( 375 ) مسألة : قال : ( وإذا تيمم صلى الصلاة التي حضر وقتها ، وصلى به فوائت إن كانت عليه ، والتطوع إلى أن يدخل وقت صلاة أخرى ) المذهب أن التيمم يبطل بخروج الوقت ودخوله ، ولعل إنما علق بطلانه ، بدخول وقت صلاة أخرى تجوزا منه ، إذا كان خروج وقت الصلاة ملازما لدخول وقت الأخرى ، إلا في موضع واحد ، وهو وقت الفجر ، فإنه يخرج منفكا عن دخول وقت الظهر ، ويبطل التيمم بكل واحد منهما فلا يجوز أن يصلي به صلاتين في وقتين ، روي ذلك عن الخرقي ، علي ، وابن عمر ، رضي الله عنهم ، وابن عباس والشعبي ، ، والنخعي ، وقتادة ، ويحيى الأنصاري ، وربيعة ، ومالك ، والشافعي ، والليث وإسحاق . وروى ، عن الميموني في المتيمم ، قال : إنه ليعجبني أن يتيمم لكل صلاة ، ولكن القياس أنه بمنزلة الطهارة حتى يجد الماء ، أو يحدث ; لحديث النبي صلى الله عليه وسلم في الجنب . أحمد
يعني قول النبي صلى الله عليه وسلم : يا ، { أبا ذر } . وهو مذهب الصعيد الطيب طهور المسلم ، وإن لم يجد الماء عشر سنين ، فإذا وجدت الماء فأمسه بشرتك ، سعيد بن المسيب والحسن ، والزهري ، ، وأصحاب الرأي . وروي عن والثوري ، ابن عباس وأبي جعفر ; لأنها طهارة تبيح الصلاة ، فلم تتقدر بالوقت كطهارة الماء . ولنا ، ما روى الحارث ، عن رضي الله عنه أنه قال علي . : التيمم لكل صلاة قال : تيمم لكل صلاة ; ولأنها طهارة ضرورة ، فتقيدت بالوقت ; كطهارة المستحاضة ، وطهارة الماء ليست للضرورة ، بخلاف مسألتنا . والحديث أراد به أنه يشبه الوضوء في إباحة الصلاة ، ويلزمه التساوي في جميع الأحكام . وابن عمر
إذا ثبت هذا ، فإنه إذا نوى بتيممه مكتوبة ، فله أن يصلي به ما شاء من الصلوات ، فيصلي الحاضرة ، ويجمع بين الصلاتين ، ويقضي فوائت ، ويتطوع قبل الصلاة وبعدها . هذا قول . وقال أبي ثور ، مالك : لا يصلي به فرضين . والشافعي
وقد روي عن ، أنه قال : لا يصلي بالتيمم إلا صلاة واحدة ، ثم يتيمم للأخرى . وهذا يحتمل أن يكون مثل قولهما ; لما روي عن أحمد ، أنه قال : من السنة أن لا يصلي بالتيمم إلا صلاة واحدة ، ثم يتيمم للأخرى . وهذا مقتضى سنة النبي صلى الله عليه وسلم ; ولأنها طهارة ضرورة فلا يجمع بها بين فريضتين ، كما لو كانا في وقتين . ولنا أنها طهارة صحيحة ، أباحت فرضا ، فأباحت فرضين ، كطهارة الماء ; ولأنه بعد الفرض الأول تيمم صحيح مبيح للتطوع ، نوى به المكتوبة ، فكان له أن يصلي به فرضا ، كحالة ابتدائه ; ولأن الطهارة في الأصول ، إنما تتقيد [ ص: 165 ] بالوقت دون الفعل ، كطهارة الماسح على الخف ، وهذه في النوافل ، وطهارة المستحاضة ; ولأن كل تيمم أباح صلاة أباح ما هو من نوعها ، بدليل صلوات النوافل . ابن عباس
وأما حديث ، فيرويه ابن عباس الحسن بن عمارة ، وهو ضعيف ، ثم يحتمل أنه أراد أن لا يصلي به صلاتين في وقتين ; بدليل أنه يجوز أن يصلي به صلوات من التطوع ، ويجمع بين صلاتين فرض ونفل ، وإنما امتنع ، لبطلان التيمم ، بخروج وقت الأولى منها . إذا ثبت هذا ، فإن الجمع بين فرضي وقتين إنما ذكر الخرقي ، ولم يذكر الجمع بين صلاتين ، وكذا ذكر الإمام قضاء الفوائت والتطوع ، فيحتمل أن لا يجوز الجمع بين الصلاتين . وهو مذهب أحمد . أبي ثور
والصحيح جواز الجمع ; لما ذكرنا من الأدلة ; ولأن ما أباح فرضين فائتين ما أباح فرضين في الجمع ، كسائر الطهارات . وقال الماوردي : ليس للمتيمم أن يجمع بين صلاتين بحال ; لأن الصلاة الثانية تفتقر إلى تيمم ، والتيمم يفتقر إلى طلب ، والطلب يقطع الجمع ، ومن شرطه الموالاة - يعني على مذهب - وهذا ينبغي أن يتقيد بالجمع في وقت الأولى ، فأما الجمع في وقت الثانية ، فلا تشترط له الموالاة في الصحيح . فإن قيل : فكيف يمكن قضاء الفوائت ، والترتيب شرط ، فيجب تقديم الفائتة على الحاضرة فكيف تتأخر الفائتة عنها ؟ قلنا : يمكن ذلك لوجوه : أحدها أن يقدم الفائتة على الحاضرة . الشافعي
الثاني أن ينسى الفائتة ، ثم يذكرها بعد الحاضرة . الثالث أن يخشى فوات وقت الحاضرة ، فيصليها ، ثم يصلي في بقية الوقت فوائت .
الرابع أنه فله أن يصلي الحاضرة في الجماعة في أول الوقت ، ويقدمها على الفوائت ، في إحدى الروايتين ; فإنه لا بد من تقديمها على بعض الفوائت ، فلا فائدة في تأخيرها ; ولأنه لو لزم تأخيرها إلى آخر وقتها ، للزم ترك الجماعة الحاضرة بالكلية إذا كثرت الفوائت بحيث لا يمكن قضاؤها قبل خروج وقت الحاضرة ،