وقال عروة بن ربيعة : يجوز استقبالها واستدبارها لما روى وداود قال : { جابر } قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستقبل القبلة ببول ، فرأيته قبل أن يقبض بعام يستقبلها الترمذي : هذا حديث حسن غريب . وهذا دليل على النسخ ، فيجب تقديمه . ولنا أحاديث النهي ، وهي صحيحة .
وحديث يحتمل أنه رآه في البنيان ، أو مستترا بشيء ولا يثبت النسخ بالاحتمال ويتعين حمله على ما ذكرنا ، ليكون موافقا للأحاديث التي نذكرها ، فأما في البنيان ، أو إذا كان بينه وبين القبلة شيء يستره ففيه روايتان إحداهما لا يجوز أيضا . وهو قول جابر الثوري لعموم الأحاديث في النهي . وأبي حنيفة
والثانية يجوز استقبالها واستدبارها في البنيان ، روي ذلك عن العباس رضي الله عنهما وبه قال وابن عمر : مالك والشافعي وهو الصحيح ; لحديث وابن المنذر وقد حملناه على أنه كان في البنيان ، وروت جابر { عائشة } رواه أصحاب السنن وأكثر أصحاب المسانيد ، منهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر له أن قوما يكرهون استقبال القبلة بفروجهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قد فعلوها استقبلوا بمقعدتي القبلة ، رواه عن أبو داود الطيالسي خالد بن الصلت ، عن ، عن عراك بن مالك . قال عائشة أبو عبد الله : أحسن ما روي في الرخصة حديث ، وإن كان مرسلا فإن مخرجه حسن . قال عائشة : أحمد لم يسمع من عراك . فلذلك سماه مرسلا . عائشة
وهذا كله في البنيان ، وهو خاص يقدم على العام . وعن مروان بن الأصفر قال : رأيت أناخ راحلته مستقبل القبلة ، ثم جلس يبول إليها . فقلت : يا ابن عمر ، أليس قد نهي عن هذا ؟ قال : بلى إنما نهي عن هذا في الفضاء ، فإذا كان بينك وبين القبلة شيء يسترك فلا بأس . رواه أبا عبد الرحمن أبو داود .
وهذا تفسير لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم العام وفيه جمع بين الأحاديث ، فيتعين المصير إليه . وعن : أنه يجوز استدبار أحمد الكعبة في البنيان والفضاء جميعا ; لما روى قال : { ابن عمر حفصة ، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم على حاجته ، مستقبل الشام مستدبر الكعبة } . متفق عليه . رقيت يوما على بيت
( 225 ) فصل : ; لما فيهما من نور الله تعالى . فإن استتر عنهما بشيء فلا بأس ; لأنه لو استتر عن القبلة جاز فهاهنا أولى . ويكره أن يستقبل الشمس والقمر بفرجه
لئلا ترد عليه رشاش البول ، فينجسه . ويكره أن يستقبل الريح ;
( 226 ) فصل : ويستحب أن يستتر عن الناس ، فإن وجد حائطا أو كثيبا أو شجرة أو بعيرا استتر به وإن لم يجد شيئا أبعد حتى لا يراه أحد ; لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { } وروي عنه عليه السلام { من أتى الغائط فليستتر ، فإن لم يجد إلا [ ص: 108 ] أن يجمع كثيبا من الرمل فليستدبره } . أنه خرج ومعه درقة ، ثم استتر بها ، ثم بال
وعن قال { جابر } والبراز : الموضع البارز ، سمي قضاء الحاجة به ; لأنها تقضى فيه . وعن : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد البراز انطلق حتى لا يراه أحد . ، قال { المغيرة بن شعبة } ، روى أحاديث هذا الفصل كلها : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذهب أبعد أبو داود . وقال وابن ماجه { عبد الله بن جعفر } رواه : كان أحب ما استتر به النبي صلى الله عليه وسلم إليه لحاجته هدف أو حائش نخل . ابن ماجه
( 227 ) فصل : ; لئلا يترشش عليه ، { ويستحب أن يرتاد لبوله موضعا رخوا أبو موسى كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم ، فأراد أن يتبول ، فأتى دمثا في أصل حائط ، فبال ثم قال إذا أراد أحدكم أن يتبول فليرتد لبوله } رواه الإمام قال ويستحب أن يبول قاعدا ; لئلا يترشش عليه ، قال أحمد من الجفاء أن تبول وأنت قائم . وكان ابن مسعود لا يجيز سعد بن إبراهيم ، { شهادة من بال قائما : من حدثكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبول قائما فلا تصدقوه ، ما كان يبول إلا قاعدا . عائشة } قال قالت الترمذي : هذا أصح شيء في الباب
وقد رويت الرخصة فيه عن عمر ، وعلي وابن عمر وزيد بن ثابت وسهل بن سعد وأنس وأبي هريرة . وروى وعروة أن النبي صلى الله عليه وسلم { حذيفة } رواه أتى سباطة قوم ، فبال قائما . ، وغيره . ولعل النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك لتبيين الجواز ، ولم يفعله إلا مرة واحدة ، ويحتمل أنه كان في موضع لا يتمكن من الجلوس فيه . البخاري
وقيل : فعل ذلك لعلة كانت بمأبضه . والمأبض ما تحت الركبة من كل حيوان .
( 228 ) فصل : ويستحب أن ; لما روى لا يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض أبو داود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه { } ; ولأن ذلك أستر له فيكون أولى . كان إذا أراد الحاجة لا يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض
( 229 ) فصل : ; لما روى ولا يجوز أن يبول في طريق الناس ، ولا مورد ماء ، ولا ظل ينتفع به الناس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { معاذ } رواه اتقوا الملاعن الثلاثة - البراز في الموارد ، وقارعة الطريق ، والظل أبو داود ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اتقوا اللعانين . قالوا : وما اللعانان يا رسول الله ؟ قال الذي يتخلى في طريق الناس أو في ظلهم " أخرجه مسلم
والمورد طريق . ولا يبول تحت شجرة مثمرة ، في حال كون الثمرة عليها لئلا تسقط عليه الثمرة فتتنجس به . فأما في غير حال الثمرة فلا بأس ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان أحب ما استتر به إليه لحاجته هدف أو حائش نخل . ولا يبول في الماء الدائم ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم { } . متفق عليه نهى عن البول في الماء الراكد
; ولأن الماء إن كان قليلا تنجس به وإن كان كثيرا ، فربما تغير بتكرار البول فيه ، فأما الجاري فلا يجوز التغوط فيه ; لأنه يؤذي من يمر به ، وإن بال فيه وهو كثير لا يؤثر فيه البول ، فلا بأس ; لأن تخصيص النبي صلى الله عليه وسلم الراكد بالنهي عن البول فيه دليل على أن الجاري بخلافه ، ; لأن هذا أبلغ من الاستجمار به فالنهي ثم تنبيه على تحريم البول عليه . ولا يبول على ما نهي عن الاستجمار به
; لما روى ويكره على أن يبول في شق أو ثقب { عبد الله بن سرجس } رواه [ ص: 109 ] ، أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يبال في الجحر أبو داود ; لأن عبد الله بن المغفل قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { } ولأنه لا يأمن أن يكون فيه حيوان يلسعه أو يكون مسكنا للجن فيتأذى بهم ، فقد حكي أن لا يبولن أحدكم في مستحمه بال في جحر سعد بن عبادة بالشام ثم استلقى ميتا فسمعت الجن تقول :
نحن قتلنا سيد الخزرج ورميناه بسهمين سعد بن عبادة
فلم نخطئ فؤاده
رواه أبو داود وقال : سمعت ، وابن ماجه علي بن محمد الطنافسي يقول : إنما هذا في الحفيرة ; فأما اليوم فمغتسلاتهم الجص والصاروج والقير فإذا بال وأرسل عليه الماء فلا بأس به . وقد قيل : إن البصاق على البول يورث الوسواس ، وإن البول على النار يورث السقم ، وتوقي ذلك كله أولى .
لئلا يتنجس به . ويكره أن يتوضأ على موضع بوله ، أو يستنجي عليه
( 230 ) فصل : ، لما روى ويعتمد في حال جلوسه على رجله اليسرى سراقة بن مالك قال : { } رواه أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتوكأ على اليسرى وأن ننصب اليمنى في المعجم ; ولأنه أسهل لخروج الخارج ، ولا يطيل المقام أكثر من قدر الحاجة ; لأن ذلك يضره ، وقد قيل : إنه يورث الباسور وقيل : إنه يدمي الكبد ، وربما آذى من ينتظره . الطبراني ; لأن ذلك يروى عن ، ويستحب أن يغطي رأسه رضي الله عنه ; ولأنه حال كشف العورة فيستحيي فيها . ويلبس حذاءه ; لئلا تتنجس رجلاه . أبي بكر الصديق إلا بقلبه وكره ذلك ولا يذكر الله تعالى على حاجته ابن عباس وعطاء وعكرمة ، وقال ابن سيرين لا بأس به ; لأن الله تعالى ذكره محمود على كل حال . ولنا : أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرد السلام في هذه الحال ، فذكر الله أولى . فإذا عطس حمد الله بقلبه ولم يتكلم . وقال والنخعي : فيه رواية أخرى ، إنه يحمد الله بلسانه . والأول أولى ; لما ذكرناه ، فإنه إذا لم يرد السلام الواجب ، فما ليس بواجب أولى . ولا يسلم ولا يرد على مسلم ; لما ابن عقيل
روى { ابن عمر } قال أن رجلا مر على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول ، فسلم فلم يرد عليه السلام الترمذي : هذا حديث حسن صحيح . وعن ، { جابر } . رواه أن رجلا مر على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول ، فسلم عليه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأيتني على مثل هذه الحالة فلا تسلم علي ; فإنك إن فعلت ذلك لم أرد عليك . ابن ماجه
ولا يتكلم ; لما روى قال ، سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : { أبو سعيد } رواه لا يخرج الرجلان يضربان الغائط كاشفين عن عورتيهما يتحدثان ، فإن الله يمقت على ذلك أبو داود .
( 231 ) فصل : إذا استحب وضعه . وقال أراد دخول الخلاء ومعه شيء فيه ذكر الله تعالى : { أنس بن مالك } رواه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء وضع خاتمه . ابن ماجه وأبو داود وقال : هذا حديث منكر وقيل : إنما كان النبي صلى الله عليه وسلم يضعه ; لأن فيه " محمد رسول الله " ثلاثة أسطر ، فإن احتفظ بما معه مما فيه ذكر الله تعالى ، واحترز عليه من السقوط ، أو أدار فص الخاتم إلى باطن كفه فلا بأس .
قال . الخاتم إذا كان فيه اسم الله يجعله في باطن كفه ، ويدخل الخلاء . وقال أحمد عكرمة : اقلبه هكذا في باطن كفك فاقبض عليه وبه قال [ ص: 110 ] إسحاق ، ورخص فيه ابن المسيب والحسن وقال وابن سيرين في الرجل يدخل الخلاء ومعه الدراهم : أرجو أن لا يكون به بأس . أحمد
( 232 ) فصل : ويقدم رجله اليسرى في الدخول ، واليمنى في الخروج بسم الله أعوذ بالله من الخبث والخبائث ، ومن الرجس النجس الشيطان الرجيم . قال ويقول عند دخوله يقول إذا دخل الخلاء : أعوذ بالله من الخبث والخبائث ، وما دخلت قط المتوضأ ولم أقلها إلا أصابني ما أكره ، وعن أحمد { أنس } متفق عليه ، وعن أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل الخلاء قال اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { علي } وعن ستر ما بين الجن وعورات بني آدم إذا دخل الكنيف أن يقول : بسم الله قال : قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { علي } . رواهما لا يعجز أحدكم إذا دخل مرفقه أن يقول : اللهم إني أعوذ بك من الرجس النجس الخبيث المخبث الشيطان الرجيم . ابن ماجه
قال الخبث بسكون الباء الشر والخبائث الشياطين . وقيل الخبث ، بضم الباء والخبائث : ذكران الشياطين وإناثهم فإذا خرج من الخلاء قال غفرانك الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني . وروى أبو عبيد { أنس إذا خرج من الخلاء قال غفرانك الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني } أخرجه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان . وقالت ابن ماجه { عائشة } قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج من الخلاء قال غفرانك الترمذي هذا حديث حسن .
( 233 ) فصل : قالت ولا بأس أن يبول في الإناء أميمة بنت رقيقة { } . رواه : كان للنبي صلى الله عليه وسلم قدح من عيدان يبول فيه ، ويضعه تحت السرير أبو داود والنسائي ، وابن ماجه .