( 6658 ) فصل : قال
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي :
nindex.php?page=treesubj&link=9227ولا يجوز استيفاء القصاص إلا بحضرة السلطان . وحكاه عن
أبي بكر . وهو مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ; لأنه أمر يفتقر إلى الاجتهاد ويحرم الحيف فيه ، فلا يؤمن الحيف مع قصد التشفي .
فإن استوفاه من غير حضرة السلطان ، وقع الموقع ، ويعزر ; لافتياته بفعل ما منع فعله . ويحتمل أن يجوز الاستيفاء بغير حضرة السلطان ، إذا كان القصاص في النفس ; لأن {
nindex.php?page=hadith&LINKID=4949رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم برجل يقوده بنسعة ، فقال : إن هذا قتل أخي . فاعترف بقتله . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : اذهب ، فاقتله } . رواه
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم بمعناه . ولأن اشتراط حضور السلطان لا يثبت إلا بنص
[ ص: 244 ] أو إجماع أو قياس ، ولم يثبت ذلك . ويستحب أن يحضر شاهدين ، لئلا يجحد المجني عليه الاستيفاء . وإذا أراد الولي الاستيفاء ، فعلى السلطان أن يتفقد الآلة التي يستوفي بها ، فإن كانت كالة منعه الاستيفاء بها ، لئلا يعذب المقتول .
وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=75شداد بن أوس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=23546إن الله كتب الإحسان على كل شيء ، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة ، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته ، وليرح ذبيحته } . وإن كانت مسمومة ، منعه الاستيفاء بها ; لأنها تفسد البدن ، وربما منعت غسله .
وإن
nindex.php?page=treesubj&link=9236_25367عجل فاستوفى بآلة كالة أو مسمومة ، عزر . وإن كان السيف صارما غير مسموم ، نظر في الولي ; فإن كان يحسن الاستيفاء ، ويكمله بالقوة والمعرفة ، مكنه منه ، لقوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=33ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا } . وقال عليه السلام : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=37025من قتل له قتيل ، فأهله بين خيرتين ، إن أحبوا قتلوا ، وإن أحبوا أخذوا الدية } . ولأنه حق له متميز ، فكان له استيفاؤه بنفسه إذا أمكنه ، كسائر الحقوق ، وإن لم يحسن الاستيفاء ، أمره بالتوكيل ; لأنه عاجز عن استيفاء حقه ، فإن ادعى الولي المعرفة بالاستيفاء ، فأمكنه السلطان من ضرب عنقه ، فضرب عنقه فأبانه ، فقد استوفى حقه ، وإن أصاب غيره ، وأقر بتعمد ذلك ، عزر .
وإن قال : أخطأت . وكانت الضربة في موضع قريب من العنق ، كالرأس والمنكب ، قبل قوله مع يمينه ; لأن هذا مما يجوز الخطأ في مثله ، وإن كان بعيدا ، كالوسط والرجلين ، لم يقبل قوله ; لأن مثل هذا لا يقع الخطأ فيه . ثم إن أراد العود ، ففيه وجهان ; أحدهما ، لا يمكن منه ; لأنه تبين منه أنه لا يحسن الاستيفاء ، ويحتمل العود إلى مثل فعله . والثاني : يمكن منه . قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي : لأن الظاهر تحرزه عن مثل ذلك ثانيا . وإن كان الولي لا يحسن الاستيفاء ، أمره بالتوكيل فيه ; لأنه حقه ، فكان له التوكيل في استيفائه ، كسائر حقوقه . فإن لم يجد من يوكله إلا بعوض ، أخذ العوض من بيت المال .
قال بعض أصحابنا : يرزق من بيت المال رجل يستوفي الحدود والقصاص ; لأن هذا من المصالح العامة . فإن لم يحصل ذلك ، فالأجرة على الجاني ; لأنها أجرة لإيفاء الحق الذي عليه ، فكانت عليه ، كأجرة الكيال في بيع المكيل . ويحتمل أن تكون على المقتص ; لأنه وكيله ، فكانت الأجرة على موكله ، كسائر المواضع ، والذي على الجاني التمكين دون الفعل ; ولهذا لو أراد أن يقتص من نفسه ، لم يمكن منه ، ولأنه لو كانت عليه أجرة التوكيل ، للزمته أجرة الولي إذا استوفى بنفسه .
nindex.php?page=treesubj&link=9209وإن قال الجاني : أنا أقتص لك من نفسي . لم يلزم تمكينه ، ولم يجز ذلك له ; لأن الله تعالى قال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=29ولا تقتلوا أنفسكم } . ولأن معنى القصاص أن يفعل به كما فعل ، ولأن القصاص حق عليه لغيره ، فلم يجز أن يكون هو المستوفي له كالبائع لا يستوفي من نفسه .
