُ ، وَإِنِ انْطَلَقْتُ أَرْسَلْتُهُ إِلَيْكُمْ ، فَإِذَا جَاءَ هُوَ يُفِيدُ أَهْلَ الْعَالَمِ ، وَيُدِينُهُمْ وَيَمْنَحُهُمْ وَيُوقِفُهُمْ عَلَى الْخَطِيئَةِ وَالْبِرِّ وَالدِّينِ " .
وَثَالِثُهَا : ذَكَرَ بَعْدَ ذَلِكَ بِقَلِيلٍ هَكَذَا : " فَإِنَّ لِي كَلَامًا كَثِيرًا أُرِيدُ أَنْ أَقُولَهُ لَكُمْ ، وَلَكِنْ لَا تَقْدِرُونَ عَلَى قَبُولِهِ وَالِاحْتِفَاظِ بِهِ ، وَلَكِنْ إِذَا جَاءَ رُوحُ الْحَقِّ إِلَيْكُمْ يُلْهِمُكُمْ وَيُؤَيِّدُكُمْ بِجَمِيعِ الْحَقِّ ، لِأَنَّهُ لَيْسَ يَتَكَلَّمُ بِدْعَةً مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ " هَذَا مَا فِي الْإِنْجِيلِ ، فَإِنْ قِيلَ : الْمُرَادُ بِفَارَقَلِيطَ إِذَا جَاءَ يُرْشِدُهُمْ إِلَى الْحَقِّ وَيُعَلِّمُهُمُ الشَّرِيعَةَ ، وَهُوَ
عِيسَى يَجِيءُ بَعْدَ الصَّلْبِ ؟ نَقُولُ : ذَكَرَ الْحَوَارِيُّونَ فِي آخِرِ الْإِنْجِيلِ أَنَّ
عِيسَى لَمَّا جَاءَ بَعْدَ الصَّلْبِ مَا ذَكَرَ شَيْئًا مِنَ الشَّرِيعَةِ ، وَمَا عَلَّمَهُمْ شَيْئًا مِنَ الْأَحْكَامِ ، وَمَا لَبِثَ عِنْدَهُمْ إِلَّا لَحْظَةً ، وَمَا تَكَلَّمَ إِلَّا قَلِيلًا ، مِثْلَ أَنَّهُ قَالَ : " أَنَا
الْمَسِيحُ فَلَا تَظُنُّونِي مَيِّتًا ، بَلْ أَنَا نَاجٍ عِنْدَ اللَّهِ نَاظِرٌ إِلَيْكُمْ ، وَإِنِّي مَا أُوحِي بَعْدَ ذَلِكَ إِلَيْكُمْ " فَهَذَا تَمَامُ الْكَلَامِ ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=6فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ ) قِيلَ : هُوَ
عِيسَى ، وَقِيلَ : هُوَ
مُحَمَّدٌ ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الَّذِي جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ جَاءَهُمْ بِالْمُعْجِزَاتِ وَالْبَيِّنَاتِ الَّتِي تُبَيِّنُ أَنَّ الَّذِي جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=6هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ ) أَيْ سَاحِرٌ مُبِينٌ . وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=7وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ ) أَيْ مَنْ أَقْبَحُ ظُلْمًا مِمَّنْ بَلَغَ افْتِرَاؤُهُ الْمَبْلَغَ الَّذِي
nindex.php?page=treesubj&link=18984_29706يَفْتَرِي عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَنَّهُمْ قَدْ عَلِمُوا أَنَّ مَا نَالُوهُ مِنْ نِعْمَةٍ وَكَرَامَةٍ فَإِنَّمَا نَالُوهُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ، ثُمَّ كَفَرُوا بِهِ وَكَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وَعَلَى رَسُولِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=7وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) أَيْ لَا يُوَفِّقُهُمُ اللَّهُ لِلطَّاعَةِ عُقُوبَةً لَهُمْ .
وَفِي الْآيَةِ بَحْثٌ : وَهُوَ أَنْ يُقَالَ : بِمَ انْتَصَبَ مُصَدِّقًا وَمُبَشِّرًا أَبِمَا فِي الرَّسُولِ مِنْ مَعْنَى الْإِرْسَالِ أَمْ إِلَيْكُمْ ؟ نَقُولُ : بَلْ بِمَعْنَى الْإِرْسَالِ لِأَنَّ إِلَيْكُمْ صِلَةٌ لِلرَّسُولِ .