( 490 ) فصل :
nindex.php?page=treesubj&link=79_708_683إذا توضأت المستحاضة ، ثم انقطع دمها ، فإن تبين أنه انقطع لبرئها باتصال الانقطاع ، تبينا أن وضوءها بطل بانقطاعه ; لأن الحدث الخارج مبطل للطهارة عفي عنه للعذر ، فإذا زال العذر زالت الضرورة ، فظهر حكم الحدث . وإن عاد الدم فظاهر كلام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد أنه لا عبرة بهذا الانقطاع . قال
أحمد بن القاسم : سألت
nindex.php?page=showalam&ids=12251أبا عبد الله ، فقلت : إن هؤلاء يتكلمون بكلام كثير ، ويوقتون بوقت ، يقولون : إذا توضأت للصلاة ، وقد انقطع الدم ثم سال بعد ذلك قبل أن تدخل في الصلاة ، تعيد الوضوء . ويقولون : إذا كان الدم سائلا ، فتوضأت ، ثم انقطع الدم ، قولا آخر .
قال : لست أنظر في انقطاعه حين توضأت سال أم لم يسل ، إنما آمرها أن تتوضأ لكل صلاة ، فتصلي بذلك الوضوء النافلة والفائتة ، حتى يدخل وقت الصلاة الأخرى ; وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها بالوضوء لكل صلاة ، من غير تفصيل ، فالتفصيل يخالف مقتضى الخبر ; ولأن اعتبار هذا يشق ، والعادة في المستحاضة وأصحاب هذه الأعذار أن الخارج يجري وينقطع ، واعتبار مقدار الانقطاع فيما يمكن فعل العبادة
[ ص: 208 ] فيه يشق ، وإيجاب الوضوء به حرج لم يرد الشرع به ، ولا سأل عنه النبي صلى الله عليه وسلم المستحاضة التي استفتته ، فيدل ذلك ظاهرا على عدم اعتباره مع قول الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=78وما جعل عليكم في الدين من حرج } ، ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من الصحابة هذا التفصيل .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي ،
nindex.php?page=showalam&ids=13372وابن عقيل : إن تطهرت المستحاضة حال جريان دمها ثم انقطع قبل دخولها في الصلاة ، ولم يكن لها عادة بانقطاعه ، لم يكن لها الدخول في الصلاة حتى تتوضأ ; لأنها طهارة عفي عن الحدث فيها لمكان الضرورة ، فإذا انقطع الدم زالت الضرورة ، فظهر حكم الحدث كالمتيمم إذا وجد الماء ، وإن دخلت في الصلاة فاتصل الانقطاع زمنا يمكن الوضوء والصلاة فيه ، فهي باطلة ; لأننا تبينا بطلان طهارتها بانقطاعه .
وإن عاد قبل ذلك ، فطهارتها صحيحة ; لأننا تبينا عدم الطهر المبطل للطهارة ، فأشبه ما لو ظن أنه أحدث ، ثم تبين أنه لم يحدث . وفي صحة الصلاة وجهان : أحدهما ، يصح ; لأننا تبينا صحة طهارتها ; لبقاء استحاضتها والثاني ، لا يصح ; لأنها صلت بطهارة لم يكن لها أن تصلي بها فلم تصح ، كما لو تيقن الحدث وشك في الطهارة ، فصلى ، ثم تبين أنه كان متطهرا . وإن عاودها الدم قبل دخولها في الصلاة لمدة تتسع للطهارة والصلاة ، بطلت الطهارة ، وإن كانت لا تتسع ، لم تبطل ; لأننا تبينا عدم الطهر المبطل للطهارة ، فأشبه ما لو ظن أنه أحدث ، فتبين أنه لم يحدث ، وإن كان انقطاعه في الصلاة ، ففي بطلان الصلاة به وجهان مبنيان على المتيمم يرى الماء في الصلاة .
ذكر ذلك
ابن حامد . وإن عاود الدم ، فالحكم فيه على ما مضى في انقطاعه في غير الصلاة . وإن توضأت في زمن انقطاعه ، ثم عاودها الدم قبل الصلاة أو فيها ، أو كانت مدة انقطاعه تتسع للطهارة والصلاة ، بطلت طهارتها بعود الدم ; لأنها بهذا الانقطاع صارت في حكم الطاهرات ، فصار عود الدم كسبق الحدث . وإن كان انقطاعا لا يتسع لذلك ، لم يؤثر عوده ; لأنها مستحاضة ، ولا حكم لهذا الانقطاع . وهذا مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي . وقد ذكرنا من كلام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد رحمه الله ما يدل على أنه لا عبرة بهذا الانقطاع ، بل متى كانت مستحاضة أو بها عذر من هذه الأعذار ، فتحرزت وتطهرت ، فطهارتها صحيحة ، وصلاتها بها ماضية ، ما لم يزل عذرها ، وتبرأ من مرضها ، أو يخرج وقت الصلاة ، أو تحدث حدثا سوى حدثها .