( 6658 ) فَصْلٌ : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14953الْقَاضِي :
nindex.php?page=treesubj&link=9227وَلَا يَجُوزُ اسْتِيفَاءُ الْقِصَاصِ إلَّا بِحَضْرَةِ السُّلْطَانِ . وَحَكَاهُ عَنْ
أَبِي بَكْرٍ . وَهُوَ مَذْهَبُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ ; لِأَنَّهُ أَمْرٌ يَفْتَقِرُ إلَى الِاجْتِهَادِ وَيَحْرُمُ الْحَيْفُ فِيهِ ، فَلَا يُؤْمَنُ الْحَيْفُ مَعَ قَصْدِ التَّشَفِّي .
فَإِنْ اسْتَوْفَاهُ مِنْ غَيْرِ حَضْرَةِ السُّلْطَانِ ، وَقَعَ الْمَوْقِعَ ، وَيُعَزَّرُ ; لِافْتِيَاتِهِ بِفِعْلِ مَا مُنِعَ فِعْلُهُ . وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَجُوزَ الِاسْتِيفَاءُ بِغَيْرِ حَضْرَةِ السُّلْطَانِ ، إذَا كَانَ الْقِصَاصُ فِي النَّفْسِ ; لِأَنَّ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=4949رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجُلٍ يَقُودُهُ بِنِسْعَةٍ ، فَقَالَ : إنَّ هَذَا قَتَلَ أَخِي . فَاعْتَرَفَ بِقَتْلِهِ . فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اذْهَبْ ، فَاقْتُلْهُ } . رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=17080مُسْلِمٌ بِمَعْنَاهُ . وَلِأَنَّ اشْتِرَاطَ حُضُورِ السُّلْطَانِ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِنَصٍّ
[ ص: 244 ] أَوْ إجْمَاعٍ أَوْ قِيَاسٍ ، وَلَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ . وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُحْضِرَ شَاهِدَيْنِ ، لِئَلَّا يَجْحَدَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ الِاسْتِيفَاءَ . وَإِذَا أَرَادَ الْوَلِيُّ الِاسْتِيفَاءَ ، فَعَلَى السُّلْطَانِ أَنْ يَتَفَقَّدَ الْآلَةَ الَّتِي يَسْتَوْفِي بِهَا ، فَإِنْ كَانَتْ كَالَّةً مَنَعَهُ الِاسْتِيفَاءَ بِهَا ، لِئَلَّا يُعَذِّبَ الْمَقْتُولَ .
وَقَدْ رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=75شَدَّادُ بْنُ أَوْسٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=23546إنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ وَلِيَحُدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ ، وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ } . وَإِنْ كَانَتْ مَسْمُومَةً ، مَنَعَهُ الِاسْتِيفَاءَ بِهَا ; لِأَنَّهَا تُفْسِدُ الْبَدَنَ ، وَرُبَّمَا مَنَعَتْ غُسْلَهُ .
وَإِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=9236_25367عَجَّلَ فَاسْتَوْفَى بِآلَةِ كَالَّةٍ أَوْ مَسْمُومَةٍ ، عُزِّرَ . وَإِنْ كَانَ السَّيْفُ صَارِمًا غَيْرَ مَسْمُومٍ ، نَظَرَ فِي الْوَلِيِّ ; فَإِنْ كَانَ يُحْسِنُ الِاسْتِيفَاءَ ، وَيُكْمِلُهُ بِالْقُوَّةِ وَالْمَعْرِفَةِ ، مَكَّنَهُ مِنْهُ ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=33وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا } . وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=37025مَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ ، فَأَهْلُهُ بَيْنَ خِيرَتَيْنِ ، إنْ أَحَبُّوا قَتَلُوا ، وَإِنْ أَحَبُّوا أَخَذُوا الدِّيَةَ } . وَلِأَنَّهُ حَقٌّ لَهُ مُتَمَيِّزٌ ، فَكَانَ لَهُ اسْتِيفَاؤُهُ بِنَفْسِهِ إذَا أَمْكَنَهُ ، كَسَائِرِ الْحُقُوقِ ، وَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ الِاسْتِيفَاءَ ، أَمَرَهُ بِالتَّوْكِيلِ ; لِأَنَّهُ عَاجِزٌ عَنْ اسْتِيفَاءِ حَقِّهِ ، فَإِنْ ادَّعَى الْوَلِيُّ الْمَعْرِفَةَ بِالِاسْتِيفَاءِ ، فَأَمْكَنَهُ السُّلْطَانُ مِنْ ضَرْبِ عُنُقِهِ ، فَضَرَبَ عُنُقَهُ فَأَبَانَهُ ، فَقَدْ اسْتَوْفَى حَقَّهُ ، وَإِنْ أَصَابَ غَيْرَهُ ، وَأَقَرَّ بِتَعَمُّدِ ذَلِكَ ، عُزِّرَ .
