( إنا أعتدنا للكافرين سلاسل وأغلالا وسعيرا )
قوله تعالى : ( إنا أعتدنا للكافرين سلاسل وأغلالا وسعيرا ) .
اعلم أنه تعالى لما ذكر الفريقين أتبعهما بالوعيد والوعد ، وفيه مسائل :
المسألة الأولى : الاعتداد هو إعداد الشيء حتى يكون عتيدا حاضرا متى احتيج إليه ، كقوله تعالى : ( هذا ما لدي عتيد ) [ ق : 23] وأما السلاسل فتشد بها أرجلهم ، وأما الأغلال فتشد بها أيديهم إلى رقابهم ، وأما السعير فهو النار التي تسعر عليهم فتوقد فيكونون حطبا لها ، وهذا من أغلظ أنواع . الترهيب والتخويف
المسألة الثانية : احتج أصحابنا بهذه الآية على أن ، لأن قوله تعالى : ( الجحيم بسلاسلها وأغلالها مخلوقة أعتدنا ) إخبار عن الماضي ، قال القاضي : إنه لما توعد بذلك على التحقيق صار كأنه موجود ، قلنا : هذا الذي ذكرتم ترك للظاهر فلا يصار إليه إلا لضرورة .
المسألة الثالثة : قرئ " سلاسلا " بالتنوين ، وكذلك "قواريرا قواريرا" ومنهم من يصل بغير تنوين ، ويقف [ ص: 213 ] بالألف . فلمن نون وصرف وجهان :
أحدهما : أن الأخفش قال : قد سمعنا من العرب صرف جميع ما لا ينصرف ، قال : وهذا لغة الشعراء لأنهم اضطروا إليه في الشعر فصرفوه ، فجرت ألسنتهم على ذلك .
الثاني : أن هذه الجموع أشبهت الآحاد ، لأنهم قالوا صواحبات يوسف ، فلما جمعوه جمع الآحاد المنصرفة جعلوها في حكمها فصرفوها ، وأما من ترك الصرف فإنه جعله كقوله : ( لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد ) [ الحج : 40] وأما إلحاق الألف في الوقف فهو كإلحاقها في قوله : " الظنونا " فيشبه ذلك بالإطلاق في القوافي .