( 490 ) فَصْلٌ :
nindex.php?page=treesubj&link=79_708_683إذَا تَوَضَّأْت الْمُسْتَحَاضَةُ ، ثُمَّ انْقَطَعَ دَمُهَا ، فَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ انْقَطَعَ لِبُرْئِهَا بِاتِّصَالِ الِانْقِطَاعِ ، تَبَيَّنَّا أَنَّ وُضُوءَهَا بَطَلَ بِانْقِطَاعِهِ ; لِأَنَّ الْحَدَثَ الْخَارِجَ مُبْطِلٌ لِلطَّهَارَةِ عُفِيَ عَنْهُ لِلْعُذْرِ ، فَإِذَا زَالَ الْعُذْرُ زَالَتْ الضَّرُورَةُ ، فَظَهَرَ حُكْمُ الْحَدَثِ . وَإِنْ عَادَ الدَّمُ فَظَاهِرُ كَلَامِ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدَ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِهَذَا الِانْقِطَاعِ . قَالَ
أَحْمَدُ بْنُ الْقَاسِمِ : سَأَلْت
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ، فَقُلْت : إنَّ هَؤُلَاءِ يَتَكَلَّمُونَ بِكَلَامٍ كَثِيرٍ ، وَيُوَقِّتُونَ بِوَقْتٍ ، يَقُولُونَ : إذَا تَوَضَّأَتْ لِلصَّلَاةِ ، وَقَدْ انْقَطَعَ الدَّمُ ثُمَّ سَالَ بَعْدَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تَدْخُلَ فِي الصَّلَاةِ ، تُعِيدُ الْوُضُوءَ . وَيَقُولُونَ : إذَا كَانَ الدَّمُ سَائِلًا ، فَتَوَضَّأَتْ ، ثُمَّ انْقَطَعَ الدَّمُ ، قَوْلًا آخَرَ .
قَالَ : لَسْت أَنْظُرُ فِي انْقِطَاعِهِ حِينَ تَوَضَّأَتْ سَالَ أَمْ لَمْ يَسِلْ ، إنَّمَا آمُرُهَا أَنْ تَتَوَضَّأَ لِكُلِّ صَلَاةٍ ، فَتُصَلِّي بِذَلِكَ الْوُضُوءِ النَّافِلَةَ وَالْفَائِتَةَ ، حَتَّى يَدْخُلَ وَقْتُ الصَّلَاةِ الْأُخْرَى ; وَذَلِكَ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهَا بِالْوُضُوءِ لِكُلِّ صَلَاةٍ ، مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ ، فَالتَّفْصِيلُ يُخَالِفُ مُقْتَضَى الْخَبَرِ ; وَلِأَنَّ اعْتِبَارَ هَذَا يَشُقُّ ، وَالْعَادَةُ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ وَأَصْحَابِ هَذِهِ الْأَعْذَارِ أَنَّ الْخَارِجَ يَجْرِي وَيَنْقَطِعُ ، وَاعْتِبَارُ مِقْدَارِ الِانْقِطَاعِ فِيمَا يُمْكِنُ فِعْلُ الْعِبَادَةِ
[ ص: 208 ] فِيهِ يَشُقُّ ، وَإِيجَابُ الْوُضُوءِ بِهِ حَرَجٌ لَمْ يَرِدْ الشَّرْعُ بِهِ ، وَلَا سَأَلَ عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُسْتَحَاضَةَ الَّتِي اسْتَفْتَتْهُ ، فَيَدُلُّ ذَلِكَ ظَاهِرًا عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِهِ مَعَ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=78وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ } ، وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ هَذَا التَّفْصِيلُ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14953الْقَاضِي ،
nindex.php?page=showalam&ids=13372وَابْنُ عَقِيلٍ : إنْ تَطَهَّرَتْ الْمُسْتَحَاضَةُ حَالَ جَرَيَانِ دَمِهَا ثُمَّ انْقَطَعَ قَبْلَ دُخُولِهَا فِي الصَّلَاةِ ، وَلَمْ يَكُنْ لَهَا عَادَةٌ بِانْقِطَاعِهِ ، لَمْ يَكُنْ لَهَا الدُّخُولُ فِي الصَّلَاةِ حَتَّى تَتَوَضَّأَ ; لِأَنَّهَا طَهَارَةٌ عُفِيَ عَنْ الْحَدَثِ فِيهَا لِمَكَانِ الضَّرُورَةِ ، فَإِذَا انْقَطَعَ الدَّمُ زَالَتْ الضَّرُورَةُ ، فَظَهَرَ حُكْمُ الْحَدَثِ كَالْمُتَيَمِّمِ إذَا وَجَدَ الْمَاءَ ، وَإِنْ دَخَلَتْ فِي الصَّلَاةِ فَاتَّصَلَ الِانْقِطَاعُ زَمَنًا يُمْكِنُ الْوُضُوءُ وَالصَّلَاةُ فِيهِ ، فَهِيَ بَاطِلَةٌ ; لِأَنَّنَا تَبَيَّنَّا بُطْلَانَ طَهَارَتِهَا بِانْقِطَاعِهِ .
