(
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=20أمن هذا الذي هو جند لكم ينصركم من دون الرحمن إن الكافرون إلا في غرور nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=21أمن هذا الذي يرزقكم إن أمسك رزقه بل لجوا في عتو ونفور nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=22أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أمن يمشي سويا على صراط مستقيم )
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=20nindex.php?page=treesubj&link=29038_30554_29678_29677أمن هذا الذي هو جند لكم ينصركم من دون الرحمن إن الكافرون إلا في غرور ) .
اعلم أن الكافرين كانوا يمتنعون عن الإيمان ، ولا يلتفتون إلى دعوة الرسول عليه الصلاة والسلام ، وكان تعويلهم على شيئين :
أحدهما : القوة التي كانت حاصلة لهم بسبب مالهم وجندهم .
والثاني : أنهم كانوا يقولون : هذه الأوثان توصل إلينا جميع الخيرات ، وتدفع عنا كل الآفات .
وقد أبطل الله عليهم كل واحد من هذين الوجهين ، أما الأول فبقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=20أمن هذا الذي هو جند لكم ينصركم من دون الرحمن ) وهذا نسق
[ ص: 64 ] على قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=17أم أمنتم من في السماء ) ( الملك : 16 ) والمعنى أم من يشار إليه من المجموع ، ويقال : هذا الذي هو جند لكم ينصركم من دون الله إن أرسل عذابه عليكم ، ثم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=20إن الكافرون إلا في غرور ) أي من الشيطان يغرهم بأن العذاب لا ينزل بهم .
أما الثاني فهو قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=21nindex.php?page=treesubj&link=29038_32413أمن هذا الذي يرزقكم إن أمسك رزقه ) .
والمعنى : من الذي يرزقكم من آلهتكم إن أمسك الله الرزق عنكم ، وهذا أيضا مما لا ينكره ذو عقل ، وهذا أنه تعالى لو أمسك أسباب الرزق كالمطر والنبات وغيرهما لما وجد رازق سواه فعند وضوح هذا الأمر قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=21بل لجوا في عتو ونفور ) والمراد أصروا وتشددوا مع وضوح الحق ، في عتو أي في تمرد وتكبر ونفور ، أي تباعد عن الحق وإعراض عنه ، فالعتو بسبب حرصهم على الدنيا وهو إشارة إلى فساد القوة العملية ، والنفور بسبب جهلهم ، وهذا إشارة إلى فساد القوة النظرية .
واعلم أنه تعالى لما وصفهم بالعتو والنفور ، نبه على ما يدل على قبح هذين الوصفين ؛ فقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=22أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أمن يمشي سويا على صراط مستقيم ) وفيه مسائل :
المسألة الأولى : قال
الواحدي : أكب مطاوع كبه ، يقال : كببته فأكب ، ونظيره قشعت الريح السحاب فأقشع ، قال صاحب "الكشاف" : ليس الأمر كذلك ، وجاء شيء من بناء أفعل مطاوعا ؟ بل قولك : أكب معناه دخل في الكب وصار ذا كب ، وكذلك أقشع السحاب دخل في القشع ، وأنفض أي دخل في النفض ، وهو نفض الوعاء ، فصار عبارة عن الفقر ، وألام دخل في اللوم ، وأما مطاوع كب وقشع فهو انكب وانقشع .
المسألة الثانية : ذكروا في تفسير قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=22يمشي مكبا على وجهه ) وجوها :
أحدها : معناه أن الذي يمشي في مكان غير مستو ، بل فيه ارتفاع وانخفاض فيعثر كل ساعة ويخر على وجهه مكبا ، فحاله نقيض حال من يمشي سويا أي قائما سالما من العثور والخرور .
وثانيها : أن المتعسف الذي يمشي هكذا وهكذا على الجهالة والحيرة لا يكون كمن يمشي إلى جهة معلومة مع العلم واليقين .
