( وأما من أوتي كتابه وراء ظهره فسوف يدعو ثبورا )
أما قوله : ( وأما من أوتي كتابه وراء ظهره ) فللمفسرين فيه وجوه :
أحدها : قال الكلبي : السبب فيه لأن يمينه مغلولة إلى عنقه ويده اليسرى خلف ظهره .
وثانيها : قال : تخلع يده اليسرى فتجعل من وراء ظهره . مجاهد
وثالثها : قال قوم : يتحول وجهه في قفاه ، فيقرأ كتابه كذلك .
ورابعها : أنه وأوتي من وراء ظهره بشماله . يؤتى كتابه بشماله من وراء ظهره لأنه إذا حاول أخذه بيمينه كالمؤمنين يمنع من ذلك
فإن قيل : أليس أنه قال في سورة الحاقة : ( وأما من أوتي كتابه بشماله ) [ الحاقة : 25 ] ولم يذكر الظهر .
والجواب : من وجهين :
أحدهما : يحتمل أن يؤتى بشماله وراء ظهره على ما حكيناه عن الكلبي .
وثانيها : أن يكون بعضهم يعطى بشماله ، وبعضهم من وراء ظهره .
أما قوله ( فسوف يدعو ثبورا )
فاعلم أن الثبور هو الهلاك ، والمعنى أنه لما أوتي كتابه من غير يمينه علم أنه من أهل النار فيقول : واثبوراه ، قال الفراء : العرب تقول فلان يدعو لهفه ، إذا قال : والهفاه ، وفيه وجه آخر ذكره القفال ، فقال : الثبور مشتق من المثابرة على شيء ، وهي المواظبة عليه فسمي هلاك الآخرة ثبورا لأنه لازم لا يزول ، كما قال : ( إن عذابها كان غراما ) [ الفرقان : 65 ] وأصل الغرام اللزوم والولوع .