وَإِنْ عَادَ قَبْلَ ذَلِكَ ، فَطَهَارَتُهَا صَحِيحَةٌ ; لِأَنَّنَا تَبَيَّنَّا عَدَمَ الطُّهْرِ الْمُبْطِلِ لِلطَّهَارَةِ ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ ظَنَّ أَنَّهُ أَحْدَثَ ، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يُحْدِثْ . وَفِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ وَجْهَانِ : أَحَدُهُمَا ، يَصِحُّ ; لِأَنَّنَا تَبَيَّنَّا صِحَّةَ طَهَارَتِهَا ; لِبَقَاءِ اسْتِحَاضَتِهَا وَالثَّانِي ، لَا يَصِحُّ ; لِأَنَّهَا صَلَّتْ بِطَهَارَةٍ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَنْ تُصَلِّيَ بِهَا فَلَمْ تَصِحَّ ، كَمَا لَوْ تَيَقَّنَ الْحَدَثَ وَشَكَّ فِي الطَّهَارَةِ ، فَصَلَّى ، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ مُتَطَهِّرًا . وَإِنْ عَاوَدَهَا الدَّمُ قَبْلَ دُخُولِهَا فِي الصَّلَاةِ لِمُدَّةٍ تَتَّسِعُ لِلطَّهَارَةِ وَالصَّلَاةِ ، بَطَلَتْ الطَّهَارَةُ ، وَإِنْ كَانَتْ لَا تَتَّسِعُ ، لَمْ تَبْطُلْ ; لِأَنَّنَا تَبَيَّنَّا عَدَمَ الطُّهْرِ الْمُبْطِلِ لِلطَّهَارَةِ ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ ظَنَّ أَنَّهُ أَحْدَثَ ، فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يُحْدِثْ ، وَإِنْ كَانَ انْقِطَاعُهُ فِي الصَّلَاةِ ، فَفِي بُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِهِ وَجْهَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى الْمُتَيَمِّمِ يَرَى الْمَاءَ فِي الصَّلَاةِ .
ذَكَرَ ذَلِكَ
ابْنُ حَامِدٍ . وَإِنْ عَاوَدَ الدَّمُ ، فَالْحُكْمُ فِيهِ عَلَى مَا مَضَى فِي انْقِطَاعِهِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ . وَإِنْ تَوَضَّأَتْ فِي زَمَنِ انْقِطَاعِهِ ، ثُمَّ عَاوَدَهَا الدَّمُ قَبْلَ الصَّلَاةِ أَوْ فِيهَا ، أَوْ كَانَتْ مُدَّةُ انْقِطَاعِهِ تَتَّسِعُ لِلطَّهَارَةِ وَالصَّلَاةِ ، بَطَلَتْ طَهَارَتُهَا بِعَوْدِ الدَّمِ ; لِأَنَّهَا بِهَذَا الِانْقِطَاعِ صَارَتْ فِي حُكْمِ الطَّاهِرَاتِ ، فَصَارَ عَوْدُ الدَّمِ كَسَبْقِ الْحَدَثِ . وَإِنْ كَانَ انْقِطَاعًا لَا يَتَّسِعُ لِذَلِكَ ، لَمْ يُؤَثِّرْ عَوْدُهُ ; لِأَنَّهَا مُسْتَحَاضَةٌ ، وَلَا حُكْمَ لِهَذَا الِانْقِطَاعِ . وَهَذَا مَذْهَبُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ . وَقَدْ ذَكَرْنَا مِنْ كَلَامِ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِهَذَا الِانْقِطَاعِ ، بَلْ مَتَى كَانَتْ مُسْتَحَاضَةً أَوْ بِهَا عُذْرٌ مِنْ هَذِهِ الْأَعْذَارِ ، فَتَحَرَّزَتْ وَتَطَهَّرَتْ ، فَطَهَارَتُهَا صَحِيحَةٌ ، وَصَلَاتُهَا بِهَا مَاضِيَةٌ ، مَا لَمْ يَزُلْ عُذْرُهَا ، وَتَبْرَأْ مِنْ مَرَضِهَا ، أَوْ يَخْرُجْ وَقْتُ الصَّلَاةِ ، أَوْ تُحْدِثْ حَدَثًا سِوَى حَدَثِهَا .