( 359 ) مسألة : قال : ( وينوي به المكتوبة ) لا نعلم خلافا في أن ، غير ما حكي عن التيمم لا يصح إلا بنية الأوزاعي ، أنه يصح بغير نية . وسائر أهل العلم على إيجاب النية فيه . وممن قال ذلك : والحسن بن صالح ، ربيعة ، ومالك ، والليث ، والشافعي ، وأبو عبيد ، وأبو ثور ، وأصحاب الرأي ; وذلك لما ذكرنا في الوضوء ، وينوي استباحة الصلاة . فإن نوى رفع الحدث لم يصح ; لأنه لا يرفع الحدث . قال وابن المنذر : أجمع العلماء على أن طهارة التيمم لا ترفع الحدث إذا وجد الماء ، بل متى وجده أعاد الطهارة ، جنبا كان أو محدثا . وهذا مذهب ابن عبد البر ، مالك ، وغيرهما ، وحكي عن والشافعي أنه يرفع الحدث ; لأنه طهارة عن حدث يبيح الصلاة ، فيرفع الحدث ، كطهارة الماء . أبي حنيفة
ولنا أنه لو وجد الماء لزمه استعماله لرفع الحدث الذي كان قبل التيمم ، إن كان جنبا ، أو محدثا ، أو امرأة حائضا ، ولو رفع الحدث لاستوى الجميع ; لاستوائهم في الوجدان ; ولأنها طهارة ضرورة ، فلم ترفع الحدث كطهارة المستحاضة ، وبهذا فارق الماء . إذا ثبت هذا ، فإنه إن نوى بتيممه فريضة ، فله أن يصلي ما شاء من الفرض والنفل ، سواء نوى فريضة معينة أو مطلقة . فإن نوى نفلا أو صلاة مطلقة ، لم يجز أن يصلي به إلا نافلة . وبهذا قال ، وقال الشافعي : له أن يصلي ما شاء ; لأنها طهارة يصح بها النفل ، فصح بها الفرض ، كطهارة الماء . ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم : { أبو حنيفة } . وهذا لم ينوي الفرض ، فلا يكون له ، وفارق طهارة الماء ; لأنها ترفع الحدث المانع من فعل الصلاة ، فيباح له جميع ما يمنعه الحدث . إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى
ولا يلزم استباحة النفل بنية الفرض ; لأن الفرض أعلى ما في الباب ، فنيته تضمنت نية ما دونه ، وإذا استباحه استباح ما دونه تبعا .