السابع عشر : لما سألوا منه أن يعبد آلهتهم سنة ويعبدوا إلهه سنة ، فهو عليه السلام سكت ولم يقل شيئا ، لا لأنه جوز في قلبه أن يكون الذي قالوه حقا ، فإنه كان قاطعا بفساد ما قالوه لكنه عليه السلام ، توقف في أنه بماذا يجيبهم ؟ أبأن يقيم الدلائل العقلية على امتناع ذلك ؟ أو بأن يزجرهم بالسيف ؟ أو بأن ينزل الله عليهم عذابا ؟ فاغتنم الكفار ذلك السكوت وقالوا : إن
محمدا مال إلى ديننا ، فكأنه تعالى قال : يا
محمد إن توقفك عن الجواب في نفس الأمر حق ، ولكنه أوهم باطلا ، فتدارك إزالة ذلك الباطل ، وصرح بما هو الحق (
nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=1قل ياأيها الكافرون nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=2لا أعبد ما تعبدون ) .
الثامن عشر : أنه عليه السلام لما قال له ربه ليلة المعراج : أثن علي استولى عليه هيبة الحضرة الإلهية ، فقال : لا أحصي ثناء عليك ، فوقع ذلك السكوت منه في غاية الحسن فكأنه قيل له : إن سكت عن الثناء رعاية لهيبة الحضرة ، فأطلق لسانك في مذمة الأعداء و (
nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=1قل ياأيها الكافرون ) حتى يكون سكوتك لله وكلامك لله ، وفيه تقرير آخر وهو أن هيبة الحضرة سلبت عنك قدرة القول فقل ههنا حتى إن هيبة قولك تسلب قدرة القول عن هؤلاء الكفار .
التاسع عشر : لو قال له : لا تعبد ما يعبدون لم يلزم منه أن يقول بلسانه : (
nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=2لا أعبد ما تعبدون ) أما لما أمره بأن يقول بلسانه : (
nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=2لا أعبد ما تعبدون ) يلزمه أن لا يعبد ما يعبدون إذ لو فعل ذلك لصار كلامه كذبا ، فثبت أنه لما قال له قل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=2لا أعبد ما تعبدون ) فلزمه أن يكون منكرا لذلك بقلبه ولسانه وجوارحه . ولو قال له : لا تعبد ما يعبدون لزمه تركه ،
[ ص: 130 ] أما لا يلزمه إظهار إنكاره باللسان ، ومن المعلوم أن غاية الإنكار إنما تحصل إذا تركه في نفسه وأنكره بلسانه فقوله له : ( قل ) يقتضي المبالغة في الإنكار ، فلهذا قال : قل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=2لا أعبد ما تعبدون ) .
العشرون :
nindex.php?page=treesubj&link=29705_28662ذكر التوحيد ونفي الأنداد جنة للعارفين ونار للمشركين فاجعل لفظك جنة للموحدين ونارا للمشركين و (
nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=1قل ياأيها الكافرون nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=2لا أعبد ما تعبدون ) .
الحادي والعشرون : أن الكفار لما قالوا نعبد إلهك سنة وتعبد آلهتنا سنة سكت
محمد فقال : إن شافهتهم بالرد تأذوا ، وحصلت النفرة عن الإسلام في قلوبهم ، فكأنه تعالى قال له : يا
محمد لم سكت عن الرد ، أما الطمع فيما يعدونك من قبول دينك ، فلا حاجة بك في هذا المعنى إليهم : ف (
nindex.php?page=tafseer&surano=108&ayano=1إنا أعطيناك الكوثر ) وأما الخوف منهم فقد أزلنا عنك ، الخوف بقولنا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=108&ayano=3إن شانئك هو الأبتر ) فلا تلتفت إليهم ، ولا تبال بكلامهم ، و (
nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=1قل ياأيها الكافرون nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=2لا أعبد ما تعبدون ) .
الثاني والعشرون : أنسيت يا
محمد أني قدمت حقك على حق نفسي ؟ فقلت : (
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=1لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين ) [ البينة : 1 ] فقدمت أهل الكتاب في الكفر على المشركين ؛ لأن طعن أهل الكتاب فيك ، وطعن المشركين في ، فقدمت حقك على حق نفسي وقدمت أهل الكتاب في الذم على المشركين ، وأنت أيضا هكذا كنت تفعل فإنهم لما كسروا سنك قلت : "
اللهم اهد قومي " ولما شغلوك يوم الخندق عن الصلاة قلت : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013972اللهم املأ بطونهم نارا " فههنا أيضا قدم حقي على حق نفسك وسواء كنت خائفا منهم ، أو لست خائفا منهم فأظهر إنكار قولهم (
nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=1قل ياأيها الكافرون nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=2لا أعبد ما تعبدون ) .