وثالثها : أن الأعمى الذي لا يهتدي إلى الطريق فيتعسف ولا يزال ينكب على وجهه لا يكون كالرجل السوي الصحيح البصر الماشي في الطريق المعلوم ، ثم اختلفوا فمنهم من قال : هذا حكاية حال الكافر في الآخرة ، قال
قتادة : الكافر أكب على معاصي الله فحشره الله يوم القيامة على وجهه ، والمؤمن كان على الدين الواضح فحشره الله تعالى على الطريق السوي يوم القيامة ، وقال آخرون : بل هذا حكاية حال المؤمن والكافر والعالم والجاهل في الدنيا ، واختلفوا أيضا فمنهم من قال : هذا عام في حق جميع المؤمنين والكفار ، ومنهم من قال : بل المراد منه شخص معين ، فقال
مقاتل : المراد
أبو جهل والنبي عليه الصلاة والسلام ، وقال
عطاء عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : المراد
أبو جهل nindex.php?page=showalam&ids=135وحمزة بن عبد المطلب ، وقال
عكرمة : هو
أبو جهل nindex.php?page=showalam&ids=56وعمار بن ياسر .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=20أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=21أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=22أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ )
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=20nindex.php?page=treesubj&link=29038_30554_29678_29677أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ ) .
اعْلَمْ أَنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا يَمْتَنِعُونَ عَنِ الْإِيمَانِ ، وَلَا يَلْتَفِتُونَ إِلَى دَعْوَةِ الرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ، وَكَانَ تَعْوِيلُهُمْ عَلَى شَيْئَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : الْقُوَّةُ الَّتِي كَانَتْ حَاصِلَةً لَهُمْ بِسَبَبِ مَالِهِمْ وَجُنْدِهِمْ .
وَالثَّانِي : أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ : هَذِهِ الْأَوْثَانُ تُوصِلُ إِلَيْنَا جَمِيعَ الْخَيْرَاتِ ، وَتَدْفَعُ عَنَّا كُلَّ الْآفَاتِ .
وَقَدْ أَبْطَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ ، أَمَّا الْأَوَّلُ فَبِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=20أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ ) وَهَذَا نَسَقٌ
[ ص: 64 ] عَلَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=17أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ ) ( الْمُلْكِ : 16 ) وَالْمَعْنَى أَمْ مَنْ يُشَارُ إِلَيْهِ مِنَ الْمَجْمُوعِ ، وَيُقَالُ : هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرْسَلَ عَذَابَهُ عَلَيْكُمْ ، ثُمَّ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=20إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ ) أَيْ مِنَ الشَّيْطَانِ يَغُرُّهُمْ بِأَنَّ الْعَذَابَ لَا يَنْزِلُ بِهِمْ .
أَمَّا الثَّانِي فَهُوَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=21nindex.php?page=treesubj&link=29038_32413أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ ) .
وَالْمَعْنَى : مَنِ الَّذِي يَرْزُقُكُمْ مِنْ آلِهَتِكُمْ إِنْ أَمْسَكَ اللَّهُ الرِّزْقَ عَنْكُمْ ، وَهَذَا أَيْضًا مِمَّا لَا يُنْكِرُهُ ذُو عَقْلٍ ، وَهَذَا أَنَّهُ تَعَالَى لَوْ أَمْسَكَ أَسْبَابَ الرِّزْقِ كَالْمَطَرِ وَالنَّبَاتِ وَغَيْرِهِمَا لَمَا وُجِدَ رَازِقٌ سِوَاهُ فَعِنْدَ وُضُوحِ هَذَا الْأَمْرِ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=21بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ ) وَالْمُرَادُ أَصَرُّوا وَتَشَدَّدُوا مَعَ وُضُوحِ الْحَقِّ ، فِي عُتُوٍّ أَيْ فِي تَمَرُّدٍ وَتَكَبُّرٍ وَنُفُورٍ ، أَيْ تَبَاعُدٍ عَنِ الْحَقِّ وَإِعْرَاضٍ عَنْهُ ، فَالْعُتُوُّ بِسَبَبِ حِرْصِهِمْ عَلَى الدُّنْيَا وَهُوَ إِشَارَةٌ إِلَى فَسَادِ الْقُوَّةِ الْعَمَلِيَّةِ ، وَالنُّفُورُ بِسَبَبِ جَهْلِهِمْ ، وَهَذَا إِشَارَةٌ إِلَى فَسَادِ الْقُوَّةِ النَّظَرِيَّةِ .
وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا وَصَفَهُمْ بِالْعُتُوِّ وَالنُّفُورِ ، نَبَّهَ عَلَى مَا يَدُلُّ عَلَى قُبْحِ هَذَيْنِ الْوَصْفَيْنِ ؛ فَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=22أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) وَفِيهِ مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : قَالَ
الْوَاحِدِيُّ : أَكَبَّ مُطَاوِعُ كَبَّهُ ، يُقَالُ : كَبَبْتُهُ فَأَكَبَّ ، وَنَظِيرُهُ قَشَعَتِ الرِّيحُ السَّحَابَ فَأَقْشَعَ ، قَالَ صَاحِبُ "الْكَشَّافِ" : لَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ ، وَجَاءَ شَيْءٌ مِنْ بِنَاءِ أَفْعَلَ مُطَاوِعًا ؟ بَلْ قَوْلُكَ : أَكَبَّ مَعْنَاهُ دَخَلَ فِي الْكَبِّ وَصَارَ ذَا كَبٍّ ، وَكَذَلِكَ أَقْشَعَ السَّحَابُ دَخَلَ فِي الْقَشْعِ ، وَأَنْفَضَ أَيْ دَخَلَ فِي النَّفْضِ ، وَهُوَ نَفْضُ الْوِعَاءِ ، فَصَارَ عِبَارَةً عَنِ الْفَقْرِ ، وَأَلَامَ دَخَلَ فِي اللَّوْمِ ، وَأَمَّا مُطَاوِعُ كَبَّ وَقَشَعَ فَهُوَ انْكَبَّ وَانْقَشَعَ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : ذَكَرُوا فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=22يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ ) وُجُوهًا :
أَحَدُهَا : مَعْنَاهُ أَنَّ الَّذِي يَمْشِي فِي مَكَانٍ غَيْرِ مُسْتَوٍ ، بَلْ فِيهِ ارْتِفَاعٌ وَانْخِفَاضٌ فَيَعْثُرُ كُلَّ سَاعَةٍ وَيَخِرُّ عَلَى وَجْهِهِ مُكِبًّا ، فَحَالُهُ نَقِيضُ حَالِ مَنْ يَمْشِي سَوِيًّا أَيْ قَائِمًا سَالِمًا مِنَ الْعُثُورِ وَالْخُرُورِ .
وَثَانِيهَا : أَنَّ الْمُتَعَسِّفَ الَّذِي يَمْشِي هَكَذَا وَهَكَذَا عَلَى الْجَهَالَةِ وَالْحَيْرَةِ لَا يَكُونُ كَمَنْ يَمْشِي إِلَى جِهَةٍ مَعْلُومَةٍ مَعَ الْعِلْمِ وَالْيَقِينِ .
وَثَالِثُهَا : أَنَّ الْأَعْمَى الَّذِي لَا يَهْتَدِي إِلَى الطَّرِيقِ فَيَتَعَسَّفُ وَلَا يَزَالُ يَنْكَبُّ عَلَى وَجْهِهِ لَا يَكُونُ كَالرَّجُلِ السَّوِيِّ الصَّحِيحِ الْبَصَرِ الْمَاشِي فِي الطَّرِيقِ الْمَعْلُومِ ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : هَذَا حِكَايَةُ حَالِ الْكَافِرِ فِي الْآخِرَةِ ، قَالَ
قَتَادَةُ : الْكَافِرُ أَكَبَّ عَلَى مَعَاصِي اللَّهِ فَحَشَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وَجْهِهِ ، وَالْمُؤْمِنُ كَانَ عَلَى الدِّينِ الْوَاضِحِ فَحَشَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الطَّرِيقِ السَّوِيِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هَذَا حِكَايَةُ حَالِ الْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ وَالْعَالِمِ وَالْجَاهِلِ فِي الدُّنْيَا ، وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : هَذَا عَامٌّ فِي حَقِّ جَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْكُفَّارِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : بَلِ الْمُرَادُ مِنْهُ شَخْصٌ مُعَيَّنٌ ، فَقَالَ
مُقَاتِلٌ : الْمُرَادُ
أَبُو جَهْلٍ وَالنَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ، وَقَالَ
عَطَاءٌ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ : الْمُرَادُ
أَبُو جَهْلٍ nindex.php?page=showalam&ids=135وَحَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، وَقَالَ
عِكْرِمَةُ : هُوَ
أَبُو جَهْلٍ nindex.php?page=showalam&ids=56وَعَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ .