( 341 ) فصل : وإن ، لزمه قبوله ; لأنه قدر على استعماله ، ولا منة في ذلك في العادة . وإن لم يجده إلا بثمن لا يقدر عليه ، فبذل له الثمن ، لم يلزمه قبوله ; لأن المنة تلحق به . وإن وجده يباع بثمن مثله في موضعه ، أو زيادة يسيرة ، يقدر على ذلك ، مع استغنائه عنه ، لقوته ومؤنة سفره ، لزمه شراؤه . وإن كانت الزيادة كثيرة تجحف بماله ، لم يلزمه شراؤه ; لأن عليه ضررا . وإن كانت كثيرة ، لا تجحف بماله ، فقد توقف بذل له ماء لطهارته فيمن أحمد . فيحتمل إذن وجهين : أحدهما يلزمه شراؤه ; لأنه واجد للماء ، قادر عليه ، فيلزمه استعماله بدلالة قوله تعالى : { بذل له ماء بدينار ، ومعه مائة فلم تجدوا ماء فتيمموا } .
والثاني لا يلزمه شراؤه ; لأن عليه ضررا في الزيادة الكثيرة ، فلم يلزمه بذلها ، كما لو خاف لصا يأخذ من ماله ذلك المقدار . وقال : لا يلزمه شراؤه بزيادة يسيرة ولا كثيرة لذلك . ولنا قول الله تعالى : { الشافعي فلم تجدوا ماء فتيمموا } . وهذا واجد ، فإن القدرة على ثمن العين كالقدرة على العين ، في المنع من الانتقال إلى البدل ، بدليل ما لو بيعت بثمن مثلها ، وكالرقبة في كفارة الظهار ; ولأن ضرر المال دون ضرر النفس ، وقد قالوا في المريض : يلزمه الغسل ما لم يخف التلف . فتحمل الضرر اليسير في المال أحرى . فإن لم يكن معه ثمنه ، فبذل له بثمن في الذمة يقدر على أدائه في بلده ، فقال : يلزمه شراؤه ; لأنه قادر على أخذه بما لا مضرة فيه . وقال القاضي أبو الحسن الآمدي : لا يلزمه شراؤه ; لأن عليه ضررا في بقاء الدين في ذمته ، وربما يتلف ماله قبل أدائه .
وإن لم يكن في بلده ما يؤدي ثمنه ، لم يلزمه شراؤه ; لأن عليه ضررا . وإن لم يبذله له ، وكان فاضلا عن حاجته ، لم يجز له مكاثرته عليه ; لأن الضرورة لا تدعو إليه ; لأن هذا له بدل ، وهو التيمم ، بخلاف الطعام في المجاعة .