( إن جهنم كانت مرصادا )
فأولها قوله تعالى : ( إن جهنم كانت مرصادا ) وفيه مسائل :
المسألة الأولى : قرأ ابن يعمر : ( أن جهنم ) بفتح الهمزة على تعليل قيام الساعة بأن كأنه قيل : كان كذلك لإقامة الجزاء . جهنم كانت مرصادا للطاغين،
المسألة الثانية : كانت مرصادا، أي في علم الله تعالى ، وقيل : صارت ، وهذان القولان نقلهما القفال رحمه الله تعالى ، وفيه وجه ثالث ذكره القاضي، فإنا إذا فسرنا المرصاد بالمرتقب، أفاد ذلك أن جهنم كانت كالمنتظرة لقدومهم من قديم الزمان، وكالمستدعية والطالبة لهم .
المسألة الثالثة : في المرصاد قولان : أحدهما : أن المرصاد اسم للمكان الذي يرصد فيه، كالمضمار اسم للمكان الذي يضمر فيه الخيل، والمنهاج اسم للمكان الذي ينهج فيه، وعلى هذا الوجه فيه احتمالان، أحدهما : أن . والثاني : أن مجاز المؤمنين وممرهم كان على جهنم، لقوله : ( خزنة جهنم يرصدون الكفار وإن منكم إلا واردها ) [مريم : 71] ، فخزنة الجنة يستقبلون المؤمنين عند جهنم، ويرصدونهم عندها .
القول الثاني : أن المرصاد مفعال من الرصد، وهو الترقب، بمعنى أن ذلك يكثر منه، والمفعال من أبنية المبالغة كالمنظار والمعمار والمطعان، قيل : إنها ترصد أعداء الله وتشق عليهم، كما قال تعالى : ( تكاد تميز من الغيظ ) [الملك : 8] قيل : ترصد كل كافر ومنافق، والقائلون بالقول الأول استدلوا على صحة قولهم بقوله تعالى : ( إن ربك لبالمرصاد ) [الفجر : 14] ولو كان المرصاد نعتا لوجب أن يقال : إن ربك لمرصاد .
المسألة الرابعة : دلت الآية على أن لقوله تعالى : ( جهنم كانت مخلوقة إن جهنم كانت مرصادا ) أي معدة، وإذا كان كذلك كانت الجنة أيضا كذلك، لأنه لا قائل بالفرق .