قد عشت في الناس أطوارا على طرق شتى وقاسيت فيها اللين والفظعا
( 4910 ) مسألة ; قال : ( . فإن بال من حيث يبول الرجل فليس بمشكل ، وحكمه في الميراث وغيره حكم رجل . وإن بال من حيث تبول المرأة فله حكم امرأة ) [ ص: 221 ] الخنثى هو الذي له ذكر وفرج امرأة ، أو ثقب في مكان الفرج يخرج منه البول . وينقسم إلى مشكل وغير مشكل ، فالذي يتبين فيه علامات الذكورية ، أو الأنوثية ، فيعلم أنه رجل ، أو امرأة ، فليس بمشكل ، وإنما هو رجل فيه خلقة زائدة ، أو امرأة فيها خلقة زائدة ، والخنثى المشكل يرث نصف ميراث ذكر ، ونصف ميراث أنثى
وحكمه في إرثه وسائر أحكامه حكم ما ظهرت علاماته فيه ، ويعتبر بمباله في قول من بلغنا قوله من أهل العلم . قال : أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الخنثى يورث من حيث يبول ، إن بال من حيث يبول الرجل ، فهو رجل ، وإن بال من حيث تبول المرأة ، فهو امرأة ابن المنذر
وممن روي عنه ذلك ; ، علي ، ومعاوية ، وسعيد بن المسيب ، وأهل وجابر بن زيد الكوفة ، وسائر أهل العلم . قال ابن اللبان : روى ، عن الكلبي أبي صالح ، عن ، { ابن عباس } . وروي أنه عليه السلام { أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن مولود له قبل وذكر ، من أين يورث ؟ قال : من حيث يبول أتي بخنثى من الأنصار ، فقال : ورثوه من أول ما يبول منه . } ولأن خروج البول أعم العلامات ; لوجودها من الصغير والكبير .
وسائر العلامات إنما يوجد بعد الكبر ، مثل نبات اللحية ، وتفلك الثدي ، وخروج المني ، والحيض ، والحبل . وإن بال منهما جميعا ، اعتبرنا أسبقهما . نص عليه . وروي ذلك عن أحمد . وبه قال الجمهور . فإن خرجا معا ، ولم يسبق أحدهما ، فقال سعيد بن المسيب ، في رواية أحمد : يرث من المكان الذي ينزل منه أكثر . وحكي هذا عن إسحاق بن إبراهيم الأوزاعي ، وصاحبي أبي حنيفة
ووقف في ذلك ، ولم يعتبره أصحاب أبو حنيفة رضي الله عنه في أحد الوجهين . ولنا ، أنها مزية لإحدى العلامتين ، فيعتبر بها ، كالسبق . فإن استويا فهو حينئذ مشكل . فإن مات له من يرثه ، فقال الجمهور : يوقف الأمر حتى يبلغ ، فيتبين فيه علامات الرجل ; من نبات اللحية ، وخروج المني من ذكره ، وكونه مني رجل ، أو علامات النساء ; من الحيض . الشافعي
والحبل ، وتفلك الثديين . نص عليه ، في رواية أحمد . وحكي عن الميموني ، علي والحسن ، أنهما قالا : تعد أضلاعه ، فإن أضلاع المرأة أكثر من أضلاع الرجل بضلع .
قال ابن اللبان : ولو صح هذا ، لما أشكل حاله ، ولما احتيج إلى مراعاة المبال . وقال : يوقف إلى جنب حائط ، فإن بال عليه فهو رجل ، وإن شلشل بين فخذيه فهو امرأة جابر بن زيد
وليس على هذا تعويل ، والصحيح ما ذكرناه ، إن شاء الله تعالى وإنه يوقف أمره ما دام صغيرا ، فإن احتيج إلى قسم الميراث ، أعطي هو ومن معه اليقين ، ووقف الباقي إلى حين بلوغه ، فتعمل المسألة على أنه ذكر ، ثم على أنه أنثى ، وتدفع إلى كل وارث أقل النصيبين ، ويقف الباقي حتى يبلغ . فإن مات قبل بلوغه ، أو بلغ مشكلا ، فلم تظهر فيه علامة ، ورث نصف ميراث ذكر ، ونصف ميراث أنثى
نص عليه ، وهذا قول أحمد ، ابن عباس والشعبي ، ، وأهل وابن أبي ليلى المدينة ، ومكة ، ، والثوري واللؤلؤي وشريك ، ، والحسن بن صالح ، وأبي يوسف ، ويحيى بن آدم وضرار بن صرد ، . وورثه ونعيم بن حماد بأسوأ حالاته ، وأعطى الباقي لسائر الورثة . وأعطاه أبو حنيفة ومن معه اليقين ، ووقف الباقي حتى يتبين الأمر ، أو يصطلحوا الشافعي
وبه قال ، أبو ثور ، وداود . وورثه بعض أهل وابن جرير البصرة على الدعوى فيما بقي بعد اليقين ، وبعضهم بالدعوى من أصل المال . وفيه أقوال شاذة سوى هذه . ولنا ، قول ، ولم نعرف له في الصحابة منكرا ، ولأن حالتيه تساوتا ، فوجبت التسوية بين حكميهما ، كما لو [ ص: 222 ] تداعى نفسان دارا بأيديهما ، ولا بينة لهما ابن عباس
وليس توريثه بأسوأ أحواله بأولى من توريث من معه بذلك ، فتخصيصه بهذا تحكم لا دليل عليه ، ولا سبيل إلى الوقف ; لأنه لا غاية له تنتظر ، وفيه تضييع المال مع يقين استحقاقهم له .