( 830 ) فصل : لزمته الصلاة فيه ، لأنه قادر على السترة . فإن أعاره وصلى عريانا ، لم تصح صلاته ; لتركه الواجب عليه . ويستحب أن يعيره بعد صلاته فيه لغيره ، ليصلي فيه ; لقول الله تعالى : { فإن كان مع العراة واحد له ثوب ، وتعاونوا على البر والتقوى } . ولا يجب عليه ذلك ، بخلاف ما لو كان معه طعام فاضل عن حاجته ، ووجد من به ضرورة ، لزم إعطاؤه إياه ; لأنها حال ضرورة ، فإذا بذله لهم صلى فيه واحد بعد واحد ، ولم تجز لهم الصلاة عراة ; لأنهم قادرون على الستر ، إلا أن يخافوا ضيق الوقت ، فيصلي فيه واحد والباقون عراة .
وقال : لا يصلي أحد عريانا . وينتظر الثوب وإن خرج الوقت . ولا يصح ، فإن الوقت آكد من القيام ، بدليل ما لو كانوا في سفينة في موضع ضيق ، لا يمكن جميعهم الصلاة فيه قياما صلى واحد بعد واحد ، إلا أن يخافوا فوات الوقت فيصلون قعودا ، نص الشافعي على هذا . والقيام آكد من السترة عنده . وعلى رواية لنا ، والوجه الآخر أقيس عندي ، فإن المحافظة على الشرط مع إمكانه أولى مع إدراك الوقت ، بدليل ما لو جد ما لا يمكنه استعماله إلا بعد فوات الوقت ، أو سترة يخاف فوات الوقت إن تشاغل بالمخشي إليها ، والاستتار بها . فأولى أن يكون الوقت مقدما على الستر . فإن امتنع صاحب الثوب من إعارتهم ، أو ضاق الوقت عن أكثر من صلاة . الشافعي
[ ص: 348 ] فالمستحب أن يؤمهم صاحب الثوب ، ويقف بين أيديهم ، فإن كان أميا وهم قراء ، صلى الباقون جماعة على ما أسلفنا . قال : يصلي هو منفردا ، وإذا أراد صاحب الثوب إعارة ثوبه ، ومعهم نساء ، استحب أن يبدأ بهن ; لأنهن آكد في الستر . وإذا صلين فيه أخذه . فإذا تضايق الوقت ، وفيهم قارئ ، فالمستحب أن يبدأ به ; ليكون إمامهم . وإن أعاده لغير القارئ صار حكمه كحكم صاحب الثوب . فإن استووا ، ولم يكن الثوب لواحد منهم ، أقرع بينهم ، فمن خرجت له القرعة فهو أحق . وإن لم يستووا فالأولى به من تستحب البداية بإعارته ، على ما ذكرنا . القاضي