وَإِنْ قَالَ : أَخْطَأْتَ . وَكَانَتْ الضَّرْبَةُ فِي مَوْضِعٍ قَرِيبٍ مِنْ الْعُنُقِ ، كَالرَّأْسِ وَالْمَنْكِبِ ، قُبِلَ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ ; لِأَنَّ هَذَا مِمَّا يَجُوزُ الْخَطَأُ فِي مِثْلِهِ ، وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا ، كَالْوَسْطِ وَالرِّجْلَيْنِ ، لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ ; لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا لَا يَقَعُ الْخَطَأُ فِيهِ . ثُمَّ إنْ أَرَادَ الْعَوْدَ ، فَفِيهِ وَجْهَانِ ; أَحَدُهُمَا ، لَا يُمَكَّنُ مِنْهُ ; لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُحْسِنُ الِاسْتِيفَاءَ ، وَيَحْتَمِلُ الْعَوْدَ إلَى مِثْلِ فِعْلِهِ . وَالثَّانِي : يُمَكَّنُ مِنْهُ . قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14953الْقَاضِي : لِأَنَّ الظَّاهِرَ تَحَرُّزُهُ عَنْ مِثْلِ ذَلِكَ ثَانِيًا . وَإِنْ كَانَ الْوَلِيُّ لَا يُحْسِنُ الِاسْتِيفَاءَ ، أَمَرَهُ بِالتَّوْكِيلِ فِيهِ ; لِأَنَّهُ حَقُّهُ ، فَكَانَ لَهُ التَّوْكِيلُ فِي اسْتِيفَائِهِ ، كَسَائِرِ حُقُوقِهِ . فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُوَكِّلُهُ إلَّا بِعِوَضٍ ، أَخَذَ الْعِوَضَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ .
قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا : يُرْزَقُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ رَجُلٌ يَسْتَوْفِي الْحُدُودَ وَالْقِصَاصَ ; لِأَنَّ هَذَا مِنْ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ . فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ ذَلِكَ ، فَالْأُجْرَةُ عَلَى الْجَانِي ; لِأَنَّهَا أُجْرَةٌ لِإِيفَاءِ الْحَقِّ الَّذِي عَلَيْهِ ، فَكَانَتْ عَلَيْهِ ، كَأُجْرَةِ الْكَيَّالِ فِي بَيْعِ الْمَكِيلِ . وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ عَلَى الْمُقْتَصِّ ; لِأَنَّهُ وَكِيلُهُ ، فَكَانَتْ الْأُجْرَةُ عَلَى مُوَكِّلِهِ ، كَسَائِرِ الْمَوَاضِعِ ، وَاَلَّذِي عَلَى الْجَانِي التَّمْكِينُ دُونَ الْفِعْلِ ; وَلِهَذَا لَوْ أَرَادَ أَنْ يَقْتَصَّ مِنْ نَفْسِهِ ، لَمْ يُمَكَّنْ مِنْهُ ، وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَتْ عَلَيْهِ أُجْرَةُ التَّوْكِيلِ ، لَلَزِمَتْهُ أُجْرَةُ الْوَلِيِّ إذَا اسْتَوْفَى بِنَفْسِهِ .
nindex.php?page=treesubj&link=9209وَإِنْ قَالَ الْجَانِي : أَنَا أَقْتَصُّ لَك مِنْ نَفْسِي . لَمْ يَلْزَمْ تَمْكِينُهُ ، وَلَمْ يَجُزْ ذَلِكَ لَهُ ; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=29وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ } . وَلِأَنَّ مَعْنَى الْقِصَاصِ أَنْ يَفْعَلَ بِهِ كَمَا فَعَلَ ، وَلِأَنَّ الْقِصَاصَ حَقٌّ عَلَيْهِ لِغَيْرِهِ ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُسْتَوْفِيَ لَهُ كَالْبَائِعِ لَا يَسْتَوْفِي مِنْ نَفْسِهِ .