الثالث والعشرون : كأنه تعالى يقول : قصة امرأة
زيد واقعة حقيرة بالنسبة إلى هذه الواقعة ، ثم إنني هناك ما رضيت منك أن تضمر في قلبك شيئا ولا تظهره بلسانك ، بل قلت لك على سبيل العتاب : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=37وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه ) [ الأحزاب : 37 ] فإذا كنت لم أرض منك في تلك الواقعة الحقيرة إلا بالإظهار ، وترك المبالاة بأقوال الناس فكيف أرضى منك في هذه المسألة ، وهي أعظم المسائل خطرا بالسكوت ؟ قل بصريح لسانك : (
nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=1ياأيها الكافرون nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=2لا أعبد ما تعبدون ) .
الرابع والعشرون : يا
محمد ألست قلت لك : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=51ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيرا ) [ الفرقان : 51 ] ثم إني في هذه القدرة راعيت جانبك وطيبت قلبك وناديت في العالمين بأني لا أجعل الرسالة مشتركة بينه وبين غيره ، بل الرسالة له لا لغيره حيث قلت : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=40ولكن رسول الله وخاتم النبيين ) [ الأحزاب : 40 ] فأنت مع علمك بأنه يستحيل عقلا أن يشاركني غيري في المعبودية أولى أن تنادي في العالمين بنفي هذه الشركة . فقل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=1ياأيها الكافرون nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=2لا أعبد ما تعبدون ) .
الخامس والعشرون : كأنه تعالى يقول : القوم جاءوك وأطمعوك في متابعتهم لك ومتابعتك لدينهم فسكت عن الإنكار والرد ، ألست أنا جعلت البيعة معك بيعة معي حيث قلت : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=10إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله ) [ الفتح : 10 ] وجعلت متابعتك متابعة لي حيث قلت : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=31قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ) [ آل عمران : 31 ] ثم إني ناديت في العالمين وقلت : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=3أن الله بريء من المشركين ورسوله ) [ التوبة : 3 ] فصرح أنت أيضا بذلك ، و (
nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=1قل ياأيها الكافرون nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=2لا أعبد ما تعبدون ) .
السادس والعشرون : كأنه تعالى يقول : ألست أرأف بك من الوالد بولده ، ثم العري والجوع مع الوالد أحسن من الشبع مع الأجانب ، كيف والجوع لهم لأن أصنامهم جائعة عن الحياة عارية عن الصفات وهم جائعون عن العلم عارون عن التقوى ، فقد جربتني ، ألم أجدك
[ ص: 131 ] يتيما وضالا وعائلا ؟ ألم نشرح لك صدرك ؟ ألم أعطك
nindex.php?page=showalam&ids=1بالصديق خزينة
nindex.php?page=showalam&ids=2وبالفاروق هيبة
وبعثمان معونة ،
وبعلي علما ؟ ألم أكف أصحاب الفيل حين حاولوا تخريب بلدتك ؟ ألم أكف أسلافك رحلة الشتاء والصيف ؟ ألم أعطك الكوثر ؟ ألم أضمن أن خصمك أبتر ؟ ألم يقل جدك في هذه الأصنام بعد تخريبها : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=42لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا ) [ مريم : 42 ] فصرح بالبراءة عنها و (
nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=1قل ياأيها الكافرون nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=2لا أعبد ما تعبدون ) .
