( 815 ) الفصل الرابع : وهو قسمان ; قسم تحريمه عام في الرجال والنساء ، وقسم يختص تحريمه بالرجال . فالأول ، ما يعم تحريمه ، وهو نوعان : أحدهما ، النجس لا تصح الصلاة فيه ، ولا عليه ; لأن الطهارة من النجاسة شرط ، وقد فاتت . والثاني ، المغصوب ، لا يحل لبسه ، ولا الصلاة فيه . وهل تصح الصلاة فيه ؟ على روايتين ; إحداهما ، لا تصح . والثانية تصح ، وهو قول فيما يحرم لبسه ، والصلاة فيه ، أبي حنيفة لأن التحريم لا يختص الصلاة ، ولا النهي يعود إليها ، فلم يمنع الصحة ، كما لو غسل ثوبه من النجاسة بماء مغصوب ، وكما لو صلى وعليه عمامة مغصوبة . والشافعي
ووجه الرواية الأولى ، أنه استعمل في شرط العبادة ما يحرم عليه استعماله ، فلم تصح ، كما لو صلى في ثوب نجس ، ولأن الصلاة قربة وطاعة ، وهو منهي عنها على هذا الوجه ، فكيف يتقرب بما هو عاص به ، أو يؤمر بما هو منهي عنه على هذا الوجه . وأما فإن الصلاة تصح ; لأن النهي لا يعود إلى شرط الصلاة ، إذ العمامة ليست شرطا فيها . وإن إذا صلى في عمامة مغصوبة ، أو في يده خاتم من ذهب ، فالخلاف فيها كالخلاف في الثوب المغصوب ، إلا أن صلى في دار مغصوبة ، قال في الجمعة : يصلي في مواضع الغصب ; لأنها تختص بموضع معين ، فالمنع من الصلاة فيه إذا كان غصبا يفضي إلى تعطيلها . فلذلك أجاز فعلها فيه ، كما أجاز صلاة الجمعة خلف أحمد الخوارج وأهل البدع والفجور ، كي لا يفضي إلى تعطيلها .
القسم الثاني ، ما يختص تحريمه بالرجال دون النساء ، وهو الحرير ، والمنسوج بالذهب ، والمموه به ، فهو حرام لبسه ، وافتراشه في الصلاة وغيرها ; لما روى أبو موسى ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { } . أخرجه حرام لباس الحرير والذهب على ذكور أمتي ، وأحل لإناثهم أبو داود ، والترمذي ، وقال : حديث حسن صحيح وعن رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { عمر بن الخطاب } . متفق عليه . ولا نعلم في تحريم لبس ذلك على الرجال اختلافا ، إلا لعارض ، أو عذر ، قال لا تلبسوا الحرير ; فإن من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة : هذا إجماع . ابن عبد البر
فإن صلى فيه ، فالحكم فيه كالصلاة في الثوب المغصوب ، على ما بيناه من الخلاف والروايتين . والافتراش كاللبس في التحريم ; لما روى عن البخاري ، قال : { حذيفة نهانا النبي صلى الله عليه وسلم أن نشرب في آنية الذهب والفضة ، وأن نأكل فيها ، وأن نلبس الحرير والديباج ، وأن نجلس عليه . }