( 8073 ) مسألة ; قال : ( فإن لم ينو شيئا ، رجع إلى سبب اليمين وما هيجها ) وجملته أنه إذا عدمت النية ، نظرنا في سبب اليمين ، وما أثارها ; لدلالته على النية ، فإذا حلف لا يأوي مع امرأته في هذه الدار ، نظرنا ; فإن كان سبب يمينه غيظا من جهة الدار ، لضرر لحقه منها ، أو منة عليه بها ، اختصت بيمينه بها ، وإن كان لغيظ لحقه من المرأة يقتضي جفاءها ، ولا أثر للدار فيه ، تعلق ذلك بإيوائه معها في كل دار
وكذلك إذا حلف لا يلبس ثوبا من غزلها ، إن كان سببه المنة عليه منها ، فكيفما انتفع به أو بثمنه حنث وإن كان سبب يمينه خشونة غزلها ورداءته لم يتعد بيمينه لبسه ، والخلاف في هذه المسألة كالخلاف في التي قبلها ، وقد دللنا على تعلق اليمين بما نواه ، والسبب دليل على النية ، فيتعلق اليمين به ، وقد ثبت أن كلام الشارع إذا كان خاصا في شيء لسبب عام ، تعدى إلى ما يوجد فيه السبب ، كتنصيصه على تحريم التفاضل في أعيان ستة ، أثبت الحكم في كل ما يوجد فيه معناها ، كذلك في كلام الآدمي مثله ، فأما إن كان اللفظ عاما والسبب خاصا ، مثل من دعي إلى غداء فحلف لا يتغدى ، أو فكلام حلف لا يقعد ، فإن كانت له نية فيمينه على ما نوى وإن لم تكن له نية يقتضي روايتين ; إحداهما ، أن اليمين محمولة على العموم ; لأن أحمد سئل عن رجل حلف أن لا يدخل بلدا ، لظلم رآه فيه ، فزال الظلم ؟ فقال : النذر يوفي به . يعني لا يدخله . أحمد
ووجه ذلك أن لفظ الشارع إذا كان عاما ، لسبب خاص ، وجب الأخذ بعموم اللفظ دون خصوص السبب ، كذلك يمين الحالف . وذكر فيمن القاضي ، لا يحنث ; لأن قرينة الحال تنقل حكم الكلام إلى نفسها ، وإنما يملك منع الزوجة والعبد مع ولايته عليهما ، فكأنه قال : ما دمتما في ملكي . ولأن السبب يدل على النية في الخصوص ، كدلالته عليها في العموم ولو نوى الخصوص لاختصت يمينه به ، فكذلك إذا وجد ما يدل عليها . حلف على زوجته أو عبده أن لا يخرج إلا بإذنه ، فعتق العبد ، وطلق الزوجة ، وخرجا بغير إذنه
ولو أو حلف أن لا يرى منكرا إلا رفعه إلى فلان القاضي فعزل ، ففيه وجهان ، بناء على ما تقدم ; أحدهما : لا تنحل اليمين بعزله . قال حلف لعامل لا يخرج إلا بإذنه فعزل ، : هذا قياس المذهب ; لأن اليمين إذا تعلقت بعين موصوفة ، تعلقت بالعين وإن تغيرت الصفة . وهذا أحد الوجهين لأصحاب القاضي . والوجه الآخر ، تنحل اليمين بعزله . وهو مذهب الشافعي ; لأنه لا يقال : رفعه إليه . إلا في حال ولايته . فعلى هذا إن رأى المنكر في ولايته ، فأمكنه رفعه فلم يرفعه إليه حتى عزل ، لم يبر برفعه إليه حال كونه معزولا . وهل يحنث بعزله ؟ فيه وجهان ; أحدهما ، يحنث ; لأنه قد فات رفعه إليه ، فأشبه ما لو مات . أبي حنيفة
والثاني ، لا يحنث ; لأنه لم يتحقق فواته ، لاحتمال أن يلي فيرفعه إليه ، بخلاف ما إذا مات ، فإنه يحنث ; لأنه قد تحقق فواته ، وإذا مات قبل إمكان رفعه إليه ، حنث أيضا ; لأنه قد فات فأشبه ما لو حلف ليضربن عبده في غد ، [ ص: 26 ] فمات العبد اليوم ، ويحتمل أن يحنث ; لأنه لم يتمكن من فعل المحلوف عليه ، فأشبه المكره . وإن قلنا : لا تنحل يمينه بعزله . فرفعه إليه بعد عزله ، بر بذلك .