السَّابِعَ عَشَرَ : لَمَّا سَأَلُوا مِنْهُ أَنْ يَعْبُدَ آلِهَتَهُمْ سَنَةً وَيَعْبُدُوا إِلَهَهُ سَنَةً ، فَهُوَ عَلَيْهِ السَّلَامُ سَكَتَ وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا ، لَا لِأَنَّهُ جَوَّزَ فِي قَلْبِهِ أَنْ يَكُونَ الَّذِي قَالُوهُ حَقًّا ، فَإِنَّهُ كَانَ قَاطِعًا بِفَسَادِ مَا قَالُوهُ لَكِنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، تَوَقَّفَ فِي أَنَّهُ بِمَاذَا يُجِيبُهُمْ ؟ أَبِأَنْ يُقِيمَ الدَّلَائِلَ الْعَقْلِيَّةَ عَلَى امْتِنَاعِ ذَلِكَ ؟ أَوْ بِأَنْ يَزْجُرَهُمْ بِالسَّيْفِ ؟ أَوْ بِأَنْ يُنْزِلَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَذَابًا ؟ فَاغْتَنَمَ الْكُفَّارُ ذَلِكَ السُّكُوتَ وَقَالُوا : إِنَّ
مُحَمَّدًا مَالَ إِلَى دِينِنَا ، فَكَأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ : يَا
مُحَمَّدُ إِنَّ تَوَقُّفَكَ عَنِ الْجَوَابِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ حَقٌّ ، وَلَكِنَّهُ أَوْهَمَ بَاطِلًا ، فَتَدَارَكْ إِزَالَةَ ذَلِكَ الْبَاطِلِ ، وَصَرِّحْ بِمَا هُوَ الْحَقُّ (
nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=1قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=2لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ ) .
الثَّامِنَ عَشَرَ : أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا قَالَ لَهُ رَبُّهُ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ : أَثْنِ عَلَيَّ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ هَيْبَةُ الْحَضْرَةِ الْإِلَهِيَّةِ ، فَقَالَ : لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ ، فَوَقَعَ ذَلِكَ السُّكُوتُ مِنْهُ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ فَكَأَنَّهُ قِيلَ لَهُ : إِنْ سَكَتَّ عَنِ الثَّنَاءِ رِعَايَةً لِهَيْبَةِ الْحَضْرَةِ ، فَأَطْلِقْ لِسَانَكَ فِي مَذَمَّةِ الْأَعْدَاءِ وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=1قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ ) حَتَّى يَكُونَ سُكُوتُكَ لِلَّهِ وَكَلَامُكَ لِلَّهِ ، وَفِيهِ تَقْرِيرٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ هَيْبَةَ الْحَضْرَةِ سَلَبَتْ عَنْكَ قُدْرَةَ الْقَوْلِ فَقُلْ هَهُنَا حَتَّى إِنَّ هَيْبَةَ قَوْلِكَ تَسْلُبُ قُدْرَةَ الْقَوْلِ عَنْ هَؤُلَاءِ الْكُفَّارِ .
التَّاسِعَ عَشَرَ : لَوْ قَالَ لَهُ : لَا تَعْبُدْ مَا يَعْبُدُونَ لَمْ يَلْزَمْ مِنْهُ أَنْ يَقُولَ بِلِسَانِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=2لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ ) أَمَّا لَمَّا أَمَرَهُ بِأَنْ يَقُولَ بِلِسَانِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=2لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ ) يَلْزَمُهُ أَنْ لَا يَعْبُدَ مَا يَعْبُدُونَ إِذْ لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ لَصَارَ كَلَامُهُ كَذِبًا ، فَثَبَتَ أَنَّهُ لَمَّا قَالَ لَهُ قُلْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=2لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ ) فَلَزِمَهُ أَنْ يَكُونَ مُنْكِرًا لِذَلِكَ بِقَلْبِهِ وَلِسَانِهِ وَجَوَارِحِهِ . وَلَوْ قَالَ لَهُ : لَا تَعْبُدْ مَا يَعْبُدُونَ لَزِمَهُ تَرْكُهُ ،
[ ص: 130 ] أَمَّا لَا يَلْزَمُهُ إِظْهَارُ إِنْكَارِهِ بِاللِّسَانِ ، وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ غَايَةَ الْإِنْكَارِ إِنَّمَا تَحْصُلُ إِذَا تَرَكَهُ فِي نَفْسِهِ وَأَنْكَرَهُ بِلِسَانِهِ فَقَوْلُهُ لَهُ : ( قُلْ ) يَقْتَضِي الْمُبَالَغَةَ فِي الْإِنْكَارِ ، فَلِهَذَا قَالَ : قُلْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=2لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ ) .
الْعِشْرُونَ :
nindex.php?page=treesubj&link=29705_28662ذِكْرُ التَّوْحِيدِ وَنَفْيُ الْأَنْدَادِ جَنَّةٌ لِلْعَارِفِينَ وَنَارٌ لِلْمُشْرِكِينَ فَاجْعَلْ لَفْظَكَ جَنَّةً لِلْمُوَحِّدِينَ وَنَارًا لِلْمُشْرِكِينَ وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=1قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=2لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ ) .
الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ : أَنَّ الْكُفَّارَ لَمَّا قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ سَنَةً وَتَعْبُدُ آلِهَتَنَا سَنَةً سَكَتَ
مُحَمَّدٌ فَقَالَ : إِنْ شَافَهْتُهُمْ بِالرَّدِّ تَأَذَّوْا ، وَحَصَلَتِ النَّفْرَةُ عَنِ الْإِسْلَامِ فِي قُلُوبِهِمْ ، فَكَأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ لَهُ : يَا
مُحَمَّدُ لِمَ سَكَتَّ عَنِ الرَّدِّ ، أَمَّا الطَّمَعُ فِيمَا يَعِدُونَكَ مِنْ قَبُولِ دِينِكَ ، فَلَا حَاجَةَ بِكَ فِي هَذَا الْمَعْنَى إِلَيْهِمْ : فَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=108&ayano=1إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ) وَأَمَّا الْخَوْفُ مِنْهُمْ فَقَدْ أَزَلْنَا عَنْكَ ، الْخَوْفَ بِقَوْلِنَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=108&ayano=3إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ) فَلَا تَلْتَفِتْ إِلَيْهِمْ ، وَلَا تُبَالِ بِكَلَامِهِمْ ، وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=1قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=2لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ ) .
الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ : أَنَسِيتَ يَا
مُحَمَّدُ أَنِّي قَدَّمْتُ حَقَّكَ عَلَى حَقِّ نَفْسِي ؟ فَقُلْتُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=1لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ ) [ الْبَيِّنَةِ : 1 ] فَقَدَّمْتُ أَهْلَ الْكِتَابِ فِي الْكُفْرِ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ؛ لِأَنَّ طَعْنَ أَهْلِ الْكِتَابِ فِيكَ ، وَطَعْنَ الْمُشْرِكِينَ فِيَّ ، فَقَدَّمْتُ حَقَّكَ عَلَى حَقِّ نَفْسِي وَقَدَّمْتُ أَهْلَ الْكِتَابِ فِي الذَّمِّ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ، وَأَنْتَ أَيْضًا هَكَذَا كُنْتَ تَفْعَلُ فَإِنَّهُمْ لَمَّا كَسَرُوا سِنَّكَ قُلْتَ : "
اللَّهُمَّ اهْدِ قَوْمِي " وَلَمَّا شَغَلُوكَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ عَنِ الصَّلَاةِ قُلْتَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013972اللَّهُمَّ امْلَأْ بُطُونَهُمْ نَارًا " فَهَهُنَا أَيْضًا قَدِّمْ حَقِّي عَلَى حَقِّ نَفْسِكَ وَسَوَاءٌ كُنْتَ خَائِفًا مِنْهُمْ ، أَوْ لَسْتَ خَائِفًا مِنْهُمْ فَأَظْهِرْ إِنْكَارَ قَوْلِهِمْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=1قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=2لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ ) .
الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ : كَأَنَّهُ تَعَالَى يَقُولُ : قِصَّةُ امْرَأَةِ
زَيْدٍ وَاقِعَةٌ حَقِيرَةٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى هَذِهِ الْوَاقِعَةِ ، ثُمَّ إِنَّنِي هُنَاكَ مَا رَضِيتُ مِنْكَ أَنْ تُضْمِرَ فِي قَلْبِكَ شَيْئًا وَلَا تُظْهِرَهُ بِلِسَانِكَ ، بَلْ قُلْتُ لَكَ عَلَى سَبِيلِ الْعِتَابِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=37وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ ) [ الْأَحْزَابِ : 37 ] فَإِذَا كُنْتُ لَمْ أَرْضَ مِنْكَ فِي تِلْكَ الْوَاقِعَةِ الْحَقِيرَةِ إِلَّا بِالْإِظْهَارِ ، وَتَرْكِ الْمُبَالَاةِ بِأَقْوَالِ النَّاسِ فَكَيْفَ أَرْضَى مِنْكَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ، وَهِيَ أَعْظَمُ الْمَسَائِلِ خَطَرًا بِالسُّكُوتِ ؟ قُلْ بِصَرِيحِ لِسَانِكَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=1يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=2لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ ) .
الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ : يَا
مُحَمَّدُ أَلَسْتُ قُلْتُ لَكَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=51وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا ) [ الْفُرْقَانِ : 51 ] ثُمَّ إِنِّي فِي هَذِهِ الْقُدْرَةِ رَاعَيْتُ جَانِبَكَ وَطَيَّبْتُ قَلْبَكَ وَنَادَيْتُ فِي الْعَالَمِينَ بِأَنِّي لَا أَجْعَلُ الرِّسَالَةَ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ ، بَلِ الرِّسَالَةُ لَهُ لَا لِغَيْرِهِ حَيْثُ قُلْتُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=40وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ) [ الْأَحْزَابِ : 40 ] فَأَنْتَ مَعَ عِلْمِكَ بِأَنَّهُ يَسْتَحِيلُ عَقْلًا أَنْ يُشَارِكَنِي غَيْرِي فِي الْمَعْبُودِيَّةِ أَوْلَى أَنْ تُنَادِيَ فِي الْعَالَمِينَ بِنَفْيِ هَذِهِ الشَّرِكَةِ . فَقُلْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=1يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=2لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ ) .
الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ : كَأَنَّهُ تَعَالَى يَقُولُ : الْقَوْمُ جَاءُوكَ وَأَطْمَعُوكَ فِي مُتَابَعَتِهِمْ لَكَ وَمُتَابَعَتِكَ لِدِينِهِمْ فَسَكَتَّ عَنِ الْإِنْكَارِ وَالرَّدِّ ، أَلَسْتُ أَنَا جَعَلْتُ الْبَيْعَةَ مَعَكَ بَيْعَةً مَعِي حَيْثُ قُلْتُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=10إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ ) [ الْفَتْحِ : 10 ] وَجَعَلْتُ مُتَابَعَتَكَ مُتَابَعَةً لِي حَيْثُ قُلْتُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=31قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ) [ آلِ عِمْرَانَ : 31 ] ثُمَّ إِنِّي نَادَيْتُ فِي الْعَالَمِينَ وَقُلْتُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=3أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ ) [ التَّوْبَةِ : 3 ] فَصَرِّحْ أَنْتَ أَيْضًا بِذَلِكَ ، وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=1قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=2لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ ) .
السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ : كَأَنَّهُ تَعَالَى يَقُولُ : أَلَسْتُ أَرْأَفُ بِكَ مِنَ الْوَالِدِ بِوَلَدِهِ ، ثُمَّ الْعُرْيُ وَالْجُوعُ مَعَ الْوَالِدِ أَحْسَنُ مِنَ الشِّبَعِ مَعَ الْأَجَانِبِ ، كَيْفَ وَالْجُوعُ لَهُمْ لِأَنَّ أَصْنَامَهُمْ جَائِعَةٌ عَنِ الْحَيَاةِ عَارِيَةٌ عَنِ الصِّفَاتِ وَهُمْ جَائِعُونَ عَنِ الْعِلْمِ عَارُونَ عَنِ التَّقْوَى ، فَقَدْ جَرَّبْتَنِي ، أَلَمْ أَجِدْكَ
[ ص: 131 ] يَتِيمًا وَضَالًّا وَعَائِلًا ؟ أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ؟ أَلَمْ أُعْطِكَ
nindex.php?page=showalam&ids=1بِالصِّدِّيقِ خَزِينَةً
nindex.php?page=showalam&ids=2وَبِالْفَارُوقِ هَيْبَةً
وَبِعُثْمَانَ مَعُونَةً ،
وَبِعَلِيٍّ عِلْمًا ؟ أَلَمْ أَكْفِ أَصْحَابَ الْفِيلِ حِينَ حَاوَلُوا تَخْرِيبَ بَلْدَتِكَ ؟ أَلَمْ أَكْفِ أَسْلَافَكَ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ ؟ أَلَمْ أُعْطِكَ الْكَوْثَرَ ؟ أَلَمْ أَضْمَنْ أَنَّ خَصْمَكَ أَبْتَرُ ؟ أَلَمْ يَقُلْ جَدُّكَ فِي هَذِهِ الْأَصْنَامِ بَعْدَ تَخْرِيبِهَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=42لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا ) [ مَرْيَمَ : 42 ] فَصَرِّحْ بِالْبَرَاءَةِ عَنْهَا وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=1قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=2لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ ) .